سفير الصين في دمشق “فنغ بياو” بمقابلة مع “الوطن”: الصين وسورية صديقان وشريكان وأخوان طيبان ومحاولات أميركا لتخريب استقرار “هونغ كونغ” ستبوء حتماً بالفشل
أكد السفير الصيني في دمشق “فنغ بياو”، أن الصين وسورية صديقان وشريكان وأخوان طيبان، صمدا أمام جميع الاختبارات، وظل البلدان يتبادلان الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى.
وخلال مقابلة أجرتها صحيفة “الوطن” هاتفياً مع السفير “فنغ بياو”، للوقوف على ما يجري بخصوص ما يجري في هونغ كونغ والتدخلات الغربية المتواصلة بالشؤون الداخلية للصين، اعتبر سفير الصين في دمشق أن قانون جمهورية الصين الشعبية بشأن صيانة الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة”، الصادر عن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، هو أمر ضروري جداً، وجاء في وقت مناسب جداً، لأنه استجاب لتطلعات ورغبات أبناء الشعب الصيني من مختلف القوميات، بمن فيهم “الأشقاء” في هونغ كونغ.
السفير “فنغ بياو” لفت في مقابلته مع “الوطن”، إلى أن الولايات المتحدة تحاول استغلال شؤون هونغ كونغ لتخريب استقرارها والتدخل في شؤون الصين الداخلية وإبطاء تنميتها، مؤكداً أن هذه المحاولة مكشوفة للعيان وستبوء حتماً بالفشل، مبيناً أنه وبعد إقرار قانون “صيانة الأمن القومي في منطقة “هونغ كونغ” ، لن تتغير سياسة “دولة واحدة ذات نظامين”، ولن يتغير النظام الرأسمالي في “هونغ كونغ”، ولن يتغير الحكم الذاتي بالدرجة العالية، ولن يتغير النظام القانوني فيها.
في يوم 30 حزيران، أقرت الجلسة الـ20 للجنة الدائمة للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني “قانون جمهورية الصين الشعبية بشأن صيانة الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة”، رجاء تسليط الضوء على الخلفية لإصدار هذا القانون.
منذ عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم قبل 23 عاماً، نُفّذت سياسة “دولة واحدة ذات نظامين” بشكل ناجح، الأمر الذي يبقي الازدهار والتنمية في هونغ كونغ مركزاً دولياً للتجارة والملاحة والمالية. غير أن المعارضة في هونغ كونغ، بالتواطؤ مع القوى الأجنبية، قامت بأعمال الانفصال والانقلاب والتغلغل والتخريب ضد البر الرئيسي في السنوات الأخيرة.
على سبيل المثال، تشكل أعمال العنف المناهضة للصين منذ حزيران من العام الفائت، انتهاكاً سافراً لسيادة القانون في هونغ كونغ، وتؤدي إلى تخريب الاستقرار الاجتماعي وتشكل صدمة كبيرة للاقتصاد ومعيشة الشعب، وتخلف عشرات مليارات من الخسائر الاقتصادية.
تروّج قوى “استقلال هونغ كونغ” والقوى الانفصالية الراديكالية المحلية بشكل فاضح “استقلال هونغ كونغ” و”تحرير هونغ كونغ”، وحتى تدعو إلى “إقامة دولة بالقوة”، الأمر الذي أدى إلى التصعيد المستمر لأعمال العنف والإرهاب.
في هذا السياق، تزيد القوى الأجنبية تدخلاتها الفاضحة في شؤون هونغ كونغ، وتدعم بشكل علني المعارضة والعناصر الخارجة عن القانون، وتوفر لهم “مظلة الحماية”.
لو أطلقنا العنان لهؤلاء لإثارة الضجة في هونغ كونغ وجعل هونغ كونغ قاعدة لأعمال التغلغل والانقلاب ضد البر الرئيسي، فذلك سيفسد سياسة “دولة واحدة ذات نظامين”، بل سينسف الاستقرار والازدهار في هونغ كونغ. منذ عودة هونغ كونغ قبل 23 عاماً، لم تفِ بالمسؤولية التأسيسية المنوط بها في الدستور والقانون الأساسي في مجال صيانة الأمن القومي، الأمر الذي جعلها منطقة مستباحة أمام الأعمال الإجرامية المذكورة سالفاً، بسبب الثغرات القانونية الواضحة وغياب الآلية التنفيذية، على هذه الخلفية، يكون القانون الصادر عن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني أمراً ضرورياً جداً وجاء في وقت مناسب جداً، لأنه استجاب لتطلعات ورغبات أبناء الشعب الصيني من مختلف القوميات، بمن فيهم الأشقاء في هونغ كونغ.
