القادري: لسنا مع أي حلّ يستشف منه عمليات خصخصة ولسنا ضد التشاركية لكن بشروط
أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري أن اللجنة العليا المكلفة إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي بدأت أعمالها لأنه أصبح من الضروري أن تكون هذه المؤسسات والشركات العامة ذات الطابع الاقتصادي ذراعاً حقيقية للدولة، الأمر الذي يؤكد ضرورة التركيز على تحسين أداء هذه المؤسسات والشركات، وتحسين مرونتها وآليات عملها، بما فيها الأنظمة والتشريعات التي تعمل بموجبها.
وفي تصريح لـ«الوطن»، بيّن القادري وهو عضو اللجنة، أن العمل يكتسب أهمية كبيرة باعتباره خطوة على طريق التعافي للاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أن هناك بعض القضايا الاقتصادية تحتاج إلى التوقف عندها، وإيجاد الحلول لبعض المشاكل التي تواجه العديد من القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى الحرب الاقتصادية التي لا تقل ضراوة عن الحرب الإرهابية، والتي استهدفت الكثير من المعامل والمنشآت والخدمات، بما فيها الماء والكهرباء والغاز.. إضافة إلى العديد من الموارد التي تعتبر القوة المحركة للاقتصاد السوري.
وأضاف: «اليوم نحن في إطار مرحلة التعافي لما بعد الحرب، وتشكيل اللجنة العليا أمر مهم وضروري، ويأتي في مكانه الصحيح، لوضع الإطار السياساتي العام لعملية إصلاح القطاع العام الاقتصادي، والدخول منه إلى القطاع الصناعي والمالي والخدمي وصولاً إلى قطاع الأشغال العامة، وهو أمر ضروري في مرحلة إعادة الإعمار، والأهم أن البداية انطلقت من الصناعة، حيث قامت هيئة التخطيط والتعاون الدولي بإعداد قاعدة بيانات للمؤسسات الصناعية بالتعاون مع وزارة الصناعة، وكان الاتفاق على البدء بإصلاح القطاع العام الاقتصادي نظراً لأهميته، علماً بأنه يعاني من اختلالات بنيوية من قبل الحرب، ويعاني من قدم في الآلات والتقانة، وهذا يتطلب الاستبدال والتجديد».
ورأى القادري أن القطاع العام الصناعي يعاني من واقع إداري ليس بالمستوى المطلوب، وكان الاتفاق داخل اللجنة العليا لإصلاح القطاع العام الاقتصادي بمقاربة واقع القطاع العام الصناعي لتكون هذه المؤسسات الصناعية أرضية للانطلاق لإصلاح القطاع العام الصناعي، ومن ثم الاقتصادي، مشيراً إلى أن الموضوع ما زال في طور النقاش، لأن أي عملية إصلاح لها جوانب متعددة، وتواجه العديد من التحديات الكثيرة، منوهاً بأن النقاش ما زال منصب حول وضع أفضل السبل لتحقيق الإصلاح.
الجدّية
رأى القادري أن ما يميز عمل اللجنة خلال المرحلة الراهنة عن لجان إصلاح القطاع الاقتصادي السابقة التي شكلت في إطار إصلاح القطاع العام الاقتصادي الصناعي هو الجدية بين أعضاء اللجنة على إيجاد آلية تنفيذية لما يقرّ فوراً من قبل اللجنة، بحيث تشكل لجان تنفيذية في كل وزارة يستهدفها الإصلاح تضم عدداً من المعنيين ورؤساء الاتحادات في الجهات المختصة في مجال عمل الوزارة، بحيث كل ما يتفق عليه تعمل اللجنة على تنفيذه، ويتم رصد المعوقات وإيجاد الحلول لها.
وعبر القادري عن تفاؤله بعمل هذا اللجنة، خاصة وأن هناك العديد من اللجان التي شكلت في الماضي لإصلاح القطاع العام الاقتصادي، مضيفاً: «لكن للأسف بقيت مقترحات هذه اللجان حبيسة الأدراج، وذلك لعدة أسباب، منها عدم واقعية بعض هذه الدراسات في الجوانب الكثيرة، وأهمها عدم توافر الإرادة وغياب البوصلة أحياناً».
وركز القادري على أن الانطلاق يجب أن يكون من معرفة ما نريد من القطاع العام الصناعي، مبيناً أن هناك خيارات متعددة، لكن الخيار الذي نريده هو التمسك بالقطاع العام، لكن ليس أي قطاع عام، مشيراً إلى أن القطاع العام المطلوب والذي يجب أن نتمسك فيه «هو القطاع الصناعي السليم والرابح والمجدي، والذي تكون مخرجاته في خدمة الاقتصاد الوطني وخدمة المجتمع بأكمله، ولاسيما أن الحرب التي واجهناها أثبتت مدى الحاجة إلى وجود قطاع عام قوي، لأنه في الحقيقة ما تبقى من القطاع العام هو الذي حمى البلد، ومكننا من الصمود في الجانب الاقتصادي، طبعا إلى جانب عوامل أخرى حتى نكون منطقيين ومنصفين».
وأضاف: «نحن كاتحاد عمال، متمسكون بوجود القطاع العام، وبوجود الإصلاح، ولاشيء غير الإصلاح، فالإصلاح ممر إجباري لمنشآت هذا القطاع».
ولفت القادري إلى أن إصلاح القطاع العام الصناعي، تقنياً، ضروري، لأن هناك حاجة ماسة للاستبدال والتجديد، علماً بأن البعض يقول إن هذه القضية مكلفة، لكنها في المستقبل تغطي أضعاف تكاليفها، مضيفاً «نحن مصرّون على إصلاح القطاع العام في الجانب الإداري، وهو أمر في غاية الأهمية لتهيئته، وإعطاء المرونات الكافية له للعمل، وأهم خطوة في الإصلاح هي إخراج القطاع العام الصناعي من بوتقة الروتين البيروقراطية التي يمكن أن تسود في بعض الدوائر الحكومية، إضافة إلى الإصلاح المالي للشركات والتعامل مع كل وحدة إنتاجية كأنها إدارة مستقلة، لها حرية القرار وفي الوقت نفسه هناك محاسبة على النتائج».
وتابع القادري «لسنا مع أي حل يستشف منه أي عملية خصخصة لمنشآت القطاع العام الاقتصادي، علماً بأننا لسنا ضد التشاركية، ولكن بشروط منصفة للجميع ولحقوق القطاع العام».
سعر الصرف
ورأى القادري أن التقلبات التي نواجهها في سعر الصرف هدفها النيل من الاقتصاد، لكن هناك في الحقيقة جهود تبذل لعقلنة سعر الصرف، والضرب بيد من حديد على أيدي المتلاعبين بالليرة، «وهناك نتائج اقتصادية تنعكس على الواقع الاقتصادي لأننا في الحقيقية لا نزال في خضم الحرب، ونتوقع كل شيء، لذلك يجب أن نكون يقظين، نتنبأ لكل شيء، لأن للحرب أدوات ووسائل متعددة، والحرب على الليرة إحدى أدوات الحرب على الاقتصاد السوري، لذلك مطلبنا الأساسي الحفاظ على القطاع العام وتوفير الإمكانيات وإعادة توظيف الصناعات الإستراتيجية لاستمرار بالعمل والإنتاج.
الوطن – هناء غانم