الذكاء الليلي
أعلمتني بطاقتي الذكية أنه وبناء على آخر تاريخ لاستلامي جرة غاز أصبح لي في ذمة وزارة النفط جرتان!
هذا ينفي ذكاء الحلول التي ابتدعت من القائمين على الشأن النفطي لحل أزمة الغاز المتجددة المستمرة، ويبرئ ساحة المواطن أن جشعه هو السبب وراء نقص المادة، كما يؤكد فشلهم بالحد من السوق السوداء التي مازالت ورغم كل شح المادة يمكن الحصول منها على أسطوانة الغاز سواء الذكي أم غير الذكي وفق أسعار فلكية.
نقص الغاز لم يؤثر في مأكولاتي فقط بل كان هو السبب على ذمة وزارة الكهرباء وراء العتمة في سهراتي، حيث انبرت محملة إياه المسؤولية كاملة عن نقص الإنتاج وزيادة ساعات التقنين، التي على رغم وعود وزير النفط بزيادة نصيب محطات التوليد مع دخول حقول جديدة إلى العمل، لم تشهد أي تخفيض.
معاناتي تضاءلت مساء أمس الأول، عندما شاهدت مجموعة من الرجال يصطفون أمام مقر السورية للتجارة في منطقة الجمارك بانتظار وصول سيارة الغاز رغم الظلمة والبرد كما جرت العادة مؤخراً، لتكون المفاجأة بعد خطوات عند رؤيتي مجموعة من النساء متراصات بجانب بعضهن على الرصيف يعلوهن غطاء في محاولة لالتماس القليل من الدفء في الجانب الثاني من باب المركز، ما دفعني للتساؤل هل ضاقت ساعات النهار حتى تضطر المؤسسة للتوزيع ليلاً، أم إنه أحد الحلول الذكية لمكافأة الصابرين المتحملين عناء الانتظار وألم البرد، وآخر أتركه في ذمة القادم من الأيام، هل يمكن أن نأمل بأن يعوضنا ذكاؤهم عن مخصصاتنا المتراكمة، أم إنه سيكون مثل وعودهم من دون طعم أو لون؟
محمد راكان مصطفى