خطة حكومية للتدخل الاجتماعي “السريع” في الغوطة الشرقية
أنجزت الحكومة المرحلة الأولى من خطة تنمية الموارد البشرية للغوطة الشرقية، وأولويات العمل لاستعادة مقومات الحياة الطبيعية في المناطق المحررة، وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين لتمكينهم من معاودة نشاطهم الاجتماعي بشكل اعتيادي في جميع القطاعات، ضمن أولويات استهداف للفئات المهمشة والأكثر هشاشة وتضرراً، ومعالجة الآثار الضارة على التنمية البشرية وتراجع سبل العيش، وذلك ضمن إطار زمني محدد بدقة، إضافة إلى تحديد الجهات المسؤولة مباشرةً عن تنفيذ كل مهمة في الخطة.
تضمنت خطة التنمية البشرية للغوطة الشرقية مرحلتي عمل؛ الأولى للتدخل الاجتماعي السريع للفئات الأكثر هشاشة، والثانية للتدخل البرامجي لتطوير مؤشرات التنمية الاجتماعية.
شملت المرحلة الأولى (حصلت «الوطن» على نسخة منها) عدة خطوات عمل تستهدف التدخل الاجتماعي السريع للفئات الأكثر تضرراً من الحرب، والبدء بمعالجة 14 مشكلة، وتكثيف الجهود بشأنها، وذلك بعد تحديد الفئات المستهدفة، من الأسر عالية الهشاشة، والمرأة والطفل، والمسنين والعجزة والأشخاص ذوي الإعاقة، بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بشكل أساسي، مع مساهمة جميع الوزارات والجهات العامة، وخاصة وزارة الإدارة المحلية والبيئة؛ في الإشراف، إضافة إلى التنفيذ، بمشاركة الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وبالتنسيق مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة والإسكان، بحيث تكون نتائج هذه المرحلة ومخرجاتها أساساً لتطوير المرحلة الثانية.
زمنياً، بدأت مرحلة التدخل العاجلة قصيرة المدى من شهر آذار الماضي، وتستمر مدة سنة، بشكل أولي، مع إمكانية التمديد حسب الواقع التنفيذي وقياس الأثر، تليها مرحلة التدخل متوسطة المدى، وتمتد لسنتين، يتم خلالها استمرار الجهود حسب مصفوفة العمل التنفيذية، وبما يمكن الحكومة من وضع مؤشرات التنمية الاجتماعية، بحيث تستمر الجهود لمعالجة جميع النواحي الاجتماعية والثقافية والفكرية بالتوازي مع الجهود المستمرة لإعادة البناء التي تتابع بشكل جدي من خلال خطط الوزارات جميعها كل فيما يخصه سواء الاستثمارية أو الإسعافية لإعادة الإعمار.
واقترحت الخطة في مرحلتها الأولى التدخل في مجالات التربية والتعليم والثقافة، والخدمات الصحية والبيئية، والحماية الاجتماعية عبر توفير خدمات الرعاية للطفل والمرأة والمسنين وذوي الإعاقة، إضافة إلى تعزيز سبل العيش، وإنعاش عمل الجمعيات الأهلية والمؤسسات الاجتماعية، وتعزيزها، إلى جانب تدخلات مشتركة تشمل تدخلات في أكثر من قطاع.
14 مشكلة
أما المشكلات الـ14 التي يجب أن تبدأ الحكومة بمعالجتها وتكثيف الجهود بشأنها خلال مرحلة التدخل الاجتماعي السريع، فتشمل الاستجابة التكاملية لاحتياجات المواطنين المقيمين في مراكز الإقامة المؤقتة، وترميم أي نقص في الكادر البشري المتخصص (الأطباء والفنيين والمعلمين) وتأمين الأدوية والمستلزمات والتجهيزات الطبية.
