ضبط نفقات!
ضبط النفقات كحلّ مجد له في عالم الصناعة والاقتصاد أبحاث وأبحاث، لكن ألف باء هذا الحل في ألا يكون على حساب الأساسيات من مستلزمات العملية الإنتاجية، لا يمكن لك ضبط النفقات بتقليل ميزانية أجور الشحن للمواد الأولية، لأنك من دون مواد أولية ستغلق أبواب المنشأة.
مع تفشي ظاهرة العالم الرقمي وتحول العالم إلى قرية صغيرة، بدا واضحاً أن الأرباح الخيالية التي تحققها كبريات الشركات التي تستثمر في العقل البشري لا أكثر هي بداية عصر جديد من الرأسمالية المتوحشة التي كما لها سلبيات تطاردها لديها إيجابيات لا يمكن تجاهلها، لن نخوض هنا بإيجابياتها لكن لو فكرنا بالسلبيات لوجدنا أهمها تحول هذه التقنيات إلى مكمّل لتفاصيل الحياة اليومية للبشر، من الهاتف المحمول الذي بات خزاناً لكل ثبوتياتك وصولاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت ولا تزال الدجاجة التي تبيض ذهباً، هنا تحديداً يصبح ضبط النفقات درساً لمن يريد أن يتعلم وليس مجرد خبر عابر، هنا دعونا نعد من جديد إلى قصة الملياردير الأميركي «إيلون ماسك» واستحواذه على تويتر فالرجل الذي رفع راية «لا شيء مجانياً» ضرب من جديد عندما أعلن أن سياسة إعادة الهيكلة لن تشمل فقط تسريح «العمالة الفائضة» وهي ليست فائضة بالمناسبة لأن تويتر لم تكن جمعية خيرية لكنها إلغاء لوظائف يراها ماسك من دون فائدة ولا تخدم الشركة، لكن جديد ماسك اليوم قراره إلغاء الوجبات المجانية التي كان مقر الشركة في سان فرانسيسكو يقدمها بالمجان للعاملين هناك بادعاء الحاجة لتوفير 400 مليون دولار، بمعزل إن كنا نتفق أم لا مع الطريقة التي يفكر بها ماسك لكنه فعلياً يقدم لنا دروساً مجانية في التعامل مع الإصلاح المبنى على المصلحة العامة للشركة، هناك الآن من سيسأل وماذا نستفيد من كل هذه الأمثلة عن ضبط النفقات؟بصراحة سبب الكتابة عن هذا الموضوع هي صورة وصلتني لـ«موكب» أحد الوزراء كان يجري جولة تفقدية في إحدى المدن السورية، تساءلت في نفسي كيف يستطيع الغرب المجرم دراسة الأولويات وتحديد السياسات خلال أسبوع فيما لم يبق أحد من الغيارى على بلدنا الحبيب منذ بداية الحرب اللعينة حتى اليوم لم يكتب عن الفاتورة المرعبة التي تستهلكها آليات القطاع العام من وقود وإصلاح وتوظيفها بغير مكانها دونما اكتراث، ربما لأن الأمر هنا يمس بشكل مباشر «راحة سيادتو»، هذا مثال بسيط فقط لكنه للأسف يمر من أمامنا يومياً عشرات المرات وكلمة السر الوحيدة في كل ذلك:
لماذا لا ينطبق عليكم مصطلح ضبط النفقات؟!