في إطار الضغوط المنبثقة عن «أهواء الدبلوماسية العالمية» … إبعاد روسيا عن «حقوق الإنسان»
اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» غير الحكومية الحكومة السورية بحجب معلومات «حاسمة» عن هجمات كيميائية، على حين رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة ترشح روسيا إلى مجلس حقوق الإنسان بزعم «أفعالها في سورية».
ويرى مراقبون أن هذه الاتهامات للحكومة السورية، ورفض الجمعية العامة للأمم المتحدة ترشح روسيا إلى مجلس حقوق الإنسان يأتي في إطار الضغوط المنبثقة عن «أهواء الدبلوماسية العالمية» اتجاه البلدين للتشويش على جهودهما في مكافحة الإرهاب.
وترشحت روسيا لتجديد عضويتها عن أوروبا الشرقية في مجلس حقوق الإنسان للتنافس مع كرواتيا والمجر على مقعدين، لكنها لم تحصل خلال التصويت الذي حصل الجمعة سوى على 112 صوتاً، مقابل 114 لكرواتيا و144 للمجر.
وكان التصويت يجري لانتخاب 14 عضواً جديداً للمجلس الذي يتخذ من جنيف مقراً له ويضم 47 عضواً يتم انتخابه لمدة 3 سنوات. وتنتهي فترة روسيا في المجلس في 31 من كانون الأول المقبل حسبما أفاد الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم».
ورغم نجاح الضغوط بحرمان روسيا من تجديد ولايتها إلا أن انضمام مصر وجنوب إفريقيا عن مجموعة الدول الإفريقية، وكذلك العراق والصين عن مجموعة آسيا والمحيط الهادئ من شأنه مواصلة المسار الموازي داخل المنظمة بالدفاع عن دمشق ولاسيما أن الدولتين العربيتين العراق ومصر تواجهان كما سورية إرهاب تنظيم داعش وأعماله الوحشية، كما أن الصين وجنوب إفريقيا هما عضوان في مجموعة بريكس التي تدعم سورية.
واعتبر مدير منظمة «رايتس ووتش» أن نتيجة التصويت «إشارة تحذير لموسكو بسبب أفعالها في سورية»، معرباً عن أمله في أن «تكون الرسالة قد وصلت» بحسب ما صرح لوكالة «فرانس برس».
وسبق التصويت بأيام دعوة من ثمانين منظمة حقوقية وإغاثية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إخراج روسيا من مجلس حقوق الإنسان بسبب ما سمته «هجومها الهمجي في سورية»، كما دعت الدول الأطراف في «رايتس ووتش» في بيان مشترك، إلى طرح «أسئلة جدية» حول ما زعموه من «دور روسيا في سورية، ودعمها وتنفيذها عمليات عسكرية استهدفت مدنيين وأهدافاً مدنية بشكل روتيني»، معتبرين أن ذلك «يجعلها غير أهل لأن تكون عضواً في مؤسسة لحقوق الإنسان» بحسب تعبيرهم.
وكان لافتاً خلال التصويت قبول عضوية السعودية في خطوة «مثيرة للجدل» بحسب منظمة «هيومن رايتس ووتش» بعد حصولها على 154 صوتاً، رغم الانتقادات الكثيرة لها بسبب حملتها العسكرية في اليمن. الموقف الأممي من روسيا ربطته الأخيرة بـ«أهواء الدبلوماسية العالمية»، حيث علق مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين على نتائج التصويت بالتأكيد أن بلاده بحاجة إلى «استراحة»، بعدما بقيت في المجلس «لسنوات عدة على التوالي» وأضاف: «إنني واثق من أننا سنفوز بمقعد في الانتخابات القادمة».
وتابع: إن روسيا خلال التصويت، نافست مع «دولتين جيدتين جداً»، واستدرك ساخراً: لحسن الحظ لهذين البلدين، إنهما بسبب حجمهما، غير معرضين لرياح الدبلوماسية العالمية بقدر كبير، أما روسيا فمعرضة لتلك الأرياح كثيراً».
بدوره قال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس النواب الروسي(الدوما) ليونيد سلوتسكي: إن فقدان روسيا مقعدها في مجلس حقوق الإنسان، أمر مؤسف، لكنه «ليس مميتاً». ورجح أن تكون نتائج التصويت في الجمعية العامة، ناتجة عن حملة شنها خصوم روسيا لتشويه سمعتها.
وعلى حين كانت الضغوط تدفع لإبعاد موسكو عن المجلس أبدت «رايتس ووتش» استياءها من تجديد ولاية السعودية فيه، معتبرة أنه لا مكان للرياض في هذا المجلس، بسبب الغارات العشوائية التي يشنها تحالف العدوان السعودي على اليمن.
«رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها اتهمت دمشق أيضاً بحجب معلومات «حاسمة» قالت: إنها «يمكن أن تساعد في تحديد المسؤولين عن الهجمات الكيميائية في سورية.
وقالت المنظمة على موقعها الرسمي، أمس السبت، وفق موقع «الحل السوري» الالكتروني المعارض: إن لجنة التحقيق الأممية، تمكنت من تحديد الوحدات العسكرية المسؤولة عن طلعات جوية متصلة بهجمات كيميائية، لكنها «لم تحدد أسماء قادة الوحدات، مشيرة إلى عدم رد حكومة النظام على استفسارات وصفتها بالحاسمة».
وزعم مدير قسم الأمم المتحدة في المنظمة، لويس شاربونو، بأن «الأدلة تتزايد على تعمد النظام تعطيل المساءلة عن الهجمات الكيميائية التي نفذتها قواتها، وعرقلة التحقيق الدولي»، معتبراً أن «غياب أسماء المتورطين المباشرين، يجب ألا يمنع مجلس الأمن، من فرض عقوبات على قادة كبار في سلسلة القيادة، سمحوا بحدوث الهجمات تحت أبصارهم» على حد زعمه.
وفي معرض استيائه من منع روسيا إصدار قرار من «مجلس الأمن» حول إحالة الوضع في سورية إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، قال شاربونو: إنه «من العار أن تحبط روسيا تحرك مجلس الأمن، فقط لأن التحقيق أتى بنتيجة لا تعجبها»، حيث أكدت روسيا أن التحقيق الأممي «لا يستند إلى أدلة مقنعة».
وفي موقف متماه مع شاربونو قال نائب وزير الخارجية الأميركي، مارك تونر أمس الأول: إن «الوقت حان ليواجِه النظام تبعات أعماله»، مؤكداً أن هناك دولاً، لم يسمها، «تحميه من عواقب انتهاكاته رغم وضوح الأدلة على ارتكابها».
وكالات