اقتصاد

مرض حكومي خطير!

مرض حكومي خطير، لم يتم الانتباه إليه بشكل جدي، رغم تداعياته المرهقة للمواطنين منذ سنوات.
أبرز أعراض هذا المرض هو الخوف من الخروج خارج صندوق التفكير القديم، في رسم وإدارة السياسات العامة، التي ثبت عدم نجاحها، بحكم النتائج، عبر سنوات طويلة خلت، وهذا ما يجعل المسؤول يمتهن الحديث عن الأعذار والمبررات لأي خلل يحدث في عمل مؤسسته.
بحسب كبار الخبراء في التنمية البشرية، فإن العقول التبريرية مسؤولة عن 99 بالمئة من الفشل المعروف في عالمنا، كما أن تلك العقول تفشل دوماً في تحقيق النجاح.
دخولاً في صلب الموضوع، سنلجأ إلى فكرة «دراسة الحالة» لتقديم مثال حيّ، قائم حالياً، مفعمّ بالتخبط والألم، وهو موضوع سحب الرواتب والمعاشات من الصرافات الآلية.
لا يخفى على أحد مشاهد الازدحام الشديد، وغير المسبوق أمام صرافات المصرفين العقاري والتجاري، وأغلبيتهم من أعمار تتجاوز 60 عاماً، وكثيرون شهدوا حالات إنسانية تجعلك تشمئز من تطبيق التكنولوجيا الحديثة عندما تكون بعض أدوات السياسات العامة بالية!
آلاف المتقاعدين ينتظرون ساعات لاستلام معاشاتهم منذ يومين، ومستمرون، والأسبوع القادم قد تتفاقم الحالة نظراً لبدء صرف رواتب الموظفين، وهم بمئات الآلاف أيضاً، في حين لدينا عدد محدود من الصرافات العاملة، والدور على كل منها بالعشرات، والمشاهد مرعبة، ورغم ذلك ما من خطة طوارئ فعلية للتعامل مع هذه الأزمة، ولا تركيز على الأسباب الحقيقية وراءها، والتي يتم تكرارها كل شهر، والانتقال إلى حلّها.
حلول بسيطة يمكن تطبيقها استثنائياً لفترة محدودة لا تتعدى الأيام تكون كفيلة بحل أزمة الصرافات المتوقع تفاقمها، وهي ليست من خارج الصندوق فعلياً، أولها استنفار المصرفين وفرض مناوبات لعدة أيام لتغذية الصرافات وضمان تشغيلها على مدار الـ24 ساعة، مع حراسة مشددة، من بعض الجهات المختصة.
تخصيص أماكن للعجزة مع موظفين لمساعدتهم بالسحب، وهذا يسّرع عملية السحب، وينقل صورة إنسانية في التعامل مع كبار السن، إضافة لفتح سقف السحب اليومي إلى 100 ألف ليرة، والطلب من بعض المؤسسات صرف الرواتب عبر المحاسبين.
تلك بضع أفكار يتحدث فيها جميع الناس، من شأنها حلّ مشكلة الصرافات، التي يمكن سحبها على طريقة التعاطي الحكومي مع كافة الأزمات السنوية المتكررة منذ 9 سنوات، بلا نتيجة، لأنه كما قلنا، هناك مرض حكومي خطير، اسمه «رهاب» الخروج من الصندوق في التفكير.

علي نزار الآغا

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock