اقتصادالعناوين الرئيسية

«المالية» تعتمد شام كاش لرواتب الموظفين.. وأكاديميون: القرار بحاجة لتأمين شروط نجاحه حتى لا يفضي للفوضى

تبلغ كتلة الرواتب للجهات الموطنة رواتبها في المصرف العقاري شهرياً 100 مليار ل.س، وأكثر من ذلك في المصرف التجاري السوري، إضافة إلى الرواتب الموطّنة في باقي المصارف العامة.

مصادر «الوطن» في المصرف العقاري بينت أن عدد البطاقات المصرفية يبلغ 500  ألف بطاقة، وأن كتلة السحب اليومية من 4.5 إلى 6 مليارات ل.س، فكتلة الرواتب المصروفة خلال الشهر الفائت مع المنحة تجاوزت الـ200 مليار ل.س، حيث تم خلال آذار تسليم كتلة رواتب بقيمة 94 مليار ل.س عبر الصرافات ونقاط البيع، مع التنويه بأن ذلك لا يشمل التسليم النقدي عبر فروع المصرف، كما أنه تم من 1 إلى 9 نيسان الشهر الجاري تسليم كتلة رواتب بقيمة 19 مليار ل.س.

وأوضحت المصادر أن حجم العمليات الذي يتم عبر الصرافات هو السبب وراء الازدحام الكبير للصرافات التابعة للمصرف.

من جهتها أصدرت وزارة المالية قراراً يقضي بإيداع كل رواتب العاملين في حساب تطبيق شام كاش، وبالتالي أصبح التطبيق وسيلة قبض الرواتب لجميع الموظفين اعتباراً من بداية الشهر القادم.

«الوطن» حاولت التواصل مع القائمين على شام كاش لاستيضاح عدد من المواضيع التي تهم المواطن من دون جدوى، ولكن وفقاً للمعلومات الموجودة في التطبيق وما تم نشره عبر صفحات التواصل الاجتماعي أصبح من المتاح استلام الرواتب الموطنة في التطبيق عبر شركتي الهرم والفؤاد للحوالات، ولكن السؤال هل تستطيع هذه الشركات تخديم هذه الأعداد من الموظفين، وخاصة أنها وبغير هذا الإجراء ستشهد فروعها ازدحامات متواصلة؟

خروج السيولة النقدية عن السيطرة المصرفية

الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي أكد أن من أهم أسس الإصلاح الاقتصادي في سوريا هو إصلاح النظام النقدي بشكل كامل، بكل جوانبه التشريعية والمؤسسية، بدءاً من الجهاز المصرفي العام والخاص، مروراً بالمصرف المركزي السوري، وصولًا إلى سوق دمشق للأوراق المالية، بهدف إعادة هيكلة النظام الاقتصادي المنشود، عبر تحويله من نظام ريعي مترهل يسيطر عليه الاحتكار والفساد والعشوائية، إلى اقتصاد حر تكون أسواقه تنافسية، بما يحقق العدالة في توزيع الدخل القومي بين جميع أفراد المجتمع السوري.

وقال: أما ما يُلاحظ اليوم من تجاهل لدور الجهاز المصرفي في إدارة السيولة النقدية، والاعتماد على شركات التحويل أو برنامج «شام كاش» لصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، بالإضافة إلى التحويلات التجارية والمساعدات الإنسانية، فإنه سيؤدي إلى خروج السيولة النقدية عن السيطرة المصرفية، وتخزينها أو تجميدها خارج القنوات الرسمية. وهذا يعني تأخير عملية تمويل الاستثمار، ما يعوق التعافي الاقتصادي من جهة، ويُضعف قدرة السياسة النقدية لمصرف سوريا المركزي على ضبط التضخم وتثبيت سعر الصرف من جهة أخرى.

وختم بالقول: لا يمكن أن نقر بأن برنامج شام كاش سيكون البرنامج الوحيد في التطبيقات المالية ولكن هو البرنامج الأول ونتائج نجاحه من عدمها تظهر بعد تطبيقه على مستوى القطر كل، والطموح رؤية قرارات جادة وفعَّالة في إصلاح النظام النقدي، بما يخدم اقتصاد السوق الحر، ويعالج مشاكل الفقر والهجرة والنزوح، وينقل المجتمع السوري إلى مرحلة النمو والتنمية المستدامة.

سينقل الازدحامات من المصارف إلى فروع الشركات

بدوره أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان رأى في حديثه أن اعتماد التطبيق في شركات الحوالات سينهي حالة الازدحام أمام المصارف العامة التجاري والعقاري، ولكنه سينقل هذه الازدحامات إلى فروع هذه الشركات.

