باحث كندي: ديمقراطية أمريكا على حافة الانهيار بمخاطر حرب أهلية وحكم ديكتاتوري بحلول 2030
حذر الأكاديمي الكندي توماس هومر- ديكسون، الباحث في معهد كاسكيد بجامعة رويال رودز، من انهيار الديمقراطية الأمريكية وتحولها بحلول 2030 إلى ديكتاتورية يمينية متطرفة، قائلا إن انهيار الديمقراطية الأمريكية قد يطال جارتها الشمالية.
وجاء مقاله المطول نقدا للترامبية وأثرها على الواقع الأميركي وما يمكن أن يهدد الدول الأخرى. وقال إن بعض الخبراء يعتقدون أن أمريكا قد تنزلق إلى حرب أهلية، متسائلا عما يجب على الجارة كندا المتحدة عمله.
وتنبأ الكاتب بانهيار الديمقراطية الأمريكية بحلول عام 2025 بشكل سيؤدي إلى العنف المدني. وبحلول عام 2030، إن لم يكن قبل ذلك، ستحكم البلاد ديكتاتورية يمينية متطرفة. وأضاف أنه يجب علينا عدم تجاهل هذه الاحتمالات لكونها سخيفة أو من الصعب تخيلها.
ففي عام 2014، كان اقتراح فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية أمرا مثيرا للغرابة. ولكننا نعيش اليوم في عالم باتت الغرابة فيه أمرا عاما ومريعا. وقال الكاتب: إن “الأكاديميين الأمريكيين اليوم، يدرسون إمكانية تدهور الديمقراطية الأمريكية، ففي تشرين الثاني، ناشد 150 أستاذا جامعيا في الدراسات السياسية والحكومية والاقتصاد والعلاقات الدولية، الكونغرس، لتمرير قانون الحرية للتصويت والذي سيحمي نزاهة الانتخابات الأمريكية، ولكنه متوقف الآن عند مجلس الشيوخ. وكتبوا: هذه لحظة خطر ومخاطرة عظيمة. الوقت يمضي بسرعة ويقترب منتصف الليل”.
وحذر الكاتب من أن عاصفة تتشكل لضرب كندا من الجنوب، وهي غير جاهزة لها بسبب الاهتمامات الداخلية بشأن كوفيد-19 والمصالحة والآثار المتزايدة للتغيرات المناخية. وعليها والحالة هذه، الاعتراف بحجم الخطر في حالة انتخاب ترامب مرة ثانية. فالمخاطر الاقتصادية والسياسية لا تحصى. وقد يعزل ترامب كندا عن القارة.
وعرّف الكاتب نفسه بأنه باحث في نزاعات العنف منذ 40 عاما. وتخصص على مدى العقدين الماضيين في نشر دراسات عن أسباب الحرب والانهيار الاجتماعي والثورة والعنف العرقي والإبادة، وكان مديرا لمعهد دراسات السلام في جامعة تورنتو.
ويقول: “اليوم أراقب أزمة التفكك في الولايات المتحدة، وأشاهد نقاط الالتهاب السياسية والاجتماعية بإشارات محذرة”. وهو يراقب منذ دراسته الجامعية في الثمانينات مخاطر الخطاب اليميني على الولايات المتحدة. واستمع للمعلق الإذاعي ثم التلفزيوني لاحقا راش ليمبو، الذي كان يدق إسفينه في طرف الصدع الأخلاقي للولايات المتحدة، ثم يدق الطرف الآخر بمطرقة. حيث ظل ليمبو ومن معه يدقون معاول الهدم في المؤسسة السياسية الأمريكية، ثم ساعدهم على الهدم ظهور منصات التواصل الاجتماعي ومؤسسات إعلامية مثل فوكس نيوز.
وتحولت الولايات المتحدة إلى بلد بدون سلطة حاكمة، وقد ينزلق إلى حرب أهلية، حسب بعض الخبراء. وفي عام 2020، منح ترامب ليمبو وسام الحرية، وهو عمل كشف الكيفية التي تحول فيها الخطاب الشعبوي المتنمر الأبيض والنزعة الميالة للديكتاتورية إلى جزء من الخطاب الرسمي العام في الولايات المتحدة. ولا يمكن تحميل ليمبو الذي مات عام 2021 وشلّته اللوم كله، لأن خطابهم هو عرض لمشاكل أعمق. ويمكن للواحد، حسب الباحث، إرجاع الخلاف داخل البلد إلى فترة الثورة والعبودية والمجمع الانتخابي والتمثيل المفرط للريف في مجلس الشيوخ والفشل في إعادة البناء بعد الحرب الأهلية. وأشار إلى عدد من المشاكل المادية التي دفعت الولايات المتحدة إلى حافة خسارة ديمقراطيتها من كساد دخْل الطبقة المتوسطة، الخوف الدائم من الوضع الاقتصادي، والتحول من اليد العاملة إلى التكنولوجيا والعولمة، وعدم التساوي في الثروة من بين عدة أمور.
