منوعات

الفن التشكيلي بين المبادرات والانتشار الالكتروني

القادم كلّه مرتبط بالتواصل والانتشار الالكتروني، ببساطة هكذا هي الخطة. هناك كثيرون ممن سبقونا في هذا المجال، واحترفوا التسويق على الانترنت، إلا أن معظم تجارة الأعمال الفنية أو عرضها بالخصوص لازالت تجري بطرق تقليدية في بلادنا، رغم التفات قلة قليلة جدا من فنانينا لهذه الوسيلة التي تتيح لهم فرصة كبيرة لتصريف أعمالهم، بل وتمكّنهم من الوصول إلى راغبين ومهتمين ومقتنين في كل أنحاء العالم.
في هذه الفترة وبسبب الجائحة الكورونية، انطلقت مبادرة لفنانين تشكليين من سورية وخارجها، نشروا أعمالهم ضمن معرض فني الكتروني على صفحات التواصل الاجتماعي نظمه ملتقى أورنينا للثقافة والفنون بحمص، ومن وجهة نظر القائمين على المبادرة، هي ضرورية في وقتنا هذا وخصوصا أن أغلب الأنشطة الثقافية توقفت، وأصبحت المواقع الإلكترونية هي الملاذ الأفضل للنشر والتواصل مع الجمهور، هذا و عن آلية التنفيذ تمت بإرسال اللوحات كصور على الموقع الإلكتروني المخصص، وكما أشرنا أعلاه للدور التسويقي للانترنت في العالم فهو مستثمر في عرض وتسويق الأعمال الفنية، ولكن بحسب الفنان والناقد التشكيلي، عمار حسن، لا يمكن إقامة معرض فني بالسبل الإلكترونية فقط، ويتابع في حديثه معنا “النص البصري ليس كالنص الشعري يمكن قرأته رقيما بنفس الإحساس والجودة، فاللوحة تتأثر بشكل التصوير والمعالجات اللاحقة وبحساسية الشاشات المختلفة لجهة إظهار اللون والدقة وهذا أساسي في قراءة العمل التشكيلي، لذلك لا تعتبر الشاشة الحالة الجيدة لقراءة اللوحة التشكيلية وإن كانت مدخلا جيدا للاطلاع على اللوحة، ريثما يتم مشاهدتها بشكل حي، وقد تختلف المعادلة جذريا بعد الرؤية، لذلك لا يعول برأيي على عملية الاقتناء عبر الشاشة، إلا في حدود معرفة الفنان وأسلوبه، لكنها فكرة جيدة لإطلاق أعمال الفنان والتعرف عليها بصورة أسرع وأكثر من قبل المهتمين في كل مكان في العالم وهذا أمر جيد للغاية”.
مؤكدا على أهمية المبادرات والملتقيات التي من شأنها أن تعزز التعريف بالفنان وبأعماله ورؤيته “أنا مع كل ما يخدم الفنان أولا، وإذا ما رافقه التنظيم الجيد سيخدم المشهد التشكيلي في البلد بلا شك”.
وفي معرض الحديث لابد لنا من الإشارة إلى أن مفهوم تسويق الفنان التشكيلي لنفسه أولا وللفن الذي ينتجه ثانيا، هو بحد ذاته فن ويتطلب ممن يمارسه بأن يكون شخصا يتمتع بقدرة عالية على الخلق و الابتكار في صياغة الأفكار التي يجب أن يحولها إلى واقع ملموس، وهذا ما أكد عليه الناقد والتشكيلي حسن بشرحه للأسلوب الواجب اتباعه عند التسويق للأعمال الفنية عبر الانترنت قائلا ” عملية التسويق عبر النت معروفة ورائجة منذ عقود، عبر العالم، وبأسعار معقولة بالنسبة للإنسان المحدود الدخل، وهنا يجب القياس على الغرب في طريقة التسويق والتسعير، وهو أمر كان قبل كورونا فالعالم يتجه للتواصل والتشارك والتسويق الرقمي بكل شيء، وإن كنت أتحفظ على خداع الصورة وخصوصا صورة اللوحة فهي أما تظلمها أو تعلّي كثيرا من شأنها إذا لم يوجد مصور محترف في تقديمها، وجهة موثوقة فيما تقدمه ومرفق بشروحات عن اللوحة كالخامة والقياس والفكرة وغير ذلك.
في الختام أنا أشجع أي منبر لتقديم الفن السوري ولكن من يبقى هو من يستطيع حصد الثقة والمصداقية من الفنانين والجمهور وهذا أمر صعب للغاية”.
من جانبه لفت الفنان التشكيلي، محي الدين الحمصي، إلى أن الملتقيات التي تعرض الأعمال الفنية عبر المواقع الالكترونية هي جيدة وتستحق كأسلوب يمكن الاعتماد عليه في ظل الظروف الراهنة مضيفا ” أنا أعتبر أن إقامة تشاركية لعرض أعمال فنية على مواقع السوشال ميديا، هي أشبه بالإعلان عن مادة أو ترويج لمنتج فني ما . هذا وبمكان آخر أنا أجد أنه من الضرورة أن يتم عرض الأعمال، فإن لم يراها المتلقي عن قرب أو التقى الفنان نفسه بالمحيط الذي يتخلله المعرض، أو يسمع آراء الحضور الناقدة والمشجعة، هذه كلّها عوامل تساهم في مساعدته لتهيئة ذائقتة البصرية والفكرية، عدا عن أن عرض العمل الفني الكترونيا يحتاج لمهارة عالية لنقل الدقة لواقع العمل، بمعنى رؤيتنا لصور الأعمال لن تبرز كامل التفاصيل كما نراه في الغاليريات، إذا طريقة العرض تحتاج احترافية عالية، وهنا لازلنا في بدايات الترويج أو التسويق الالكتروني الذي يتطلب المهارات الواجب السعي إليها، فكل دول العالم سبقتنا بمراحل”.

سوسن صيداوي – الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock