البانوراما الفنية لعام 2022 فنانون غادرونا تاركين إرثاً فنياً كبيراً بسام الملا وأنطوانيت نجيب ودياب مشهور أبرز الراحلين
| وائل العدس
خسر الفن السوري هذا العام مجموعة من الفنانين والكتّاب المبدعين والفاعلين في الوسط الدرامي والغنائي، تاركين وراءهم إرثاً فنياً كبيراً سيذكره التاريخ طويلاً.
في الحلقة الأخيرة من البانوراما الفنية السورية لعام 2022 نرصد لكم الراحلين عبر الأسطر التالية:
ابن الشام
مع مطلع عام 2022، ودعت الدراما السورية أحد أهم مخرجيها، إنه أستاذ دراما البيئة الشامية وعرّابها ومنشؤها، وقد برع فيها كونه ابن حارات الشام، إنه المخرج الكبير بسام الملا الذي فارق الحياة في مدينة زحلة اللبنانية، عن عمر 66 عاماً بسبب معاناته مع مضاعفات أمراض السكر.
عرفت أعماله وخصوصاً تلك التي تناولت البيئة الدمشقية، بجماهيريتها الشديدة، فقد أعيد عرضها على شاشات القنوات الفضائية العربية عشرات المرات، وحققت ولا تزال تحقق نسب مشاهدة مرتفعة.
وقد تحولت أعماله المستلهمة من البيئة الشامية إلى كلاسيكيات تتبارى المحطات الفضائية على عرضها، وقد تحول «باب الحارة» الذي عرض جزؤه الأول عام 2006 إلى ظاهرة اجتماعية اجتاحت العالم العربي والمهجر، وحققت أعلى نسبة مشاهدة عربية على الإطلاق.
وينتمي الراحل إلى عائلة فنية عريقة، فوالده الممثل أدهم الملا وأشقاؤه المخرجون مؤمن وبشار الملا والممثل مؤيد الملا، وولداه أدهم وشمس الملا شاركا كممثلين في مسلسل «باب الحارة»، علماً أنه لديه أيضاً ابنة اسمها شام.
الممثلة الأم
في شهر آب، غيب الموت الفنانة القديرة أنطوانيت نجيب عن عمر ناهز 92 عاماً إثر تعرضها لعدة وعكات صحية، إضافة إلى أنها كانت تخضع لجلسة غسيل كلى مرة واحدة كل أسبوع وبشكل دائم.
واشتهرت الراحلة بتقديم دور الأم المثالية والطيبة، وعملت في المسرح والدراما والسينما، وفي رصيدها العديد من الأعمال السينمائية والدرامية الناجحة والتي حققت انتشاراً واسعاً.
كثرت أعمالها الفنية وكان لها رصيد غني بالدراما السورية، وحظيت صاحبة شخصية (نعيمة) في مسلسل الفصول الأربعة بشهرة واسعة بعد تجسيدها العديد من الأدوار المسرحية، كما كان للسينما حصة في حياتها فتألقت في العديد من الأعمال السينمائية.
المطرب الفراتي
وفي شهر أيلول، غادرنا الفنان القدير دياب مشهور عن عمر يناهز 76 عاماً بعد تدهور حالته الصحية، فرحل وبقيت أغانيه تردد على لسان الأجيال وحاضرة في الأذهان بصوته المميز الذي صنع بصمة خاصة للغناء السوري، عُرف بلقب المطرب الفراتي واعتزل الغناء عام 2004، علماً أنه كان مكرماً من وزارة الثقافة عام 2019 ضمن احتفالية يوم الثقافة.
عاصر نجوم الشاشة السورية الأوائل، وشارك في عدد من الأعمال الخالدة، وتميز الراحل بالغناء الفراتي الأصيل، وقدّم أغاني كثيرة اشتهرت على مستوى الوطن العربي منذ ستينيات القرن الماضي، كما اشترك في عدد من الأعمال التلفزيونية مثل «صح النوم» و«ملح وسكر».
استطاع أن يتخطى كل الصعوبات حتى وصل إلى ما وصل إليه من الشهرة والنجاح، ورغم الموجة الهابطة التي ضربت الغناء العربي في بداية التسعينيات، بقي أصيلاً للأغنية السورية حتى اعتزاله عام 2004، كما أنه استطاع أن ينشر الأغنية الفراتية السورية في كل أنحاء العالم.
سبعون عملاً
في منتصف أيار، رحل الممثل ناصر وردياني عن عمر 71 عاماً إثر أزمة صحية طارئة.
بدأ مسيرته الفنية في عام 1986 حيث شارك بالعديد من العروض المسرحية والمسلسلات الإذاعية تلك الفترة، وانتسب إلى نقابة الفنانين السوريين عام 1987 لتبدأ حياته الفنية عبر مشاركاته الواسعة في المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما.
وشكلت فترة التسعينيات الانطلاقة الحقيقية للفنان الراحل من خلال مشاركته بمسلسلي «نهاية رجل شجاع» و«صهيل الألم» عام 1994.
كما لفت الانتباه لموهبته التي ظهرت بشكل واضح من خلال الشخصية التي جسدها «المختار أبو سليم» بمسلسل «كوم الحجر» عام 2007.
