احترام التاريخ واستشراف المستقبل والحفاظ على استقرار العلاقات الصينية الأميركية
بقلم يانغ جيتشي
عضو المكتب السياسي ومدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
تعدّ العلاقات الصينية الأميركية من أهم العلاقات الثنائية في العالم، وأن الحفاظ على استقرار هذه العلاقات لأمر يتعلق برفاهية الشعبين وشعوب العالم، ويتعلق أيضاً بالسلام والاستقرار والتنمية في العالم.
يمر العالم الآن بالتغيرات الكبرى غير المسبوقة منذ مئة سنة، ولا يزال السلام والتنمية عنواناً رئيسياً في عصرنا، وتتحمل الصين والولايات المتحدة المسؤولية والمهام المشتركة للحفاظ على سلام العالم وتعزيز التنمية المشتركة، وذلك يتطلب من الجانبين النظر إلى العلاقات بينهما والتعامل معها بشكل صحيح وملائم، وإيجاد طريق التعايش السلمي بينهما رغم الاختلافات.
في الفترة الأخيرة، طرح بعض الساسة الأميركيين مختلف النظريات السخيفة، واحدة تلو الأخرى، وشنوا هجوماً على الحزب الشيوعي الصيني والنظام السياسي الصيني بنيةٍ خبيثة، وقاموا عمداً بتحريف تاريخ العلاقات الصينية الأميركية على مدى 50 عاماً، حتى حاولوا إنكارها بشكل كامل، كما حاولوا خداع الشعب الأميركي وتضليل الرأي العام الدولي بالأكاذيب.
إن التطور السليم والمستقر للعلاقات الصينية الأميركية لأمر يتعلق بمصير البلدين والعالم حاضراً ومستقبلاً، ويتفق مع التطلعات المشتركة للشعبين وشعوب العالم، ولن نسمح للقلة القليلة من الساسة الأميركيين بجرّ العلاقات الثنائية إلى الهاوية لخدمة مصالحهم الأنانية.
إن السياسة الأميركية الخاطئة لرفض الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية أوقعت البلدين في حالة القطيعة والعداء فترة طويلة. رغم ذلك، تتقدم عجلة التاريخ والعصر إلى الأمام من دون رجعة، وهو تيار تاريخي لا يقاوَم. يكنّ الشعبان الصيني والأميركي مشاعر ودية دائماً لبعضهما بعضاً، ولم يتوقفا عن المساعي إلى التواصل الودي والتعاون المشترك.
تشير الحقائق في التاريخ إلى أن الصين تلتزم دائماً بقيادة الحزب الشيوعي الصيني والسير على طريق الاشتراكية بعزيمة لا تتزعزع. منذ عملية تطبيع العلاقات الصينية الأميركية تظل هذه العلاقات قائمة على أساس توافق الجانبين حول الاعتراف باختلاف النظام الاجتماعي واحترام هذا الاختلاف.
في الوقت الراهن ادعى بعض الساسة الأميركيين أن تواصل الولايات المتحدة مع الصين وإقامة العلاقات الدبلوماسية معها، كانا من أجل تغيير الصين، وأصبحت السياسة الأميركية للتعامل مع الصين فاشلة تماماً، كما ادعوا أن الصين خدعت الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة، وعكفوا على تضخيم المجابهة الأيديولوجية وترويج عقلية الحرب الباردة.
منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، أحرز الشعب الصيني باجتهاده وحكمته إنجازات تنموية كبيرة، وخلال هذه العملية استفادت الصين من تواصلها وتعاونها مع دول العالم لتحقيق التنمية السريعة، وفي الوقت نفسه وفرت الصين قوة دافعة مستمرة وفرصة مهمة لتنمية البلدان الأخرى بما فيها الولايات المتحدة.
بالطبع، لم تكن مسيرة تطور العلاقات الصينية الأميركية مفروشة بالورود طوال السنوات الـ41 الماضية، وكانت هناك تقلبات وتعرجات خطيرة في هذه المسيرة، غير أن الصين والولايات المتحدة استطاعتا السيطرة على النزاعات والخلافات والتعامل مع القضايا الحساسة بشكل ملائم، انطلاقاً من المنظور التاريخي والمصلحة العامة، ما حافظ على زخم التطور السليم للعلاقات الصينية الأميركية.
نحترم الطرق التنموية التي اختارتها الدول الأخرى، ونتمنى لها النجاح في التنمية، لكن بعض الساسة الأميركيين المتعجرفين والجاهلين ينتهكون ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، ويتدخلون في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بصورة فظة وتعسفية.
إن المحاولات الأميركية التي تهدف إلى تشويه النظام السياسي الصيني والإيقاع بين الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني ستبوء بالفشل حتماً، وينبغي أن يفهم أولئك الأشخاص أن المكانة القيادية للحزب الشيوعي الصيني حددها التاريخ والشعب، ولاقت دعماً قوياً من الشعب الصيني البالغ عدده 1.4 مليار نسمة.
يجب على الجانب الأميركي احترام اختيار الصين لطريقها التنموي، ويجب احترام الحقوق المشروعة للشعب الصيني في السعي وراء التنمية الوطنية والحياة الجميلة. إن جميع المؤامرات الرامية إلى مصادرة حق التنمية للشعب الصيني ليست إلا أضغاث أحلام.
نعمل دائماً على تطوير العلاقات الصينية الأميركية القائمة على عدم التصادم وعدم المجابهة والاحترام المتبادل والتعاون والكسب المشترك، وفي الوقت نفسه ندافع بكل حزم عن سيادة بلادنا وأمنها ومصالحها التنموية.
يجب على المجتمع الدولي مواصلة تعزيز التعاون لمواجهة جائحة فيروس «كورونا» المستجد. كما يجب على بعض الساسة الأميركيين الوقف الفوري لتسييس الجائحة ووضع علامة جغرافية على الفيروس، ووقف تحميل الجانب الصيني ا
لمسؤولية.
إن قضية تايوان والقضايا المتعلقة بهونغ كونغ والتيبت وشينجيانغ، تتعلق بسيادة الصين وسلامة أراضيها ومصالحها الجوهرية، لذا يطلب الجانب الصيني بكل جديّة من الجانب الأميركي التعامل مع القضايا المعنية بشكل حذر وملائم، والوقف الفوري للتدخل في الشؤون الداخلية الصينية. لقد اتخذنا وسنواصل اتخاذ إجراءات مضادة حازمة ولازمة رداً على الأقوال والأفعال الأميركية التي تمسّ مصالحنا الجوهرية والمهمة. إن عزيمة الصين على الدفاع عن سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية ثابتة لا تتزعزع.
لا بد على الجانب الأميركي من نبذ عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية والتصرفات الخاطئة الأخرى، وستبقى البوابة الصينية للحوار والتواصل مع الجانب الأميركي مفتوحة دائماً.
يجب على الجانبين مواصلة التنسيق والتعاون في شبه الجزيرة الكورية وأفغانستان والشرق الأوسط والأمن السيبراني وتغير المناخ والصحة العامة وغيرها من القضايا الدولية والإقليمية.