ما المحتويات والأهداف الأساسية لـ”قانون جمهورية الصين الشعبية بشأن صيانة الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة”؟
يتكون القانون الجديد من 6 فصول و66 مادة، والمحتويات الأساسية تكمن في إقامة واستكمال النظام القانوني والآلية التنفيذية للحفاظ على الأمن القومي في هونغ كونغ، وتهدف بالأساس إلى محاسبة المجرمين المنتهكين للأمن القومي بشكل خطير، وعددهم قليل جداً. يشمل القانون النقاط التالية:
أولاً_ قامت الحكومة المركزية باستحداث مفوضية صيانة الأمن القومي المعتمدة في هونغ كونغ، التي تكون مسؤولاً أمام الحكومة المركزية مباشرة ولا تخضع لاختصاص حكومة منطقة هونغ كونغ. وتشمل وظيفتها تحليل ودراسة وضع هونغ كونغ في مجال صيانة الأمن القومي وتقديم الآراء والاقتراحات حول الإستراتيجيات والسياسات المهمة لصيانة الأمن القومي؛ القيام برقابة وإرشاد وتنسيق ودعم منطقة هونغ كونغ للالتزام بمسوؤلية صيانة الأمن القومي؛ جمع وتحليل المعلومات حول الأمن القومي؛ معالجة القضايا المخربة للأمن القومي وفقاً للقانون.
ثانياً_ استحداث لجنة صيانة الأمن القومي على مستوى المنطقة الإدارية الخاصة. تمارس منطقة هونغ كونغ اختصاصها عبر هذه اللجنة على القضايا الأمنية المخربة للأمن القومي من 4 فئات المنصوص عليها في هذا القانون، وهي قضية تقسيم البلاد والانقلاب والإرهاب وتخريب الأمن القومي بالتواطؤ مع الدول والقوى الأجنبية. ها هي الحالات العادية، وفي الحالات الاستثنائية الثلاث التالية، تقوم مفوضية صيانة الأمن القومي بممارسة الاختصاص: أولاً_ حالة يصعب لمنطقة هونغ كونغ ممارسة اختصاصها لوجود حالات معقدة مثل تدخلات الدول أو القوى الأجنبية.
ثانياً_ حالة خطيرة تعجز فيها حكومة هونغ كونغ عن تطبيق هذا القانون.
ثالثاً_ حالة يتعرض الأمن القومي فيها لتهديدات واقعية وخطيرة. وضعنا هذا الترتيب لأن منطقة هونغ كونغ، باعتبارها منطقة إدارية محلية، ليست في يدها إلا إمكانيات ووسائل محدودة لصيانة الأمن القومي، فالحفاظ على اختصاص الحكومة المركزية اللازمة والحاسمة في الحالات التي تتجاوز الاختصاص أو القدرة أو السيطرة لمنطقة هونغ كونغ، لأمر يضمن الأمن القومي في المنطقة بشكل تام.
رابعاً_ استكمالاً لمفوضية الأمن القومي ولجنة الأمن القومي، سيتم استحداث وحدة خاصة لصيانة الأمن القومي في مكتب الشؤون الشرطية التابع لحكومة منطقة هونغ كونغ للتعامل مع التصرفات والأعمال التي من شأنها تخريب الأمن القومي. كما سيتم استحداث وحدة خاصة في مصلحة القانون والقضاء التابعة لحكومة هونغ كونغ لرفع الدعاوى ضد القضايا الإجرامية المخربة للأمن القومي.
لماذا وضعت الصين القانون المعني على مستوى الدولة؟
ظلت شؤون الأمن القومي، مثل الشؤون الدفاعية والخارجية، من صلاحية الحكومة المركزية، وهو أمر متبع في جميع الدول. في القانون الأساسي لهونغ كونغ، تسمح الحكومة المركزية لهونغ كونغ بوضع القوانين بنفسها والالتزام بمسؤوليتها التأسيسية، غير أن ذلك لا يمنع الحكومة المركزية من مواصلة جهودها لإقامة النظام القانوني والآلية التنفيذية لصيانة الأمن القومي وفقاً للظروف والحاجات الواقعية، إذ إن الحكومة المركزية تتحمل المسؤولية الأكبر والأخيرة لصيانة الأمن القومي في جميع المناطق الإدارية المحلية، وهو المبدأ الأساسي للسيادة الوطنية والأمر المتبع في جميع دول العالم. في ظل الوضع الأمني الحالي في هونغ كونغ، جاء إصدار وتطبيق ” قانون جمهورية الصين الشعبية بشأن صيانة الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة” كأمر ضروري ومعقول.
ترى الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية أن القانون يخالف “البيان المشترك بين الصين وبريطانيا”، كما أصدر الكونغرس الأميركي ما يسمى “قانون الحكم الذاتي لهونغ كونغ”. ما رأيكم في ذلك؟
يعد الأمن القومي الشرط المسبق للحياة والتنمية والأهم الطلب الأساسي والجوهري لصيانة السيادة الوطنية. إن هونغ كونغ جزء للصين، فاتخاذ الحكومة الصينية الإجراءات الضرورية وفقاً للدستور والقانون الأساسي حفاظاً على الأمن القومي في هونغ كونغ وهذا أمر من الشؤون الداخلية الصينية ويتفق مع المبادئ والسياسة التي تتبعها الحكومة المركزية تجاه هونغ كونغ طوال الوقت، فلا يحق لأي دولة أجنبية توجيه الاتهامات أو الإملاءات في هذا الصدد.
بعد عودة هونغ كونغ، تحكم الحكومة الصينية المنطقة وفقاً للدستور والقانون الأساسي لهونغ كونغ وليس “البيان المشترك بين الصين وبريطانيا”، لأن البنود المتعلقة بالجانب البريطاني في هذا البيان قد تم تنفيذها مع عودة هونغ كونغ، بالإضافة إلى ذلك، لم يفوّض البيان بريطانيا أي مسؤولية على هونغ كونغ، فلا سيادة لبريطانيا على هونغ كونغ ولا حق الاختصاص ولا حق الرقابة، فلن يصبح البيان حجة لبريطانيا وأي دولة أخرى للتدخل في شؤون هونغ كونغ.
تحاول الولايات المتحدة استغلال شؤون هونغ كونغ لتخريب استقرارها والتدخل في شؤون الصين الداخلية وإبطاء تنميتها، هذه المحاولة مكشوفة للعيان وستبوء حتماً بالفشل.
هل سيؤثر القانون في سياسة “دولة واحدة ذات نظامين”؟
يتفق القانون تماماً مع الهدف الأصلي لسياسة “دولة واحدة ذات نظامين”، إذ إنه يهدف إلى سد الثغرات القانونية والقصور المؤسسية لهونغ كونغ في مجال صيانة الأمن القومي، وإزالة العوائق والفخوخ والتهديدات التي تقف في طريق تنمية هونغ كونغ إلى أقصى حد، وضمان استفادة هونغ كونغ من فوائد “النظامين” إلى أقصى حد مع الالتزام بمبدأ “الدولة الواحدة”، والحفاظ إلى أقصى حد على المصالح الأساسية لأهالي هونغ كونغ والحقوق والحرية الكبيرة التي يتمتعون بها وفقاً للقانون. بعد إقرار هذا القانون، لن تتغير سياسة “دولة واحدة ذات نظامين”، ولن يتغير النظام الرأسمالي في هونغ كونغ، ولن يتغير الحكم الذاتي بالدرجة العالية، ولن يتغير النظام القانوني فيها.
عموماً، سيسهم هذا القانون في تحسين الأجواء الاجتماعية للتبادل والتعاون بين هونغ كونغ وكل الدول، وضمان الأعمال والتبادلات التجارية لجميع الشركات وفقاً للقانون، وليتوافر للمستثمرين الأجانب بيئة قانونية أكثر استكمالاً وبيئة تجارية أكثر استقراراً وموثوقية، طالما يُضمن الأمن القومي، ستسير سياسة “دولة واحدة ذات نظامين” بخطوات أكثر اتزاناً وإلى أفق أبعد ومستقبل أفضل.
كيف تدعم سورية الجانب الصيني في وضع القانون بشأن الأمن القومي في هونغ كونغ والقضايا المتعلقة بها؟
إن الصين وسورية صديقان وشريكان وأخوان طيبان، صمدا أمام الاختبارات كافة، وظل البلدان يتبادلان الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى، وكانت سورية من أوائل الدول التي دعمت وضع الصين للقانون بشأن الأمن القومي في هونغ كونغ بشكل علني، وأصدرت وزارة الخارجية السورية في31 من أيار الماضي، بياناً حول وضع القانون بشأن الأمن القومي في هونغ كونغ، حيث أعربت فيه عن رفضها لتدخل الدول الغربية في شؤون الصين الداخلية، ودعمها لجهود الصين الرامية إلى صيانة سيادة الدولة وسلامة أراضيها، ودعمها لسياسة “دولة واحدة ذات نظامين”.
كذلك جدد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلم موقف سورية الداعم للصين حول القانون بشأن الأمن القومي في هونغ كونغ عند لقائه معي.
إضافة إلى ذلك، أجرى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، مقابلة خاصة مع وسائل الإعلام الصينية في الثالث من حزيران الفائت، أعرب خلالها عن دعمه الثابت لقرار الدورة الثالثة لمجلس الشعب الوطني الثالث عشر لجمهورية الصين الشعبية المتضمن الموافقة على وضع قانون لتحسين نظام الآليات القانونية والتنفيذية لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بهدف الحفاظ على الأمن القومي، واعتبر أن القانون سيسهم في صيانة الازدهار والاستقرار في هونغ كونغ، وهو يتفق مع المصالح الأساسية للشعب الصيني وخاصة أهالي هونغ كونغ، كما ندد المقداد بسياسات الدول الغربية ضد الصين التي تهدف إلى تخريب استقرار الصين وإبطاء تنميتها وإساءة سمعتها.
“نعبر عن جزيل شكرنا لدعم الجانب السوري في القضايا المتعلقة بهونغ كونغ، وسنبذل جهوداً مشتركة مع أصدقائنا السوريين لدفع علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين إلى تحقيق تقدم جديد”.
الوطن – سيلفا رزوق