وزير التجارة الداخلية: الحرب على الليرة تدار من الخارج واستغلها عدد من التجار
وصف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف اجتماعه أمس مع مديري المؤسسات وفروعها التابعة للوزارة، بأنه «إسعافي»، لمناقشة الإجراءات والآليات المتخذة لمواجهة تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار على السلع والمواد المستوردة والمنتجة محلياً.
وفي تصريح لـ«الوطن» بيّن النداف أن الحرب الأشد حالياً هي الحرب الاقتصادية، على بلد يواجه الإرهاب منذ تسع سنوات، وتداعيات هذه الأزمة لا تزال مؤثرة ولم تنته، مع انخفاض حاد في الإيرادات، وازدياد المتطلبات، مؤكداً أن هذه الحرب على الليرة السورية «مقصودة، وتدار من الخارج من مضاربين ومواقع خارجية، بهدف التلاعب بسعر الصرف، وإضعاف الليرة السورية، وللأسف فقد استغل هذه الأزمة عدد من التجار وغيرهم من الموظفين لتكديس الأموال»، مشدداً على أن بوصلة الحكومة هي المواطن ذو الدخل المحدود.
وأشار إلى أن تداعيات هذه المرحلة من الحرب على الليرة السورية سوف تصب في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهنا يأتي دور الوزارة من خلال أذرعها للتدخل الإيجابي، وبشكل أساسي على مديريات حماية المستهلك والمؤسسة السورية للتجارة، داعياً إلى التشدد في مراقبة الأسواق وعدم التساهل بحق كل من يقوم بعملية الغش والخداع أو بيع مواد فاسدة أو منتهية الصلاحية أو يتلاعب بالأسعار والمواصفات ولا يلتزم بالتداول بالفواتير، مؤكداً ضرورة تشكيل فرق من عناصر حماية المستهلك تتابع المستودعات والمعامل ومصادر الإنتاج، وتتأكد من نوعية المواد والسلع فيها وأسعارها الحقيقية والقيام بإجراء التحاليل والفحوص المخبرية باستمرار، وسحب عينات للتأكد من مطابقتها للمواصفات المطلوبة.
حذّر النداف من أن المرحلة الحالية لا تتحمل أي تساهل، «والتعامل سيكون قاسياً مع أي فرد في أي مؤسسة يتساهل في أداء واجبه سواء كان مديراً عاماً أم موظفاً، والعقوبات ستكون غير مسبوقة، ولن يتم الاكتفاء بالإحالة للرقابة أو الإعفاء، وهذا تحذير شديد اللهجة للمقصرين بواجباتهم».
وطالب بضرورة إعادة النظر وتفعيل التسعير المركزي والمحلي والصك السعري، وإصدار نشرات أسعار الخضار والفواكه بشكل صحيح وحقيقي، وإلزام أصحاب الفعاليات بآلية تسعير المواد والسلع وبنشرة الأسعار الصادرة عن الوزارة ومديرياتها، والتوسع بعملية بيع اللحوم والدجاج وطرحها في صالات ومنافذ بيع السورية للتجارة.
تحدث المشاركون في الاجتماع عن عدد من المواضيع، من بينها أن الارتفاع الحالي بالأسعار غير متناسب مع ارتفاع سعر الصرف، باعتبار هناك تكاليف إضافية تدخل في عملية التسعير ولم يطرأ عليها أي تغيير، سواء فواتير الكهرباء والماء أو أجور النقل والعمال فهي ما تزال ثابتة، ولم تتغير، ولذلك فحديث التجار بأن سعر الصرف له تأثير كبير هو كلام غير دقيق ونسبة تأثيره أقل بكثير مما يدعون.
ودعا المشاركون لعقد اجتماعات دورية في المحافظات مع غرف التجارة لتوضيح الأسباب ووضع الحلول معهم، إضافة إلى إمكانية إقامة قاعدة بيانات للمواد الأساسية بالمحافظات وتكاليفها ومدى انسيابها بالأسواق ومراقبتها، مع جرد كامل للمستودعات والكميات الموجودة ضمنها مع الفواتير المقدمة من التجار، لضبط الكميات ومنع الاحتكار، حيث يوجد بوادر لبدء الاحتكار ويجب قطع الطريق عليها.
