أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الوضع الذي تواجهه سورية الآن أشبه بحرب دولية ضدها وأن الخيار الوحيد أمامنا هو الانتصار على الإرهاب مبينا أن استخدام الإرهاب أو الجهاديين أو المتطرفين لخدمة أي أجندة سياسية “أمر غير أخلاقي”.
وأوضح الرئيس الأسد في مقابلة مع التلفزيون البرتغالي “إن محاربة الإرهاب في سورية لا تصب في مصلحة سورية أو الشعب السوري وحسب بل هي في مصلحة الشرق الأوسط وأوروبا نفسها وهذا أمر لا يراه العديد من المسؤولين في الغرب أو لا يدركونه أو أنهم لا يعترفون به”.
وفي ما يلي نص المقابلة كاملة :
السؤال الأول:
سيادة الرئيس، دعنا نبدأ من حلب، إذا لم يكن لديك مانع. لا يزال هناك آلاف المدنيين محتجزين في المدينة، ويحاولون البقاء على قيد الحياة في ظروف غير إنسانية وسط وابل من القنابل. لماذا برأيك رفض هؤلاء الخروج؟
الرئيس الأسد:
الجزء الذي تذكره في حلب، ما يسمّونه الجزء الشرقي، يحتله الإرهابيون منذ ثلاث سنوات، حيث يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية. من جانبنا، كحكومة، لدينا مهمتان: المهمة الأولى هي محاربة أولئك الإرهابيين لتحرير تلك المنطقة ومدنييها منهم، وفي الوقت نفسه محاولة إيجاد حل لإخلاء تلك المنطقة من الإرهابيين، إذا قبلوا ما يمكن تسميته خيار المصالحة، وهو إما أن يسلّموا أسلحتهم مقابل العفو، وإما أن يغادروا المنطقة. الأمر الآخر الذي فعلناه كحكومة هو فتح ممرات يغادر عبرها المدنيون تلك المنطقة، وفي الوقت نفسه تدخل القوافل الإنسانية والمساعدات من تلك الممرات داخل ذلك الجزء من حلب. إلا أن الإرهابيين رفضوا علناً أي حل، وأرادوا المحافظة على الوضع كما هو.
السؤال الثاني:
لكن، سيادة الرئيس، ألا تستخدمون الجهاديين لتشويه سمعة سائر أطياف المعارضة أمام الرأي العام الوطني والدولي، وتحاولون في النهاية القضاء عليهم جميعاً؟
الرئيس الأسد:
لا، لا نستطيع أن نفعل هذا، ولسبب بسيط جداً: لأننا نتعامل مع هذا النوع من الإرهاب منذ خمسينيات القرن العشرين، أو منذ أتى الإخوان المسلمون إلى سورية حينذاك. وقد تعلمنا الدرس جيداً، وخصوصاً في الثمانينيات، وهو أنه لا يُمكن استخدام الإرهابيين كورقة سياسية. لا تستطيع أن تضع تلك الورقة في جيبك، لأنها كالعقرب ستلدغك يوماً ما. ومن ثم، لا نستطيع استخدام الجهاديين، لأن ذلك سيكون بمنزلة إلحاق الأذى بأنفسنا. سيتحولون ضدك عاجلاً أم آجلاً. هذا من الناحية البراغماتية، وإذا فكرت في الأمر من حيث القيم، فإننا لا نفعل ذلك. إن استخدام الإرهاب أو الجهاديين أو المتطرفين لخدمة أي أجندة سياسية أمر غير أخلاقي.
السؤال الثالث:
لكن سيادة الرئيس فيما يتعلق بالمدنيين داخل حلب، ألا نستطيع الافتراض أنهم ربما لا يثقون بالحكومة ولا بالجيش، وأنهم يريدون الديمقراطية، والكرامة والحرية وحسب؟ هل يُمكنك أن تمنحهم ذلك؟
الرئيس الأسد:
دعنا نتحدث عن هذه النقطة من حيث الواقع. عند بداية الأزمة، ومنذ أن بدأ الإرهابيون السيطرة على بعض المناطق في سورية، غادر أغلب المدنيين السوريين تلك المناطق ولجؤوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وليس العكس. لو كان أغلبية السوريين لا يثقون بالحكومة، لفعلوا العكس.
