إمكانية لتحويل جزء من مؤسسات “العام” إلى شركات قابضة
وعد وزير الصناعة مازن يوسف أن تكون الخطوات القادمة لمعالجة ملف الفساد ضمن منهجية صريحة وشفّافة، بهدف مكافحة حالات الفساد، سواء المالي أم الإداري، أينما وجد، وذلك من خلال دراسة وتقييم أداة المؤسسات والشركات التابعة وضمن الوزارة وفق الأصول النافذة.
وفي أول حديث صحفي، أكد اليوسف في حديث لـ«الوطن» أن معالجة الفساد تعتبر من أولويات عمل الوزارة وفق التوجهات العليا، من دون أن يخفي حال المؤسسات والشركات التابعة للوزارة اليوم، والتي هي بحاجة ماسة لخريطة صناعية، يتم من خلالها إعادة تقييم جميع الشركات والمعامل، انطلاقاً من تحديد توجهات معينة يتم العمل عليها، بالنسبة للوزارة، لجهة الحفاظ على معامل منتجة، ويمكن دمج شركات للوصول إلى حالة إنتاجية ذات جدوى اقتصادية مهمة، وفق المطلوب، حتى لو استدعى الأمر اللجوء إلى تصفية بعض الشركات، مبيناً أن كل ذلك يأتي انطلاقاً من خريطة تقوم على أسس واضحة، تتلخص بأننا اليوم بحاجة إلى صناعات تعتبر أساسية في مرحلة إعادة الإعمار.
إحلال المستوردات
أوضح اليوسف أنه التوجه الحالي للوزارة يهتم بالدرجة الأولى بصناعات تعتمد على مواد أولية محلية، والعمل على إحلال بدائل للمستوردات، إلى جانب صناعات ذات قيمة مضافة عالية، هذا إضافة إلى إعادة هيكلة اليد العاملة في الوزارة وإطلاق عملية التأهيل والتدريب الإداري والمهني والفني، فهذه بمجملها تشكل الأسس التي تعمل الوزارة عليها خلال المرحلة القادمة، لافتاً إلى أهمية تعزيز البيئة القانونية والتمكينية للمؤسسات، وإعادة النظر في بعض القوانين والأنظمة المعمول بها مثل نظام العقود والشكل المؤسساتي للوزارة.
وأشار الوزير إلى أن هناك تركيزاً على دراسة هيكلة الوزارة والمؤسسات للقطاعين العام والخاص، على اعتبار أن مسؤولية الوزارة تجاه القطاع الخاص سوف تندرج ضمن الخرطة الاقتصادية، مؤكداً أهمية العمل ضمن روح التشاركية، أو تحويل جزء من مؤسسات القطاع العام إلى شركات قابضة مساهمة، لكن مع الحفاظ على ملكيتها، ووجود شريك استراتيجي بنسبة معينة من الأسهم، ومع الحفاظ على النسبة الأكبر للوزارة، وذلك بهدف تعزيز قيمة الأصول التي تملكها الدولة، وتحويلها إلى شركات رابحة.
وبيّن أنه تتم حالياً دراسة كامل الشركات ليعاد استثمارها بأي طريقة كانت، سواء تشاركية أو غيرها، بغية التوصل إلى تحقيق إيرادات ريعية من خلال استثمارها، والمهم أنه لن يتم تركها على ما هي عليه في الوضع الحالي.
مزايا تشجيعية
كشف الوزير عن وجود مساعٍ تقوم بها الوزارة بتفعيل عمل الاتحادات بشكل مجدٍ، بهدف تنظيم القطاع الصناعي العام والخاص، لافتاً إلى أن العمل سيكون وفق أطر معينة، مؤكداً تبسيط الإجراءات ومنح مزايا معينة لبعض الصناعات لتشجيعها.
