مدراء و سائقو تكاسي في آن واحد
لم تعد هيبة المنصب تعني الكثيرين من المديرين بعد أن قزمت الأحداث الجارية بعضهم ونالت من حضورهم الاجتماعي بفعل المجموعات المسلحة وبعد أن أعجزهم غلاء المعيشة لتراجع ميزاتهم ومداخيلهم التي لم تكن تبدأ عند الحوافز وتمر بالإضافي وتنتهي بأذونات السفر بل تتعداها إلى منافع أخرى محسوبة على باب الهدية، إذ إنها مع تقادم الأحداث تبددت جميعها وخاصة في الدوائر التي لم يعد لديها عمل واعتمادات لتنفيذ مشروعات لعدم حيويتها في الظرف الراهن مقارنة بالدوائر الخدمية الحيوية الأخرى المرتبطة بحياة ومعيشة الناس، وأمام هذا الواقع غدا عدد من مديري الدوائر يعملون سائقي تكسي من نمط جديد فرضته الظروف الحالية ويتمثل هذا النمط بأن المدير أثناء إيابه من ريف المحافظة إلى مدينة درعا حيث مكان العمل وكذلك حين المغادرة يقوم بتحميل ركاب بسيارته السياحية الخاصة وجلهم من الموظفين وفي الغالب من العاملين لديه مقابل أجرة يحددها بحيث يغطي نصفها تقريباً ثمن وقود السيارة. والنصف الثاني هي أتعاب وهي وفق الأجور الرائجة مجزية فمثلاً من مدينة درعا إلى بعض البلدات يتقاضى عن الراكب 500 ليرة سورية ولقلة وسائط النقل حالياً يقبل الركاب أحياناً بالجلوس حشراً اثنين بجانب المدير وأربعة في الكرسي الخلفي والإجمالي يشكل غلة دسمة تجعل من المدير يضع كل اعتبارات هيبة المنصب جانباً فتجده يجول لجمع الركاب وحتى انتظارهم في الشارع حتى يصلوا، وفي أحد المرات عاتبنا أحد المديرين لشكايتنا للجهات المختصة تجاه الفحش والاستغلال الحاصل في أجور التكاسي السياحية الخاصة آخذين بالحسبان أنه غير مرخص لها بهذا العمل وهي تعمل على حساب السرافيس والتكاسي المرخصة أصولاً لنقل الركاب وتدفع رسوماً كبيرة لخزينة الدولة لقاء ذلك على حين إن السيارات السياحية الخاصة لا تدفع سوى قيمة التأمين الإلزامي البالغ 4 آلاف ليرة سورية فقط، وعتب المدير مرده أنه ينقل الركاب لتغطية نفقات الانتقال للعمل في المدينة بسيارته الخاصة من الريف الساخن الذي لا يمكن الدخول إليه بسيارة الدولة وأن دوريات المرور بدأت تدقق في الحالة للانتفاع من ورائها، وبالتأكيد نحن لسنا ضد حالة نقل للمديرين للركاب لكننا مع أجور معقولة فيها رحمة للركاب وخاصة من الموظفين الذين يداومون بشكل يومي وقد أنهكتهم تلك الأجور بشكل لم يعد محتملاً، وما يسوّغ ضرورة التخفيض أن السيارات الخاصة لا تدفع رسوماً لقاء هذا العمل مثل سيارات العمومي كما أن المديرين لهم مخصصات من مادة البنزين يستثمرونها في سياراتهم الخاصة لكونهم لا يستطيعون الذهاب بالسيارات الحكومية إلى قراهم الساخنة، كما أننا مع متابعة شرطة المرور للحالة لكن للحد من استغلال الركاب وليس من أجل شيء آخر.
الوطن