دعني أورد لك مثالاً آخر أكثر وضوحاً. ذهبت إلى داريا والمعضمية قبل بضعة أيام عندما قدمت إلى هنا. الإرهابيون الذين غادروا تلك المنطقة إلى إدلب في شمال سورية للانضمام إلى الإرهابيين هناك، تركوا عائلاتهم تحت رعاية الحكومة، وبوسعك أن تذهب وتزورهم الآن، إذا أردت.
لا تستطيع التحدث عن كسب الحرب طالما هناك قتل وتدمير
السؤال الرابع:
سيادة الرئيس، أتيت إلى هنا قبل أربع سنوات، وأنا هنا الآن. هل تكسبون هذه الحرب في سورية؟
الرئيس الأسد:
يمكننا القول إننا كسبنا الحرب فقط عندما نستعيد الاستقرار في سورية. لا تستطيع التحدث عن كسب الحرب طالما هناك قتل وتدمير بشكل يومي. إن هذا لا يعني أننا نخسر الحرب؛ فالجيش يحقق تقدماً جيداً، وبشكل يومي، على الإرهابيين. الذين لا يزالون، بالطبع، يتلقون الدعم من تركيا، وقطر، والسعودية وبعض الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة. لكن الخيار الوحيد أمامنا هو الانتصار. إذا لم ننتصر وكسب الإرهابيون الحرب، فعندها لن يكون هناك وجود لسورية.
السؤال الخامس:
لكن هل كان من الممكن أن تحققوا ذلك من دون حزب اللـه، وإيران وروسيا؟
الرئيس الأسد:
إنهم هنا لأن بوسعهم تقديم مساعدة أساسية ومهمة، لأن الحرب التي نخوضها الآن، أو لنقُل الوضع الذي نواجهه الآن لا يتعلق فقط ببضعة إرهابيين من داخل سورية، إنها أشبه بحرب دولية على سورية. لقد تلقى أولئك الإرهابيون الدعم من عشرات الدول الأجنبية. ومن ثم، فإن سورية بمفردها ما كانت لتستطيع مواجهة هذا النوع من الحروب من دون مساعدة أصدقائها.. ولهذا السبب فإن وجودهم ودعمهم كان أساسياً جداً.
روسيا مهمة جداً وإيران مهمة جداً وحزب اللـه مهم جداً
السؤال السادس:
أليس السيد بوتين حليفكم الأكثر أهمية؟
الرئيس الأسد:
روسيا مهمة جداً، وإيران مهمة جداً وحزب اللـه مهم جداً. جميعهم مهمون. وكل منهم حقق إنجازات مهمة ضد الإرهابيين في سورية. ومن ثم يصعب القول من أكثر أهمية من الآخر.
الصحفي:
لكن ما دور روسيا في سورية اليوم؟
الرئيس الأسد:
الجزء الأكثر أهمية من هذا الدعم هو الدعم الجوي، وهو دعم جوهري جداً. لديهم قوة نيران قوية جداً، وفي الوقت نفسه فهم المزوّدون الرئيسون لجيشنا منذ أكثر من ستين عاماً. إن جيشنا يعتمد على الدعم الروسي في مختلف المجالات العسكرية.
السؤال السابع:
لكن، هل أنتم أحرار في تقرير مستقبل سورية، أم إنكم تعتمدون على إستراتيجيات فلاديمير بوتين؟
الرئيس الأسد:
لا. أولاً، نحن أحرار تماماً، ليس جزئياً، بل أحرار تماماً في كل ما يرتبط بمستقبل سورية. ثانياً، وهو الأكثر أهمية، أو الذي لا يقل أهمية عن الجزء الأول، هو أن الروس يبنون سياساتهم دائماً على القيم، وهذه القيم هي سيادة الدول، والقانون الدولي، واحترام الآخرين والثقافات الأخرى. ومن ثم، فإنهم لا يتدخلون بأي شيء يتعلق بمستقبل سورية أو الشعب السوري.
الروس يقاتلون من أجلنا ومن أجل العالم ومن أجل أنفسهم
السؤال الثامن:
لكنهم ساعدوكم مرات عدة في الأمم المتحدة. لقد استخدموا الفيتو ضد بضعة قرارات تدين حكومتكم، والجيش السوري. هناك عدة تقارير متعلقة بسورية حول استخدام الأسلحة الكيميائية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب. كل هذا في إطار الأمم المتحدة.
