يوم هادئ عاشته جنيف يوم أمس حيث لا جلسات تفاوض ولا لقاءات إعلامية ما اعتبر يوم «استراحة» بامتياز للوفود وللإعلام وسط أجواء مناخية مشمسة نادراً ما تشهدها المدينة السويسرية في مثل هذا الوقت من السنة.
وفِي دردشة مع أحد الدبلوماسيين العرب المتابعين جيداً للمفاوضات، قال الأخير لـ«الوطن»: إن هذه الجولة من المباحثات أو المفاوضات تعد الأعقد والأكثر نضوجاً على الرغم من عدم وجود أي مؤشرات لإمكانية تحقيق أي اختراقات خلالها.
وشرح الدبلوماسي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن مجرد الانتهاء من «الشكل» والانتقال إلى «المضمون» هو عامل مهم جداً للمباحثات إذ ستمكن فريق الأمم المتحدة من استكشاف مقاربة كل وفد وتفسيره الخاص للقرار 2254 وبنوده، مؤكداً في الوقت ذاته، أن وفد الجمهورية العربية السورية برئاسة مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري يتفوق بكثير على باقي الوفود، نتيجة المهنية العالية التي يتمتع بها أعضاء الوفد، والخبرة المتراكمة في قراءة القرارات الأممية وتفصيلاتها، الأمر الذي تفتقد إليه باقي الوفود المشاركة.
وتابع الدبلوماسي: إن (المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان) دي ميستورا ترك الخيار لكل وفد للبدء من حيث يشاء، وكان من الطبيعي للوفد الحكومي السوري أن يبدأ من الإرهاب الذي تتعرض له سورية وخاصة في الأيام القليلة الماضية، في حين بدأ وفد منصة الرياض برؤيته للانتقال السياسي المبنية على بيان جنيف1 وليس على القرار الأممي 2254.
وأضاف الدبلوماسي العربي: إن الوفود جميعها ملزمة خلال هذه الجولة بالبحث في السلات كافة: الإرهاب، الدستور، الانتخابات، والحكم، الأمر الذي سيمكن دي ميستورا من قراءة مقاربة كل وفد وتفسيره لكل سلة من السَّلات الأربع، في بحث جديد عن نقاط مشتركة يمكن أن يبدأ من خلالها مفاوضات مباشرة في حال تمكن من تشكيل وفد واحد للمعارضات وهو أمر مستبعد حالياً.
وختم الدبلوماسي قائلاً: إن فريق دي ميستورا يجد صعوبة بالغة في الحوار مع وفد «الهيئة العليا للمفاوضات» نظراً لانقسامه الداخلي وما بين الأعضاء أنفسهم، في حين أن الحوار مع وفدي منصتي موسكو والقاهرة أكثر سلاسة وهدوءاً وتنظيماً.
وتمضي الأيام في جنيف على وقع الاجتماعات مع المبعوث الخاص واللقاءات الإعلامية لوفود المعارضات التي «تتوزع» على القنوات العربية والأجنبية المتواجدة في جنيف لتغطية جولة المباحثات، في حين يبقى وفد الجمهورية العربية السورية في حالة «اجتماع دائم» وعمل مستمر، فإن لم يكن في قصر الأمم للاجتماع مع دي ميستورا، يكن في قاعة اجتماعات ثانية إما في مقر إقامته أو في مقر البعثة السورية الدائمة في جنيف للعمل والتحضير للجلسات المقبلة وتقييم الجلسة أو الجلسات السابقة والتشاور، في إطار فريق العمل الواحد الذي يخوض معركة دبلوماسية لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، مع ما تتضمنه من ألغام سياسية يزرعها الغرب ويجب تفكيكها، لكن بعيداً عن عدسات الكاميرات والإعلاميين الذين يطل عليهم رئيس الوفد فقط عند الضرورة لتزويدهم بمعلومات يجب أن تكون بحوزتهم لتغطية المسار كما يجب.
وحتى يوم أمس لم يسرب أي بند من بنود الورقة التي قدمها الوفد الجمهورية السورية لـ«دي ميستورا» حول مكافحة الإرهاب، لكن مصدراً قريباً من المبعوث الأممي قال لـ«الوطن»: إن الورقة شاملة وتتضمن عدة بنود موثقة تتعلق بتمويل وتسهيل مرور إرهابيين من دول الجوار وصولاً إلى الدعم الإعلامي الذي يحظون به وضرورة أن يتوقف كل ذلك من أجل المضي في الحل السياسي.
واليوم تعود الاجتماعات لتنعقد في قصر الأمم لكن مع نائب دي ميستورا، رمزي عز الدين رمزي، لكون المبعوث الخاص توجه أمس إلى الأردن للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية.
في الغضون يصل اليوم إلى جنيف نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف لدفع مسار التفاوض وسط غياب أميركي تام، على أن يلتقي وفد الجمهورية العربية السورية غدا الثلاثاء.
الوطن