وبحسب ما تم طرحه فإن الارتفاع في الأسعار يأتي بشكل أساسي من محافظتي دمشق وحلب لكونهما محافظتين منتجتين، لوجود أغلب المنشآت الصناعية المنتجة فيهما، وقد ارتفعت أسعار هذه المنتجات بنسبة 25%، ولذلك فإن بقية حلقات الوساطة التجارية من تجار المفرق والجملة ونصف الجملة تقوم برفع الأسعار ضعف هذه النسبة، مع العلم بأن هذه المنتجات تنتج محلياً وغير مستوردة، وتأثير سعر الصرف عليها محدود، بالمقارنة مع أسعار الخضار والفواكه المستقرة وهي تتأثر بشكل أساسي بالمواسم وتوافر السلعة وليس بأسعار الصرف.
تاجر الحكومة
أشار النداف إلى أن الارتفاع الحالي في سعر الفروج والبيض سببه دعم المربين من خلال تدخل السورية للتجارة باستجرار نحو 1.8 ألف طن من المربين ليستمروا بعملهم، فبحسب دراسة مقدمة من وزارة الزراعة كانت تكلفة كيلو غرام الفروج 715 ليرة سورية على حين كان يباع بحوالى 675 ليرة سورية، وهذه السياسة في الدعم تتبع مع أي سلعة أخرى تنتج محلياً من الخضار والفواكه وغيرها، لدعم المنتجين محلياً في فترات محددة، لعدم خروجهم من الإنتاج وبالتالي يصبح التأثير أكبر ويصبح من الصعب التحكم بالأسعار نتيجة انخفاض الإنتاج.
وطالب بتفعيل نشاط وعمل فروع السورية للتجارة بالمحافظات لتكون كما تريدها الحكومة الرافعة الحقيقية، وتاجر الحكومة في مواجهة أشكال الحرب الاقتصادية بكل طاقاتها، لضبط حركة البيع والشراء في الأسواق، وأن يكون هناك تعاون وثيق بين فروع السورية للتجارة بالمحافظات، من خلال الإضاءة أو التعريف على المعامل والمنتجات التي يتم تصنيعها وإنتاجها في كل محافظة، وحقيقة أسعارها وجودتها، بهدف تغطية احتياجات كل محافظة من تلك السلع أو المنتجات بأسعار مناسبة.
وكشف النداف عن سلسلة من القرارات والإجراءات التي ستصدر عن الحكومة لخدمة ومصلحة المواطن، منها توقيع السورية للتجارة على اتفاق مع المصارف العامة السورية لمنح العاملين بالدولة قروضاً بحدود ثلاثمئة ألف ليرة سورية من دون فائدة لشراء المواد والسلع الأساسية من السورية للتجارة، وقروض أخرى للسلع المعمرة إضافة إلى قرارات تتعلق بالسماح بفتح منافذ أو صالات بيع في وزارات ومؤسسات الدولة وفق شروط يتم تحديدها.
وكان النداف قد ترأس اجتماعاً نوعياً آخر بحضور المدير العام للسورية للحبوب والمدير العام للشركة العامة للمخابز تم خلاله استعراض ومناقشة الآليات المتبعة حالياً في تأمين وصول الدقيق إلى المخابز العامة والخاصة وضرورة إيجاد آلية جديدة تضمن الحد من الهدر وعدم المتاجرة بمادة الدقيق في السوق السوداء، ووضع آلية جديدة لعمل المخابز وإجراء أعمال الصيانة بما يضمن استمرار تشغيل خطوط الإنتاج وإنتاج رغيف الخبز وفق أفضل الشروط والمواصفات المطلوبة والتصدي لحالات الهدر في مستلزمات الإنتاج ووضع الضوابط التي تضمن تنفيذ جميع الإجراءات بشكل صحيح وسليم، مؤكداً أهمية العمل لمعالجة آلية منح التراخيص الممنوحة للمخابز التموينية الخاصة وإعادة النظر بهيكلية الجهات المعنية المسؤولة عن توزيع مادة الدقيق التمويني على المخابز الخاصة وإعلامه بكل الإجراءات التي سيتم اتخاذها خلال خمسة عشر يوماً.
علي محمود سليمان