ورأى كنعان أن الحل بتشجيع ثقافة الدفع الإلكتروني بضم المحال بمختلف أنواعها إلى التطبيق، إضافة إلى إجراء ربط مع شبكة الدفع الإلكتروني للمصارف العاملة، بالتوازي مع تقديم عروض تشجيعية للمواطنين عبر تخفيضات وحسومات من المنافذ البيع المرتبطة بالتطبيق لتشجعه على التعامل بالدفع الإلكتروني.

قرار متسرّع

من جهته أستاذ المصارف والتمويل بجامعة حماة الدكتور عبد الرحمن محمد رأى في حديثه لـ«الوطن» أن القرار يبدو متسرعاً في ظل غياب الشروط اللازمة لنجاحه، معتبراً أنه سيُفضي إلى فوضى مؤقتة على الأقل. ونصح بالتدرج في التطبيق (كما حصل في إدلب) معتبراً أنه خيار أكثر حكمة، مضيفاً: ومع ذلك، قد تضطر الحكومة لتحسين النظام لاحقاً تحت ضغط المشاكل الميدانية،لكن ذلك سيكون على حساب معاناة الموظفين في الأشهر الأولى.

واستعرض أستاذ الصارف تساؤلات مشروعة تلامس تحديات حقيقية في نظام صرف الرواتب عبر الشام كاش في سوريا، مقّدماً تحليلاً للواقع والاحتمالات بناءً على المعطيات المتاحة، ومنها قدرة شركتي «الهرم والفؤاد» على استيعاب الطلب، وخاصة أن معظم فروع الشركتين تعاني فوضى تنظيمية وطوابير طويلة، مما يشير إلى ضعف البنية التحتية لاستيعاب تدفق أكثر من مليون موظف إضافي شهرياً؟. مشيراً إلى أنه وحتى الآن، لم تنشئ هذه الشركات أنظمة فعالة (مثل أرقام الانتظار الإلكترونية أو فتح فروع جديدة) لمعالجة الازدحام المتوقع، مما يهدد بزيادة الفوضى!

كما لفت إلى رسوم التحويل والمحددة بـ 5 بالألف، تعتبر نسبة مرتفعة مقارنةً بمعايير دولية (عادةً 1- 3 بالألف)، وخاصة مع غياب بدائل منافسة.

وعن السبب بعدم إدراج المصارف في النظام؟ رأى محمد أن القطاع المصرفي السوري يعاني شبه انهيار بسبب العقوبات وانهيار الليرة، مما يجعله غير جاهز لتوطين الرواتب، ناهيك عن وجود تعقيدات التعامل مع المصارف (مثل متطلبات «اعرف عميلك») قد تُبطئ العملية، بينما شركات التحويل أسهل إدارةً حكومياً. وغمز بما يُتداول من أقاويل بأنه يُشتبه بوجود مصالح تُفضّل الشركتين بسبب روابطهما مع جهات نافذة، مما يحد من المنافسة؟

وذهب أستاذ الاقتصاد للمقارنة مع نجاح «شام كاش» في إدلب بالقول: الفرق جوهري ففي إدلب، يوجد نظام دفع إلكتروني متكامل (نقاط بيع، وخدمات متنوعة) يقلل الحاجة للسحب النقدي، بينما في المحافظات الأخرى غياب هذه الخدمات، سيرغم الموظفين على سحب الرواتب نقداً، مما يزيد الضغط على الفروع، وأن نجاح إدلب نتج عن بنية تحتية جاهزة (مئات نقاط البيع)، معتبراً أن تعميم التجربة دون  المتطلبات ذاتها يُعدّ إجراءً غير مدروس.

ورأى أن الأجدر تأخير القرار حتى تعميم نقاط البيع وتوسيع شركات التحويل المصرح لها (مثل إدراج مصارف أو شركات جديدة).

وأضاف: هناك تداعيات متوقعة كالازدحام الهائل، وخسارة وقت الموظفين، وربما لجوء البعض إلى وسطاء مقابل عمولات، مما يزيد كلفة التحويل.

واقترح محمد عدداً من الحلول لتجنب الفوضى، منها فتح الباب أمام مصارف أو شركات تحويل أخرى لزيادة المنافسة وتوزيع الضغط، وإلزام المحال التجارية الكبرى والمولات والصيدليات بقبول الدفع عبر «شام كاش» لتقليل الحاجة للنقد، مع ضرورة تزويد فروع «الهرم والفؤاد» بأنظمة حجز مواعيد إلكترونية وزيادة عدد الصرافات الآلية.

وختم بالقول: بصراحة القرار يبدو متسرعاً في ظل غياب الشروط اللازمة لنجاحه، وسيُفضي إلى فوضى.

محمد راكان مصطفى – الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock