اقتصاد

الإشاعات تتجدد حول المصارف السورية

من غير الوارد بعد 7 سنوات حرب أن نتحدث عن نوايا العديد من صفحات «فيسبوك» التي تعمل في مجال أسعار الصرف وأخبار الاقتصاد، وامتهانها ترويج الإشاعات التي يستفيد منها الكثير من التجار مقابل ضرب استقرار سعر الصرف، إلا أن الوضع هذه المرة يتعدى محاولة التأثير في سعر الصرف، إلى محاولة ربما إحداث أزمة سيولة مصرفية، عن علم أو غير علم بأن الإعلام هو أسهل وسيلة لتحقيق هكذا أزمات، والتاريخ القريب يشهد بهذا، إذ إن إحدى أزمات السيولة حدثت في نفس يوم نشر خبر صحفي عن سحب المودعين للسيولة من أحد المصارف في أوروبا.

ما حدث، لجوء صفحات فيسبوك إلى اجتزاء أسطر من مقال صحفي، لتنجز سبقها الصحفي تحت عنوان «تجميد أرصدة كافة المواطنين في كافة البنوك السورية.. المصارف السورية للمواطن المعتّر: من أين لك هذا»، بمعنى قيام المصارف بحجز حسابات السوريين وعدم تحريكها حتى يبادر أصحاب الحسابات إلى كشف مصادر أموالهم، وتدوالت صفحات عبر الفيسبوك حول تعقيد التعملات المصرفية كشرط إعادة تفعيل الحساب الذي يتضمن سجل تجاري أو صناعي لصاحب الحساب، سند إقامة، أوراق نظامية تثبت مصدر الأموال من أين لك هذا، وغير ذالك عليك أن تنسى حسابك المصرفي.

نفي

تحدثت «الوطن» مع أكثر من رئيس تنفيذي ومدير عام في المصارف العامة والخاصة، حيث أكدوا على عدم صحة أي من المعلومات التي وردت في «الإشاعة»، ومنهم مدير عام المصرف العقاري أحمد العلي، مؤكداً وجود تسهيلات في كافة الإجراءات تنفيذاً لتوصيات الحكومة وتوجيهات مصرف سورية المركزي، منوهاً بأن إجراءات فتح الحساب العادي أمر بسيط جداً، ولا يطلب أي من الأوراق المذكورة، ويكتفى بأي فاتورة (كهربا- ماء- هاتف) فقط لتوثيق محل الإقامة لطلب فتح الحساب الجديد.

مشيراً إلى أن طلب إيداع مبلغ يزيد على 5 ملايين ليرة سورية لعميل غير معروف بالنسبة للمصرف يكتفى بطلب تصريح شفهي عن مصدر الأموال (بيع أرض أو منزل… إلخ) وللمرة الأولى فقط، أما في حال زاد المبلغ المودع عن 15 مليون ليرة سورية، فيطلب من العميل للمرة الأولى تصريح خطي بمصدر الأموال، وهذه إجراءات معمول فيها في كافة دول العالم لمكافحة غسيل الأموال.

أما فيما يخص الحسابات المجمدة، فأوضح العلي أن الحساب الجاري يعتبر مجمداً بعد عام على عدم تحريكه، وبعد عامين لحساب التوفير، وعندها يطلب المصرف حضور صاحب الحساب أو من يفوضه لإعادة تحريك الحساب، وهذا يضمن حق العميل أولاً، وهو إجراء طبيعي ومعمول فيه في كل دول العالم، إذ إن المصارف في سورية تعمل وفق أنظمة عالمية معروفة لضمان حقوق العملاء والبنك.

من جهته نفى رئيس تنفيذي لأحد أكبر المصارف الخاصة كل ما تم تداوله حول الموضوع عبر فيسبوك، مبيناً أن الإجراءات واضحة وسهلة، ومعمول فيها وفق المعايير العالمية لمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ضماناُ حقوق العملاء والمساهمين في المصارف ولسمعة القطاع المصرفي.

بالتفصيل

رأى المصرفي علي محمود محمد في تصريح لـ«الوطن» أن ما أُثير عبر الصفحات الافتراضية ما هو إلا محاولةً للتشويش على عمل القطاع المصرفي السوري، مؤكداً أن توجيهات المصرف المركزي الأخيرة انعكست على العمل المصرفي خاصة فيما يتعلق بتسهيل الإجراءات لناحية فتح الحسابات أو عمليات الإيداع والسحب وخير مثال على ذلك القرار رقم 15 للعام 2015 الذي أكد على ضرورة أن يتجنب المصرف علاقة مع عميل ما دون التعرف على هويته ونشاطه والتحقق من صحتها، إضافةً إلى بعض التفاصيل المطلوبة فيما يُعرف عالميا بنموذج (أعرف عميلك) وذلك في إطار مجموعة من التدابير اللازمة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وفيما يتعلق بالوثائق المطلوبة من المواطنين السوريين فقد اكتفى القرار بالبطاقة الشخصية إضافةً إلى مستند يحدد محل إقامة العميل سواء كانت فاتورة كهرباء أو ماء أو هاتف أو سند إقامة، أو مستند يدل على الجهة التي يعمل فيها العميل إن كان يعمل لدى جهة ما.

وبين أن تلك المتطلبات فرضت حماية لأموال المودعين والعملاء من أية احتمالات غش أو سرقة او انتحال شخصية وليس زيادة في تعقيد العمل المصرفي بتاتاً، فالقرار رقم 1418 لعام 2016 كان واضحاً لجهة الفترة التي يعتبر فيها الحساب جامداً، وكذلك كان واضحاً لجهة ضرورة قيام العميل شخصياً أو وكيله القانوني بتنشيط حسابه مع توقيعه على إقرار بصحة الرصيد بتاريخ التنشيط مع نموذج خاص بذلك، وزيادة في الأمان المصرفي فقد فرض القرار على المصارف أن تحجب ملفات الحسابات الجامدة عن الحسابات النشطة بغية عدم اطلاع أياً كان عليها، وفي هذا الإطار فإنه لا يصنف الحساب بأنه جامد إذا كان لصاحب الحساب حساب آخر (مديناً أو دائناً) نشط.

أما لجهة ضرورة التصريح عن مصدر الأموال فإنه وحسب الممارسات المصرفية العالمية المثلى فالمصارف من واجبها أن تمارس رقابة مستمرة فيما يتعلق بعلاقة العمل مع العميل والتأكد من أن هذه العمليات تتوافق مع ما يعرفه المصرف عن العميل، لذا كان القرار رقم 17 لعام 2016 والذي حدد ضرورة الاستعلام من العميل عن مصدر الأموال أو وجهتها وذلك حين تكون العملية عملية نقدية أو عدة عمليات نقدية مرتبطة فيما بينها، تبلغ أو تتجاوز قيمتها 15 مليون ليرة سورية أو ما يعادلها، وكل العمليات التي تبلغ 5 ملايين وما دون فهي في إطار إجراءات العناية والتعرف على العميل فقط، وللمرة الأولى، ويكون السؤال شفهي للعميل.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock