أذربيجان وسورية.. مرحلة جديد في العلاقات الثنائية

أكدت المستشارة القيادية في مركز تحليل العلاقات الدولية في جمهورية أذربيجان، لاله خليل زاده، أن العلاقات الثنائية بين سورية وأذربيجان دخلت مرحلة جديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد البائد في الـ 8 من كانون الاول الماضي، مشيرة إلى أنه تم اتخاذ خطوة جديدة في العلاقات الدبلوماسية مع استئناف أنشطة سفارة جمهورية أذربيجان في دمشق بعد انقطاع دام اثني عشر عاماً، مشددة على ظهور فرص جديدة لتطوير التعاون بين البلدين.
وقالت خليل زاده في مقال تلقت “الوطن” نسخة منه: “في العاشر من كانون الأول الماضي، أي بعد يومين من الإطاحة بنظام بشار الأسد في سورية، أصدرت وزارة الخارجية الأذربيجانية بياناً أعربت فيه عن أملها في استعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتُعتبر هذه الخطوة، المرحلة الأولى ضمن الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف المستويات”، وأشارت إلى أنه في ال٢٩ من كانون الأول الماضي، زار نائب وزير الخارجية الأذري يالتشين رافييف دمشق، والتقى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، وأكد وقوف أذربيجان مع تركيا، إلى جانب سورية في هذه المرحلة المهمة.
وبينت خليل زاده أن الشيباني أكد (حينها) أهمية تحرير أذربيجان لأراضيها المحتلة من أجل إرساء السلام ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع، مشيراً إلى أن أذربيجان، بالتعاون مع تركيا، تقف إلى جانب سورية في هذه الفترة المهمة، ومؤكداً أن هذا الدعم يحمل معنًى كبيراً لشعبي البلدين.
و نوهت بأنه في 30 كانون الاول الماضي، أرسلت أذربيجان أول قافلة مساعدات إنسانية إلى سورية، محمّلة بحوالى مئتي طن من المواد الغذائية والإمدادات، وذلك بناءً على توجيهات الرئيس إلهام علييف لدعم السكان المتضررين من الأزمة الإنسانية في سورية، وفي 28 شباط الماضي تم إرسال الجزء الثاني من المساعدات الإنسانية وشارك موظفو السفارة الأذرية بفعّالية في توزيع المساعدات الإنسانية التي تم تنظيمها في مخيم النازحين بقرية قره كوبرو بمحافظة حلب، مضيفة: إنه في الـ 28 من آذار الماضي نظّمت السفارة الأذرية في سورية مائدة إفطار لألف طفل يتيم في العاصمة دمشق، وخلال الحملة الخيرية ألقت رئيسة مجلس إدارة جمعية المرأة الخيرية مها دياب، كلمةً عبّرت فيها عن امتنانها للحكومة الأذربيجانية على هذه المبادرة النبيلة خلال الشهر الفضيل.
وأوضحت خليل زاده عمق العلاقات بين أذربيجان وسورية من حيث الروابط التاريخية والثقافية، حيث تأسست هذه العلاقات في عصر طريق الحرير، واستمرت قبل وبعد حصول أذربيجان على استقلالها، وكان شعبا البلدين قريبين من بعضهما بعضاً من خلال طرق التجارة، والعلاقات الدبلوماسية، والتكامل الثقافي، وشكّلا قيماً مشتركة، وقالت: “ليس من قبيل المصادفة أن قبر الشاعر العظيم من أذربيجان، عماد الدين نسيمي، يقع في مدينة حلب القديمة”.
وأشارت إلى أن العلاقات بين سورية وأذربيجان استمرت بعد حصول الأخيرة على استقلالها، وتمت إقامة العلاقات الدبلوماسية الأولى بين البلدين قبل ثلاثة وثلاثين عاماً، في 28 آذار 1992، حيث اتخذ الزعيم القومي للشعب الاذربيجاني حيدر علييف قراراً بإنشاء سفارة في دمشق في 11 نيسان 1997، وبدأت سفارة جمهورية أذربيجان في سورية عملها في 16 ايار 2008.
وتابعت خليل زاده: “انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين أذربيجان وسورية بعد عشرين عاماً من إقامتها، وتم تعليق عمل البعثة الدبلوماسية في تلك الفترة إلى أجل غير مسمى بسبب الوضع الأمني في سورية والوضع العسكري والسياسي المُعقّد آنذاك”.
وأكدت خليل زاده أن العلاقات السورية مع أذربيجان خلال النظام البائد لم تكن بالمستوى المطلوب، بسبب موقف الشتات الأرمني في سورية المناهض لأذربيجان وتركيا، فضلاً عن العلاقات الودية القائمة بين سورية وأرمينيا، وبينت أن النظام البائد في سورية خلق بعض المشاكل لأذربيجان في عدد من المنظمات الدولية ولم يتخذ موقفاً واضحاً بشأن قضايا وحدة أراضي أذربيجان، حيث أصدر ممثلو سورية تصريحات تتعارض مع مبدأ الوحدة الإسلامية في إطار منظمة التعاون الإسلامي، مشيرة إلى أن التجاوزات التي تعرضت لها أذربيجان في عهد النظام البائد لم تعكس موقف الشعب السوري تجاه الشعب الأذربيجاني.
وأوضحت أن أذربيجان تعمل جنباً إلى جنب مع تركيا بشأن القضية السورية، وأعلنت ذلك منذ الأيام الأولى، حيث أرسل الرئيس إلهام علييف في 15 شباط الماضي رسالة تهنئة إلى الرئيس أحمد الشرع، وأشار علييف في رسالته إلى أن أذربيجان تولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الودية والشراكة مع سورية، ودعا الرئيس الشرع لزيارة أذربيجان، وقال علييف: “برزت فرص جيدة لرفع العلاقات الأذربيجانية السورية إلى مستوى نوعي جديد وإثراء تعاوننا بمحتوى جديد”.
وختمت خليل زاده بالقول: “في ظل الوضع الراهن، ظهرت ظروف مواتية لرفع التعاون بين البلدين إلى مستوى جديد وإثرائه بمحتوى حقيقي، ويمكن القول : إن الخطوات الجديدة المتخذة ستسهم في تعزيز للعلاقات الأذربيجانية السورية، كما أن استئناف أنشطة السفارة سيرتقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.
الوطن