وزادت ثروات مدراء الشركات ما بين 1978 -2016 من 30 ضعفا إلى 271 ضعفا. وساهم عاملان آخران ماديان في الأزمة، الأول هو التغيرات الديمغرافية مثل الهجرة والشيخوخة والتزاوج بين الأعراق وتراجع عدد المرتادين للكنائس وزيادة تخويف اليمين المتطرف من استبدال الثقافة الأمريكية التقليدية. أما العامل الثاني، فهو أنانية الأثرياء الذين حاولوا تجنب دفع الضريبة. ومن هنا فقد أدت الفجوة الاقتصادية والعرقية إلى حالة استقطاب شلّت عمل الحكومة وزادت من الفجوات. وبات اليمين واليسار منعزلين عن بعضهما البعض، واعتقد كل طرف أن الرهانات باتت وجودية. واتهما بعضهما البعض بمحاولة تدمير البلد الذي يحبون، في وقت اختفت الطبقة المعتدلة.
والناس في أمريكا مسلحون حتى أسنانهم بوجود 400 مليون قطعة سلاح في أيديهم. ومع أن الطرفين ملامان على الانقسام، إلا أن النصيب الأكبر يقع على اليمين. فمنذ بداية الألفية الثانية، قام الحزب الجمهوري، حسب الباحثة السياسية في جامعة هارفارد ثيدا سكوكبول، بتجيير المال إلى الجماعات الهامشية، واستخدم التبرعات من الأثرياء مثل الأخوين كوتش لتحويل أيديولوجية اليمين المتطرف إلى دوغما للحزب الجمهوري. وزاد انتخاب باراك أوباما عام 2008 من القلق الثقافي ومن المهاجرين وخاصة من الكبار.
وفي ظل ترامب، اتحد الطرفان اليمين المتطرف والحزب الجمهوري. وتحولت أفكار ليمبو إلى وسيلة لزيادة الميول المتشددة للحزب. وقام مقدم البرامج في فوكس نيوز، تاكر كارلسون، والنائبة عن جورجيا مارغوري تيلور بتبني الأفكار. ولهذا السبب صدّقت نسبة 70% من الجمهوريين “الكذبة الكبرى” عام 2020 وأن الانتخابات الرئاسية سُرقت من ترامب. فالاستعداد لتصديق هذه الكذبة أصبح معيار ولاء الحزب الجمهوري لترامب. وكان حملة السلاح ينتظرون الإشارة لاستخدامها. وتقترح الاستطلاعات أن نسبة 20-30% من الأمريكيين الناضجين تعتقد بسرقة الانتخابات وأن استخدام العنف مبرر.
وفي عام 2016، تحدث الكاتب مع خبراء أمريكيين حول انتخاب ترامب، وعبروا عن قلقهم. ثم عاد للحديث معهم قبل فترة، وعبّروا عن غضبهم، قائلين إن الديمقراطية الأمريكية تدهورت منذ الهجوم على الكابيتال هيل العام الماضي. ونقل عن جاك غولدستون، الباحث المهم في أسباب التفكك والثورات بجامعة جورج ميسون، قوله إن التفاؤل حول قدرة صمود الديمقراطية الأمريكية قام على أمرين: قوة مؤسساتها وعقلانية الغالبية الأمريكية.
وجرى فحص الافتراضين في الانتخابات الأخيرة، حيث كشف أن المؤسسات غير محصنة عندما تتعرض للضغط، وأنه يتم تخويف الغالبية للسكوت عندما تقع بين تطرفين. فقد زادت خسارة ترامب من طاقة الحزب الجمهوري وأدت للميول المتشددة داخل شباب الحزب. ومن المتوقع أن يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب والشيوخ في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر النصفية؛ لأن الحزب الحاكم عادة ما يخسر.
ويمكن للجمهوريين تحقيق نصر سهل من خلال استغلال الغضب العام والقلق من التضخم وتعثر جو بايدن بأزمة بعد أخرى. وعندما يسيطر الجمهوريون على الكونغرس، فسيتولون أمر الأجندة الوطنية بشكل يعبّد الطريق أمام ترامب للرئاسة في عام 2024، ويعطيه الفرصة لتبرئة نفسه والانتقام. وهذه المرة لن يقيده أحد، سواء تعلق هذا بالقضايا الوطنية والدولية. وستنهار كل الحواجز بشكل يعطي ترامب وجماعته الفرصة للتدمير.
وحذر الكاتب من أن عاصفة تتشكل لضرب كندا من الجنوب، وهي غير جاهزة لها بسبب الاهتمامات الداخلية بشأن كوفيد-19 والمصالحة والآثار المتزايدة للتغيرات المناخية. وعليها والحالة هذه، الاعتراف بحجم الخطر في حالة انتخاب ترامب مرة ثانية. فالمخاطر الاقتصادية والسياسية لا تحصى. وقد يعزل ترامب كندا عن القارة.