إضافة إلى مشكلات سوء التغذية وخاصة لدى الأمهات والأطفال، والآثار النفسية والاجتماعية للحرب، والظواهر السلبية الأكثر انتشاراً (ضحايا التجنيد القسري، ضحايا الاتجار بالأشخاص، ضحايا العنف، مستمر)، ومعالجة حالات فقدان الرعاية الأسرية من المسنين والعجزة والأطفال والإعاقات، وتقديم الخدمات للأطفال مجهولي النسب.
وتضمنت الخطة أيضاً معالجة مشكلات فقدان سبل العيش الكريم، وترميم المدارس ذات الأضرار البسيطة لدخولها في الخدمة التربوية في أسرع وقت ممكن، وتجهيز المدارس بالوسائل التربوية بما يخدم سير العملية التعليمية، وتسهيل عودة الكادر الإداري والتدريسي والتعليمي (الأطر التربوية)، وتسهيل عودة التلاميذ والطلاب وذويهم، وتعزيز قيم المواطنة والحوار.
وفيما يخص الخدمات المتممة المتعلقة بالقطاعات الأخرى، فقد بيّنت الحكومة أنه يتطلب تنفيذ الخطة العمل بالتوازي مع وزارات أخرى في قطاعات أخرى لتوفير المتطلبات العملية لتنفيذ الخطة وبشكل رئيس وزارة الإدارة المحلية والبيئة، محافظة ريف دمشق حيث ستشمل التدخلات المطلوبة من هذه الجهات التأهيل والترميم الإسعافي للخدمات الرئيسية (طرق، مبان محدودة الضرر، مياه، كهرباء، هاتف)، وتأهيل المباني الحكومية لاستمرار تقديم الخدمات.
مصفوفة التدخل
واستعرضت نسخة المرحلة الأولى من خطة التنمية البشرية للغوطة الشرقية مصفوفة التدخلات، بتحديد الأنشطة التي يتم العمل عليها، والجهات المنفذة لها، مع تحديد دقيق لمتطلبات ومستلزمات التدخل، ضمن سياق زمني واضح، إذ شملت مجالات التدخل 23 نشاطاً، تضمنت بالترتيب؛ توثيق الانتهاكات والممارسات اللاإنسانية على الأهالي من الجماعات المسلحة التي كانت في بلدات الغوطة الشرقية لاستخدامها في التقارير الدولية لحقوق الإنسان ولدحض الادعاءات الدولية الكاذبة (أيضاً تقارير عن الانتهاكات التي تمت في المحافظة وتوثيق جرائم الحرب بالصور)، وتطبيق إدارة الحالة على الأفراد والأسر التي يتم استهدافها بالخدمات الاجتماعية والصحية، وتنفيذ مسح سريع لتقييم الاحتياجات الإنسانية (نموذج الاستمارة)، مع توجيه برامج عمل المنظمات الدولية لخدمة التدخلات السريعة.
إضافة إلى تقديم الدعم والعلاج النفسي والاجتماعي للأفراد والأسر لمعالجة آثار الصدمة من الممارسات اللاإنسانية والعنف وخاصة على المرأة والطفل، وتطبيق منهج مركز إرشاد لمحاربة الفكر التكفيري، وتعزيز القدرة الاستيعابية لدور رعاية اجتماعية ومراكز استضافة مؤقتة لاستيعاب الحالات الاجتماعية والأكثر تضرراً والناتجة عن مفرزات الحرب (الأطفال مجهولو النسب- الأطفال المشردون والمتسولون- الأطفال والمسنون والأشخاص ذوو الإعاقة من فاقدي الرعاية الأسرية- حالات التعنيف وخاصة النساء والأطفال…)، وترميم ما يمكن، وتأمين البدائل للمتضررة، ولاسيما للحالات ذات الأولوية، وإيجاد مراكز تأهيل وإرشاد للأطفال ضحايا التجنيد القسري والاتجار بالأشخاص، وتقديم التسهيلات للأشخاص ذوي الإعاقة للحصول على بطاقات الإعاقة وتسجيل احتياجاتهم لتأمينها (معينات الحركية والأدوية ومستلزمات يومية…)، واعتماد نهج لإيصال الخدمة للمستهدفين عبر فرق جوالة متخصصة (طبية، صحية، دعم نفسي اجتماعي، إرشادي…)، واستكمال الثبوتيات الرسمية وتسجيل المكتومين وتوثيق الأفراد المفقودين.
وتضمنت الأنشطة أيضاً استعادة دور وعمل الجهات الحكومية ولاسيما مخافر الشرطة والبلديات لمنع التعديات والسرقات والتجاوزات وتسوية النزاعات، وتفعيل عمل المصالح العقارية وتثبيت الملكيات الخاصة والعامة، واستعادة العملية التعليمية والبدء بالاستفادة من الأماكن المتاحة لدى الجهات العامة لفتح صفوف دراسية ومحو أمية وتنفيذ حملة العودة إلى التعليم وترميم المدارس ذات الأضرار البسيطة لدخولها في الخدمة التربوية والتعليمية في أسرع وقت ممكن، وتجهيز المدارس بالوسائل التربوية بما يخدم سير العملية التعليمية (مخابر- مكتبات ورفدها بالكتب- حواسيب… الخ)، مع تسهيل عودة الكادر الإداري والتدريسي والتعليمي (الأطر التربوية)، وتسهيل عودة (التلاميذ والطلاب) والالتحاق بمدارسهم وكلياتهم من خلال تطبيق التعليمات الوزارية الناظمة لذلك، إلى جانب إعادة تأهيل الأطر الإدارية والتعليمي في القطاع التعليمية في الغوطة، وتطبيق سبل ميسرة من البرامج المكملة للمناهج (المنهاج ب ـوالتعليم الذاتي).
صحة ومدارس
إضافة إلى تقديم الرعاية الصحية الأولية للأم والطفل (حملات التلقيح والصحة الإنجابية…) وتجهيز مراكز صحية ونقاط طبية موزعة جغرافياً لتغطي الخدمات الطبية مع تقديم حوافز مناسبة، وإعطاء الأولوية في ترميم المشافي والمراكز الصحية والمدارس ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ومراكز خدمة المواطن، والمراكز الثقافية، وتفعيل برامج استعادة سبل العيش عبر التمويل متناهي الصغر والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتقديم حزمة خدمات تأسيس وتسويق منتجات مشاريع أسرية متناهية الصغر مدعومة اجتماعياً، وتنفيذ برامج توعية وحملات إعلامية لتكامل أدوار الجهات وإلقاء الضوء على سرعة وجودة تقديم الخدمات الاجتماعية، وتفعيل المبادرات لتنفيذ استقصاءات مجتمعية حول المتطلبات والاحتياجات وجودتها، ومساعدة المزارعين لاستكمال زراعة أراضيهم ورعاية مزروعاتهم وتأمين مستلزمات الإنتاج وتفعيل عمل الوحدات الإرشادية وبرامج تنمية المرأة الريفية.
وتضمنت الأنشطة أيضاً وضع نظام إدارة موحد لمراكز الإيواء وتقديم المساعدات الغذائية واللاغذائية، وتفعيل عمل البلديات لتأهيل الطرق والمباني وترحيل النفايات وإزالة الأنقاض وتأمين مياه الشرب الآمنة والكهرباء والصرف الصحي وتأهيل الطرق الرئيسية، وتأمين مستلزمات الطاقة (غاز- مازوت- بنزين) للاستهلاك المنزلي والصناعي والزراعي والتجاري، وتوفير المواد الاستهلاكية (غذائية- غير غذائية)، وتنفيذ برامج وحملات إعلامية للتعريف بحزمة الخدمات والبرامج المقدمة للمساهمة في تفعيل مبادرات العمل الأهلي، وتنفيذ برامج استقصائية للتعرف إلى متطلبات واحتياجات المجتمع وجودة الخدمات المقدمة.
الوطن