الأزمات امتحان لكفاءة الحكومات فالأزمات التي تُحدثها الحروب والإرهاب والحصار الاقتصادي ووباء كورونا، تجعل الأنظار تتجه لمؤسسات الدولة لكونها الجهات المؤهلة أولاً للإنقاذ، فالدولة بمؤسساتها، هي الوسيلة الشرعية لتوفير الأمن الجماعي والصحة العامة والتي يجد فيها المجتمع الأمان والملاذ الآمن.
في الأزمات يحكم على مؤسسات الدولة، نجاحها أو فشلها في تنفيذ خطط الطوارئ؛ وخلية الأزمة تهيئ لإدارة كل الاحتمالات.
أزمة كورونا تختلف عن غيرها، إذ لا توجد جبهة قتال واحدة، والحكومة مضطرة لإدارة حياة الناس، وتوفير الإمدادات الغذائية، إدارة المستشفيات، والحجر على الآلاف، وتدبر الموارد المالية وغيرها.
الأزمة ستدفع أكثر للاهتمام بالإدارة، والتركيز على جمع المعلومات وتحليلها في وقت أقصر، وبتكاليف أقل.
بالطبع، لكل بلد اعتباراته التي يبني عليها قراراته والمعلومات الدقيقة ضمانة لنجاح القرارات، وتبقى كفاءة الحكومات وفعاليتها عند التنفيذ.
بالمقابل وباء كورونا كشف عن حدود إمكانيات الدولة والسوق وبين خطوط الصدع في المجتمع بعدما وصلت وزارات المالية في العديد من دول العالم إلى أقصى حدود ميزانيتها العاجزة.
نجاح الحكومات يتحقق بالقدرة على الاستفادة من الإمكانات المتاحة، جائحة كورونا أزمة غير مسبوقة، فقد غيرت طبيعة الحياة في جميع أنحاء العالم وجعلتها فترة استثنائية من التاريخ، المؤسسات الدولية تتوقع انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 5.2 في المئة، وارتفاع معدل الفقر المدقع ليبلغ 100 مليون شخص في العالم ما سيشكل خطراً مستمراً على الصحة في الدول النامية.
يجادل خبراء وسياسيون بأن المجتمعات تحتاج إلى تفاعل بنّاء بين الدولة والسوق والمجتمع المدني، أيديولوجية الديمقراطيات الغربية في الأعوام الأخيرة كانت تدور حول الدولة في خدمة السوق، وتهميش المجتمع المدني وإيجاد «عجز في التضامن» تم ملؤه من الشعبوية.
العقوبات الاقتصادية الظالمة على سورية الوطن، وآخرها قانون قيصر، مخالفة للقانون الدولي وشكل من أسلحة الدمار الشامل والإرهاب الاقتصادي.
نحن نواجه الحرب والإرهاب والحصار الاقتصادي ووباء كورونا، المواطن لا يكاد يخرج من مأزق، حتى يقع في محنة جديدة أكثر حدّة.
إدارة الأزمة الاقتصادية في سورية ينقصها الجدية والواقعية وكأن «الفريق الاقتصادي الحكومي منفصل عن واقع المواطن، قرارات رفع الأسعار تعكس ذلك، إضافة إلى تراجع سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، وما يتبعه من غلاء فاحش للأسعار وضعف أو غياب الرقابة على الأسعار، ورغم صعوبة الظروف الحالية، المطلوب من الحكومة العتيدة أن تطبق، بالإمكانات الوطنية المتاحة، إستراتيجية الاعتماد على الذات ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي واعتماد الكفاءات القيادية الوطنية الخبيرة والمخلصة والنزيهة، وتبتكر أدوات اقتصادية وآليات عمل واقعية، ما يحقق مكافحة الاحتكار والتصدي للفساد وضبط الأسواق ولجم الغلاء الفاحش في الأسعار ومحاسبة الفاسدين، للتخفيف من معاناة المواطنين الصامدين في أرضهم، والحد التدريجي ما أمكن من تزايد الهوة بين الأجور والأسعار، بعيداً عن الارتجال وردود الفعل، فالأزمات اختبار لكفاءة الحكومات.
مقالات وآراء