وبخصوص القطاع الخاص، أشار اليوسف إلى أنه على الرغم من أن هذا القطاع قادر على التكيف، وهو حريص على منشآته وإنتاجه وموقعه في الأسواق المحلية والخارجية، إلا أن هذا لا ينفي وجود عدد من الصعوبات والتحديات التي تعترض سير عمله، سواء ما واجهه قبل الحرب، أم أثناءها، ما أدى إلى خسارة العديد من منشآته والتجهيزات والموارد البشرية، وحتى الأسواق، وهذا يعني خسارة الإنتاج المحلي لمساهمة مهمة، لذلك تعمل الوزارة ضمن رؤيتها القادمة على توفير بيئة تمكينية جاذبة للاستثمار الصناعي الخاص، وتسهم في تكين النسيج الصناعي وتعافيه، ليعود مجدداً، وبقوة، لممارسة دوره في النمو الاقتصادي، والاجتماعي، ويكون ذلك من خلال العديد من الإستراتيجيات التي تدرس، منها تخفيف ما أمكن من القيود التي فرضت على الشركات نتيجة الحرب، بما يؤمن حرية الانتقال ووصول المواد ومستلزمات الإنتاج بالسرعة والكلفة والجودة التي تحقق تنافسية للصناعة، إضافة إلى تفعيل دور الصناعات المحليات في إعادة رسم إستراتيجيات التنمية الصناعية في نطاقاتها الجغرافية، والاستفادة من مزايا معنية وإعادة تفعيل ودعم المدن والمناطق الصناعية بحيث يكون القطاع الخاص سنداً للقطاع العام، مؤكدا أن هناك خطة لإعادة النظر بقوانين الاستثمار والعمل على توفير بيئة استثمارية جاذبة.
تشاركية
بدا الوزير متفائلاً بالجهود التي تبذل لتفعيل قانون التشاركية للنهوض بالواقع الصناعي، إضافة إلى دعم العملية الترويجية من خلال دعم المعارض والأسواق الدولية وتشجيع توظيف رؤوس الأموال الخاصة، عن طريق تمويل العمليات الاستثمارية والتشغيلية للشركات الصناعية، وإيجاد وسائل لبناء وتطوير قدرات الكوادر الصناعية، وإلزام الشركات الصناعية بتطبيق معايير وإجراءات ضبط الجودة وحماية المستهلك، والذي من المفترض أن يتم من قبل القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص.
وبخصوص إسعاف الشركات المتضررة لإعادتها إلى الإنتاج، أكد الوزير أن الخطة الإسعافية ضئيلة جداً، وهناك توجهات حكومية وأولويات بدعم البنى التحتية للمدن في ضوء الإمكانيات المتاحة، علماً بأن الحكومة أوضحت أن دعم القطاع الصناعي غير محدود، لكنه مشروط بالإنتاج.
ووحول المناطق التي تم تحريرها، بيّن الوزير أن أغلب المعامل تتركز في مناطق ريفية، وبالتالي تم تحرير جزء كبير منها حديثاً، وتبين تعرضها لأضرار هائلة، وهذا الموضوع بحاجة إلى إجراءات وإمكانيات لمعرفة ما هي الصناعات الواجب الحفاظ عليها، واستمرار المعامل التي تعرضت للخراب والدمار، لاسيما في منطقة الغوطة، وسيتم التمييز بين الشركات من ناحية استثمارها، ومدى تحقيقها للعائد الاستثماري، فهناك شركات خاسرة ومتعثرة حتى من قبل الحرب يجب دراستها من عدة نواح لاستثمارها، وتشغيلها بشكل مجد، لتحقيق العائد الاقتصادي، أو تصفيتها، وإعادة هيكلة وتوزيع العمالة فيها.
إستراتيجية لا تتغير بتغير الوزير
وحول وضع رؤية وإستراتيجية للصناعة للمرحلة القادمة، بيّن الوزير أن العمل جارٍ على الهيكلية المؤسساتية للوزارة، وسوف تحدد وظيفة الوزارة بقيادة الاستراتيجية السياسية للقطاع الصناعي من خلال المؤسسات والشركات التابعة لها، لذلك سيتم دراسة البنية المؤسساتية للوزارة بشكل كامل، بحيث يعاد هيكلتها وفق هذه المنهجية، إّذ لابد من إعادة النظر بهيكلة الوزارة والبنية المؤسساتية التي تعود إلى عشرات السنين، وتحديد دور كل من الوزارة والمؤسسات الصناعية التابعة بما يتناسب مع المرحلة القادمة، وإعادة صياغة دور مديريات الصناعة في المحافظات والتركيز على الوظيفة الإستراتيجية.
وختم الوزير حديثه بالتأكيد أن التوجه الجديد يتركز على إيجاد إستراتيجية واضحة تتوافق مع توجهات الحكومة، ولا تتغير بتغير الوزير، بل مبنية على أسس علمية وسليمة، تنتهج مساراً واضحاً لإستراتيجية وزارة الصناعة الحالية والمستقبلية، وهذا الموضوع ليس في وزارة الصناعة فقط، بل سيكون بالتشبيك بين استشاريين يعملون ضمن الوزارة والوزارات الأخرى مثل الاقتصاد وغيرها، إضافة إلى المجلس الاستشاري في مجلس الوزراء ورئاسة مجلس الوزراء.
هناء غانم