إنتفاضة «إيما واتسون»
لكن الحدث الذي لفتني واسترعى اهتمامي، هو إعلان ممثلة هوليود الشهيرة البريطانية الجنسية «إيما واتسون» تضامنها الصريح مع الشعب الفلسطيني الذي يعاني من أعتى أنواع التنكيل والظلم والاعتقال التعسفي والتمييز العنصري والقتل المتعمد والتهجير القسري ومصادرة المنازل والأراضي الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
«إيما واتسون» وفي وقت سابق، نشرت على حسابها في موقع إنستغرام، الذي يتابعه 64.3 مليون شخص، صورة لحشد فلسطيني يرفع علم فلسطين، أضيف إليها ملصق لواتسون بعنوان «التضامن فعل».
«إيما واتسون» سبق لها أن حازت جوائز عدة في هوليود كممثلة شابة واعدة وفي عام 2014 منحتها الأمم المتحدة لقب سفيرة للنوايا الحسنة للنساء، حيث زارت بلداناً إفريقية وآسيوية عدة وأبدت حماسة صادقة في مساعدة الشابات في تلك البلدان في تحقيق مبدأ العدالة والمساواة، وفي ردة فعلها على تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة للنساء في الأمم المتحدة علقت بالقول: إنه لشرف يخجل تواضعي، وأضافت: «لا يحظى كل شخص بالفرصة لإحداث فرق أو تغيير ولا شك أنني لن أستهين بهذه الفرصة التي مُنحت لي وسأبذل جهدي لإنجاحها».
في مقابلة صحفية طُلب منها أن تصف نفسها فكان جوابها: أعتبر نفسي روحانية عالمية، وهذا الوصف يكشف بوضوح عن المسار الذي تنتهجه واتسون من فكر وقّاد وعزيمة صلبة ورؤية واضحة لتحقيق المهمات الإنسانية النبيلة ومنها تحقيق العدالة الإنسانية للشعب الفلسطيني.
شكراً «إيما واتسون»، كلمة تصدرت مقالاً في صحيفة الإندبندنت البريطانية للكاتبة هارييت وليامسون تحت عنوان «الحقوق الفلسطينية تستحق المناصرة والاهتمام» لتعلن فيه عن تأييدها ودعمها لموقف واتسون المتضامن مع الشعب الفلسطيني.
الكاتبة هارييت وليامسون أشارت إلى موقف داني دانون السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة رئيس العمليات الخارجية لحزب الليكود الإسرائيلي وكتبت: «كما هو متوقع، لم يستغرق الأمر دقيقة واحدة بالنسبة لداني دانون، للمبادرة إلى اتهام «إيما واتسون» بمعاداة السامية، وأكدت الكاتبة وليامسون أن «الخلط بين اليهودية وكل الشعب اليهودي المؤيد لدولة إسرائيل وسياسات الحكومة الإسرائيلية أمر خاطئ للغاية».
لم يكن داني دانون الوحيد الذي اتهم واتسون بمعاداة السامية فلقد انهالت عليها وسائل الإعلام المؤيدة للعدو الإسرائيلي إضافة إلى شن حملة مركزة ضدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وانبرى لها اللوبي الصهيوني في محاولة لتشويه صورتها والإساءة إلى أعمالها ومناهضة رؤيتها للقضية الفلسطينية وتضامنها الصادق مع الشعب الفلسطيني.
اللافت أن أكثر من أربعين نجماً في هوليوود وقّعوا رسالة داعمة لواتسون وأعلنوا عن رفضهم لكل التهم التي وُجهت لها بمعاداة السامية والهادفة إلى تشويه موقفها الإنساني المتضامن مع الشعب الفلسطيني ومما جاء في الرسالة:
نضم صوتنا إلى صوت «إيما واتسون» بدعم العبارة المرفوعة «التضامن فعل» بما تحوي من تضامن بالمعنى وبالفعل مع الفلسطينيين الذين يناضلون من أجل حقوقهم الإنسانية في ظل سكوت أو تغاضي العالم والقانون الدولي.
إن ما جاء في رسالة النجوم يعتبر انتصاراً لرؤية واتسون الإنسانية تجاه حقوق الفلسطينيين العادلة وانتفاضة لنجوم بارزين مؤيدين لموقفها المتضامن مع القضية الفلسطينية المحقة ورفضها للظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
إنها المرة الأولى التي تتجرأ فيها أصوات مهمة في العالم على أن تضمّ صوتها إلى صوت الحق في التفريق بين التضامن مع الشعب الفلسطيني وبين الادعاء بمعاداة السامية بعد انكشاف زيف الصهاينة وادعائهم بأنهم دعاة الديمقراطية وإنهم من أنصار الدفاع عن حقوق الإنسان فيما يشهد العالم على ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي ما فتئت تقوم بالتنكيل والتهجير والقتل وممارسة التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.
يوماً بعد يوم يتأكد العالم كما الإنسانية بأن القضية الفلسطينية هي قضية حق وأن الشعب الفلسطيني تم قتله وتهجيره عن أرضه والتنكيل به ليل نهار إضافة إلى محاولات الغرب الدائمة لإسكات الأصوات المطالبة بإنصاف الشعب الفلسطيني والاعتراف بقضيته العادلة وبطمس كل ما يشير إلى احتلال الصهاينة لأرض فلسطين العربية في حين تفاخر كل من بريطانيا وأميركا وأوروبا بشن الحروب الزائفة بدعوة المحافظة على الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم.
إننا تكتب عن تضامن «ايما واتسون» مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة نظراً لأهمية الموقف الصادر عن ممثلة بريطانية قررت تحدي كل أصناف التزوير والتحوير الغربي المتعمد لحرف الأنظار عن أسمى قضية عادلة وذلك انطلاقاً من المهام التي انيطت بـ«إيما واتسون» كسفيرة أممية للنوايا الحسنة في العالم.
واتسون نجحت وبضمير إنساني بإحداث خرق في جدار اللامبالاة اللإنسانية والأممية بحق مظلومية الشعب الفلسطيني وبإعلانها موقفها المتضامن مع الحق الإنساني للفلسطينيين نستطيع القول إن واتسون استطاعت إزالة قناع الإنسانية والديمقراطية التي تتغنى بها دول الغرب.
علمنا التاريخ أن الموقف الحق هو أمضى سلاح لمواجهة الظلم والفجور، أما الممثلة البريطانية ورغم النجومية والجوائز وتعيينها سفيرة أممية فإن ضميرها الإنساني لم يمنعها من إعلان موقفها الواضح بالتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، فيما ضمير معظم الحكام العرب أصابه سبات أهل الكهف وتراه يلوذ في صمت مطبق.
إن موقف واتسون أماط اللثام عن بعض الأنظمة العربية المترهلة والمتهالكة نحو تطبيع العلاقات مع قاتل الشعب الفلسطيني والمحتل للمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ولمهد السيد المسيح وهو العدو الإسرائيلي المغتصب لفلسطين والمحتل للجولان السوري.
إن موقف واتسون يرتقي إلى مرتبة الانتفاضة ضد ظلم النظم العربية التي ما فتئت تتآمر لطمس القضية الفلسطينية ولتوطين الفلسطينيين خارج فلسطين التاريخية، تلك النظم التي اعترفت صراحة بالكيان الصهيوني وبسلطته على فلسطين والتي ما انفكت تصف حركات المقاومة ضد المحتل الإسرائيلي بالإرهابية.
انتفاضة واتسون شعلة مضيئة وسط عتمة عربية حالكة وصرخة صادقة علها تحفز الضمير العربي للصحو من سباته العميق، وهي خطوة يبنى عليها لأنها فعل ضمير إنساني ضد ظلم صهيوني جائر يمارس بحق شعب فلسطين الذي يناضل من أجل إحقاق العدالة والتحرر من نير احتلال مجرم.