الرئيس الأسد:
وكثيرون يسألون: «لماذا يفعلون ذلك؟» أعني مقابل ماذا؟ ما الذي طلبوه بالمقابل. هذا هو السؤال، وفي الواقع هذا هو محتوى سؤالك، لأننا سمعنا هذا السؤال عدة مرات، سواء في وسائل الإعلام أم بشكل مباشر. في الواقع، هم فعلوا هذا أولاً من أجل قيمهم، بما فيها احترام القانون الدولي. كما أن لديهم مصالحهم أيضاً.. أعني أن محاربة الإرهاب في سورية لا تصبّ في مصلحة سورية أو الشعب السوري وحسب، بل هي في مصلحة الشرق الأوسط، وأوروبا نفسها، وهذا أمرٌ لا يراه العديد من المسؤولين في الغرب أو لا يدركونه، أو أنهم لا يعترفون به. كما أنهم يفعلون هذا لمصلحة الشعب الروسي، لأنهم يواجهون الإرهابيين منذ عقود. ومن ثم، فإن الروس يقاتلون من أجلنا، ومن أجل العالم، ومن أجل أنفسهم.
الغرباء لا يجلبون الحرية أو الديمقراطية
السؤال التاسع:
لكن عندما تتحدث عن القيم، فإن الديمقراطية إحدى هذه القيم.
الرئيس الأسد:
طبعاً.
الصحفي:
والحرية قيمة.
الرئيس الأسد:
طبعاً.
السؤال العاشر:
هل تستطيع القول: إن سورية ديمقراطية، طبقاً للمعايير الغربية؟
الرئيس الأسد:
الوحيدون الذين يستطيعون القتال من أجل هذه القيم، مثل الديمقراطية والحرية، هم أهل البلد أو المجتمع أنفسهم، وليس الغرباء. لا يستطيع الغرباء أن يجلبوا الحرية أو الديمقراطية، لأن هذا مرتبط بالثقافة، وبالعوامل المختلفة التي تؤثّر في ذلك المجتمع. ومن ثم، لا تستطيع أن تجلبها من الخارج. لا يمكن استيرادها. لا تستطيع استيراد أي شيء من الخارج فيما يتعلق بمستقبل بلادك.
السؤال الحادي عشر:
لكن هل تستطيع تعريف سورية على أنها ديمقراطية؟
الرئيس الأسد:
لا، كنّا في طريقنا إلى الديمقراطية. لم نقُل إننا ديمقراطيون تماماً، بل كنّا في طريقنا إليها ونتقدم إلى الأمام. بسرعة أو ببطء، فذلك أمرٌ ذاتي. لكننا كنّا نتقدم في ذلك الصدد، بالطبع. لكن المعيار أو النموذج بالنسبة لنا ليس الغرب. إنه ليس النموذج الغربي، لأن للغرب ثقافته، ونحن لنا ثقافتنا. لهم واقعهم ولنا واقعنا. ومن ثم فإن ديمقراطيتنا ينبغي أن تعكس ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وواقعنا في الوقت نفسه.
السؤال الثاني عشر:
أنا متأكد من أنكم تعرفون أن هناك أميناً عاماً جديداً للأمم المتحدة. كيف تنظرون إليه، أعني إلى السيد غوتيريش، مع الأخذ بالحسبان مقاربته الإنسانية المعروفة للوضع؟
الرئيس الأسد:
أنا بالطبع أتفق مع عنوان هذه المقاربة. وأقول «عنوان» لأن هناك دائماً العديد من العناوين الفرعية تحت ذلك العنوان، عندما تتحدث عن الشأن الإنساني، فإن ذلك لا يعني فقط أن تقدم للناس المساعدة، والغذاء، والاحتياجات الضرورية لحياتهم. إذا سألت اللاجئين السوريين، على سبيل المثال، فإن أول شيء يريدونه هو العودة إلى بلدهم. إن أول شيء يريدونه هو أن يتمكنوا من العيش داخل سورية، وهذا يعني أن المساعدة الإنسانية، كما نفهمها: هي الغذاء، والرعاية الطبية، وغيرها من أساسيات الحياة اليومية، والأمر الثاني هو أن يتحقق لهم الاستقرار والأمن، وهو ما يعني أن الجانب الإنساني يسير بالتوازي مع محاربة الإرهابيين. لا تستطيع أن تتحدث عن المساعدات الإنسانية وأن تدعم الإرهابيين في الوقت نفسه. عليك أن تختار. وأنا بالطبع لا أتحدث عنه، بل أتحدث عن البلدان التي ستدعم خطته، لأنه بحاجة لدعم البلدان الأخرى. لا يستطيع تحقيق تلك المقاربة على حين لا يزال العديد من بلدان العالم يدعمون الإرهابيين في سورية. إذاً، نحن بالطبع ندعم هذه المقاربة في مساعدة الناس على الحياة، والعودة إلى بلدهم، والعيش بأمان من دون إرهابيين.
السؤال الثالث عشر:
لقد قال: إن السلام في سورية أولوية. هل أنتم مستعدون للتحدث إليه، وللعمل معه لذلك الغرض؟
الرئيس الأسد:
بالتأكيد. بالطبع. إنها أولويته، وهي أولويتنا. هذا بديهي. إنها ليست فقط أولويتنا نحن، إنها أولوية الشرق الأوسط. وعندما يكون الشرق الأوسط مستقراً، فإن العالم بأسره يكون مستقراً، لأن الشرق الأوسط هو قلب العالم جغرافياً وجيوسياسياً. وسورية هي قلب الشرق الأوسط جغرافياً وجيوسياسياً. وهي خط الفالق الزلزالي؛ وإذا لم تتعامل مع هذا الخط فسيكون هناك زلزال. هذا ما كنّا نقوله دائماً. ولهذا السبب فإن كون هذا الأمر أولوية صحيح مئة بالمئة من وجهة نظرنا، ونحن مستعدون للتعاون بأي طريقة لتحقيق الاستقرار في سورية، آخذين بالحسبان، بالطبع، مصلحة البلد وإرادة الشعب السوري.
السؤال الرابع عشر:
عندما تحدثنا، قلت: إن الأمم المتحدة منحازة. هل تعتقد أنه يُمكن لذلك أن يتغير قليلاً بوجود السيد غوتيريش؟
الرئيس الأسد:
الجميع يعرف أن الأمم المتحدة ليست الأمين العام. إن منصبه مهم، لكن الأمم المتحدة هي الدول داخل هذه المنظمة. وبصراحة، فإن معظم الناس يعتبرون أن الأمم المتحدة هي فقط الدول الخمس الدائمة العضوية لأنها تتمتع بحق الفيتو. تستطيع هذه الدول أن تفعل ما تريد وأن ترفض ما تريد، وإذا كان هناك إصلاح تحتاج إليه هذه المنظمة بشكل كبير، فبوسع هذه الدول الخمس إما أن تستعمل الفيتو وإما أن تتحرك قدماً في ذلك الصدد. لكن في الوقت نفسه، فإن الطريقة التي يقدم بها نفسه كأمين عام مهمة جداً.. إذا سألتني: ما الذي تتوقعه من مسؤول جديد في ذلك المنصب المهم، فإني أقول أمرين: الأمر الأول هو أن يكون موضوعياً في كل تصريح يطلقه فيما يتعلق بأي صراع في العالم، بما في ذلك سورية. الأمر الثاني، وهو مرتبط بالأول ويكمله، وهو ألا يحوّل منصبه إلى فرع لوزارة الخارجية الأميركية. هذا ما نتوقعه الآن. بالطبع، عندما يكون موضوعياً، فإنه يستطيع أن يلعب دوراً مهماً في التعامل مع المسؤولين المختلفين في الأمم المتحدة من أجل دفع سياسات مختلف الدول، وبشكل أساسي روسيا والولايات المتحدة، نحو المزيد من التعاون وقدر أكبر من الاستقرار فيما يتعلق بسورية.
السؤال الخامس عشر:
لكن عما يتعلق بسورية، هناك العديد من الأجندات: قطر، وتركيا، وروسيا، والولايات المتحدة، وإيران والسعودية. هل من الممكن محاولة إيجاد عملية سلام كتلك مع وجود هذا العدد الكبير من الأجندات؟
الرئيس الأسد:
دون دفع جميع تلك البلدان والعوامل المختلفة في اتجاه واحد، سيكون ذلك صعباً بالطبع. ولهذا أقول دائماً إن المشكلة السورية، كحالة منعزلة، كحالة سوريّة، ليست معقدة جداً. ما يجعلها معقدة هو التدخل الخارجي، خصوصاً التدخل الغربي، لأنه ضد إرادة الحكومة السورية، على حين أن تدخل الروس، والإيرانيين، وحزب اللـه جاء تلبية لدعوة من الحكومة السورية. ومن ثم فإن دوره كأمين عام في جمع كل هذه القوى معاً جوهري جداً، ونأمل أن يتمكن من النجاح، على الرغم من أن ذلك لن يكون سهلاً بالطبع.
أردوغان رجل مريض ومن حقنا الدفاع عن بلدنا
السؤال السادس عشر:
دعني أختار تركيا، فجيشها في بلادكم، وقال رئيسها الأسبوع الماضي: إن مصالح بلاده تتجاوز الحدود الطبيعية، وأشار إلى الموصل وحلب. هل تقبلون بهذا؟
الرئيس الأسد:
بالطبع لا. أنت تتحدث عن رجل مريض. إنه رئيس مصاب بجنون العظمة وليس مستقراً.. إنه يعيش في الحقبة العثمانية ولا يعيش في الوقت الراهن. إنه منفصل عن الواقع.
السؤال السابع عشر:
لكن كيف ستتعاملون مع جيشهم داخل بلدكم؟
الرئيس الأسد:
إنه غزو، ومن حقنا أن نُدافع عن بلدنا. من حقنا الدفاع عن بلدنا ضد أي نوع من أنواع الغزو. لنكن واقعيين، كل إرهابي أتى إلى سورية، أتى عبر تركيا وبدعم من أردوغان. ومن ثم فإن محاربة أولئك الإرهابيين، هي بمنزلة محاربة جيش أردوغان، لا أقول الجيش التركي.. بل جيش أردوغان.
السؤال الثامن عشر:
لكنه بلد عضو في حلف شمال الأطلسي، هل تعون ذلك؟
الرئيس الأسد:
نعم، بالطبع. وسواء كان عضواً في الناتو أم لا، ليس من حقه أن يقوم بغزو أي بلد آخر، طبقاً للقانون الدولي أو أي من القيم الأخلاقية الأخرى.
نتمنى بأن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم الإرهابيين في سورية
السؤال التاسع عشر:
سيادة الرئيس، ما الذي تتوقعونه من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد جي ترامب؟
الرئيس الأسد:
ليس لدينا الكثير من التوقعات، لأن الإدارة الأميركية لا تتعلق بالرئيس وحده، بل تتعلق بقوى مختلفة داخل هذه الإدارة، مجموعات الضغط المختلفة التي ستؤثر في الرئيس. ولذلك، علينا أن ننتظر ونرى عندما يبدأ بمهمته الجديدة، أو يستلم مهام منصبه داخل هذه الإدارة كرئيس بعد شهرين. لكننا نقول دائماً إن لدينا تمنيات بأن تكون الولايات المتحدة غير منحازة، وتحترم القانون الدولي، ولا تتدخل في الدول الأخرى في العالم، وبالطبع أن تتوقف عن دعم الإرهابيين في سورية.
السؤال العشرون:
لكنه قال في إحدى مقابلاته إنه على ما يبدو مستعد للعمل معكم في محاربة داعش. هل أنتم مستعدون لمثل هذا التحرك؟
الرئيس الأسد:
بالطبع، أقول إن هذا واعد، لكن هل يستطيع تحقيق ذلك؟ هل يستطيع أن يمضي في ذلك الاتجاه؟ ماذا عن القوى المهيمنة داخل الإدارة؟ ماذا عن وسائل الإعلام الرئيسية التي كانت ضده؟ كيف سيستطيع التعامل معها؟ ولهذا، بالنسبة لنا لا يزال موضع شك إذا ما كان سيتمكن من الوفاء بوعوده أم لا. ولهذا نحن حذرون جداً في الحكم عليه، وخصوصاً أنه لم يشغل أي منصب سياسي من قبل. ولهذا لا نستطيع أن نقول شيئاً عمّا سيفعله. لكن إن -وأقول إن- كان سيُحارب الإرهابيين، فإننا سنكون حلفاء طبيعيين له في ذلك الصدد، مع الروس والإيرانيين، والعديد من البلدان الأخرى التي تُريد إلحاق الهزيمة بالإرهابيين.
السؤال الواحد والعشرون:
إذاً ستتعاونون مع الأميركيين في الحرب على الإرهابيين؟
الرئيس الأسد:
بالتأكيد. لأننا عانينا أكثر من أي طرف آخر في العالم من الإرهاب، فإذا كانوا صادقين وإذا كانت لديهم الإرادة والقدرة، بالطبع.
السؤال الثاني والعشرون:
إذاً، ستتعاونون مع الأميركيين الذين يقدمون الدعم الآن للأكراد وقوات حماية الشعب التي تُحاول دخول الرقة؟
الرئيس الأسد:
عندما تتحدث عن التعاون، فإن هذا يعني التعاون بين حكومتين شرعيتين، وليس التعاون بين حكومة أجنبية أو أي فصيل داخل سورية. إن أي تعاون لا يمرّ عبر الحكومة السورية غير قانوني. وإذا لم يكن قانونياً، لا نستطيع القيام به، ولا نعترف به ولا نقبله.
السؤال الثالث والعشرون:
على أي حال فإن نائب الرئيس، السيد بنس، قال: إنه يجب استخدام القوة العسكرية لمنع جيشكم من التسبب بكارثة إنسانية في حلب. كيف تنظرون إلى ذلك؟
الرئيس الأسد:
مجدداً، هذا مخالف للقانون الدولي، وهذه هي المشكلة مع الموقف الأميركي: يعتقدون أنهم شرطة العالم. يعتقدون أنهم قضاة العالم، إنهم ليسوا كذلك. إنهم بلد ذو سيادة، وبلد مستقل، لكن هذه حدودهم. لا ينبغي أن يتدخلوا في أي بلد آخر. بسبب هذا التدخل على مدى الخمسين عاماً الماضية، فإنهم جيدون جداً في خلق المشاكل وحسب، وليس في حل المشاكل. هذه هي مشكلة الدور الأميركي، ولهذا قُلت إننا لا نُعلق آمالاً كثيرة على الإدارات المتغيّرة لأن هذا هو الحال منذ أكثر من خمسين عاماً، وإذا أرادوا الاستمرار في السياسة نفسها المتمثلة في خلق المشاكل في سائر أنحاء العالم، فما عليهم إلا مواصلة ما يفعلونه، وهو التدخل في شؤون الدول الأخرى.
مستعدون للتعاون مع أي جهة في هذا العالم من دون شروط في محاربة الإرهاب
السؤال الرابع والعشرون:
بالعودة إلى ما قاله الرئيس الأميركي المنتخب حول التعاون مع حكومتكم في محاربة داعش، هل تتوقعون تغييراً أيضاً داخل البلدان الأوروبية؟
الرئيس الأسد:
فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، نحن مستعدون للتعاون مع أي جهة في هذا العالم من دون شروط. هذا هو جوهر سياستنا، ليس اليوم، ليس بالأمس، بل منذ سنوات، حتى قبل الحرب على سورية، كنّا دائماً نقول هذا. في الثمانينيات، طالبنا بتحالف دولي ضد الإرهاب بعد أزمة الإخوان المسلمين في سورية، عندما بدؤوا بالقتل، وبالطبع هُزموا حينذاك. والآن نطالب بالشيء نفسه. ومن ثم، فإن هذه سياسة بعيدة المدى، وهذا ما تستند إليه سياستنا منذ سنوات.
السؤال الخامس والعشرون:
سؤال أخير سيادة الرئيس. ينبغي فعلاً أن أطرح عليك هذا السؤال لأنه بعد كل هذه السنوات، هل ما زلت ترفض أي مسؤولية عمّا حدث في بلادك؟
الرئيس الأسد:
لا، لم أرفض أبداً أي مسؤولية، لكن ذلك يعتمد على القرار. عندما تتحدث عن المسؤولية، تسأل نفسك عن القرارات التي تتخذها للتعامل مع الأزمة. هل أَمرَ الرئيس أي شخص بقتل المدنيين؟ هل أَمرَ بالتدمير؟ هل أمر بدعم الإرهاب في بلده؟ بالطبع لا. كان قراري، وقرار مختلف المؤسسات، وقرار مختلف المسؤولين في سورية، وأنا على رأسهم، أن نُجري حواراً، وأن نُحارب الإرهابيين، وأن نقوم بالإصلاح كردّ منذ البداية، كردّ على المزاعم حينذاك بأنهم كانوا بحاجة للإصلاحات في سورية. واستجبنا لذلك. إذاً، كان ذاك هو القرار الذي اتخذته. هل يُمكن أن تقول، أو هل يُمكن لأي أحد أن يقول إن محاربة الإرهاب خطأ أو إن إجراء الحوار خطأ أو القيام بالإصلاحات خطأ أو حماية المدنيين وتحرير المناطق من الإرهابيين خطأ؟ بالطبع لا. ومن ثم ثمة فرق بين المسؤولية عن السياسة والمسؤولية عن الممارسة. في أي ممارسة هناك أخطاء. تلك مسألة أخرى. عندما تتحدث عن الدولة والرئيس، فإنك تتحدث دائماً عن القرارات وعن السياسات.
الصحفي:
سيادة الرئيس، شكراً لكم لمنحكم هذه المقابلة لراديو وتلفزيون البرتغال.
الرئيس الأسد:
شكراً لكم.