وبرع وردياني في الأعمال التي توالت لاحقاً فقدم دوراً مهماً بشخصية «أبو جهل» بمسلسل «خالد بن الوليد» فحقق نجاحاً منقطع النظير عام 2006.
شارك فيما يقارب سبعين عملاً درامياً كان آخرها مسلسل «فتح الأندلس» هذا العام.
من المؤسسين
ومع نهاية الشهر الأول من العام، توفي الممثل مروان السباعي عن عمر ناهز الـ 60 عاماً، وقد اشتهر بشخصية «أبو لطفي» في مسلسل «ليالي الصالحية» عام 2004.
الراحل من مواليد دمشق عام 1962، ويعد من مؤسسي الدراما السورية، مقدماً ما يقارب خمسين مسلسلاً منها «الانتظار، أبو المفهومية، الرحيل إلى الوجه الآخر، دنيا، سحر الشرق، حكايا، رمح النار، عودة غوار، مرايا، أبو الهنا، يوميات مدير عام، نهاية رجل شجاع، الدغري، الخشخاش، أبناء وأمهات».
كما قدم عدداً كبيراً من المسرحيات، وشارك في الإذاعة وكان له نصيب كبير في المسلسل الإذاعي الشهير «حكم العدالة»، إضافة إلى مشاركاته المتعددة في السينما.
محمد قزق
في شهر أيار، توفي مصمم الديكور والفنان المسرحي محمد وحيد قزق عن عمر ناهز 63 عاماً بعد صراع مع المرض.
الراحل من مواليد 1959 في قرية بسنادا بريف اللاذقية وهو شقيق الفنان فايز قزق ووالد الممثلين وسيم ولوريس قزق، وهما خريجا المعهد العالي للفنون المسرحية.
مسيرة إبداعية طويلة خطتها يداه في تاريخ المسرح السوري وقد أثار رحيله حالة صدمة وحزن كبيرين في أسرة الفن عموماً وأسرة المسرح بشكل خاص، هذا المكان الذي كرس إبداعه وفنه لخدمته تاركاً وراءه بصمة لا يمحوها غيابه في كل الأعمال التي شارك فيها سواء بلمسته الخاصة من خلال تصميم الديكور أو حتى من خلال الكثير من المشاركات التمثيلية التي كان آخرها العرض المسرحي «مسرحية»، كما كان له حضور في بعض الأعمال السينمائية.
مخرج المرأة
في شهر آب، رحل المخرج عبد المسيح نعمة عن عمر 75 عاماً بعد معاناة مع المرض.
اشتهرت أعمال الراحل التلفزيونية بتناولها قضايا المرأة من هموم ومشكلات والجانب العاطفي لديها، إضافة لاعتماده سياسة التقنين في الإخراج، رغم مسيرته الإخراجية الطويلة.
الراحل حاصل على ماجستير في الإخراج السينمائي والتلفزيوني، ومن أهم أعماله «قلوب في الميزان»، «نهارات الدفلي»، و«خان الدراويش».
ثلاثة كتاب
قبل أيام قليلة، غادرنا الشاعر الغنائي صفوح شغالة عن عمر ناهز 66 عاماً متأثراً بمرضه، بعد مسيرة من العطاء الفني امتدت لأكثر من 23 عاماً، ليرحل ويترك وراءه إرثاً زاخراً بالأعمال التي ردد كلماتها كبار المطربين على الساحتين المحلية والعربية.
وقد غنى من كلماته معظم مطربي سورية، منهم سمير جركس وحمام خيري ونور مهنا وماجد عقاد وصفوان عابد ووضاح شبلي وميادة بسيليس وناديا المنفوخ وشهد برمدا ورويدا عطية وهويدا وسمارة السمارة وكنانة القصير ووفيق حبيب وسارة فرح ونانسي زعبلاي وريم نصري.
وغنى أيضاً سلطان الطرب جورج وسوف من كلماته أشهر أغانيه «طبيب جراح» و«تخسر رهانك».
أما من الوطن العربي فغنى من كلماته إلين خلف وباسمة وجوانا ملاح ودينا حايك وسيرين عبد النور وكلوديا الشمالي وجورج الراسي ووليد توفيق ونوال الزغبي وعاصي الحلاني وديانا حداد ونجوى كرم وإليسا، ويحتوي أرشيفه الغنائي على أكثر من 1650 أغنية.
وشهد هذا العام رحيل السيناريست قمر الزمان علوش الذي توفي عن عمر ناهز 74 عاماً بعد صراع مع المرض.
عمل الراحل في الصحافة السورية منذ عام 1974 حتى أواسط التسعينيات من القرن العشرين وكانت تلك فترة طويلة لم يكتب خلالها أي رواية أو عمل أدبي مكتفياً بالتعبير عن أفكاره ومواقفه تجاه القضايا الأدبية والثقافية والسياسية التي يطرحها زمنه.
انتقل لاحقاً إلى الكتابة الدرامية التلفزيونية، فكتب عدة مسلسلات طويلة مهمة، منها: «هوى بحري»، «الطويبي»، «طيور الشوك»، «نزار قباني»، «أسمهان»، «كليوباترا»، «الأرواح المهاجرة»، «الرسالة الأخيرة»، «ليل المسافرين»، «بستان الموت».
كما حول عدة روايات عالمية إلى أعمال فنية منها: «بيت الأرواح» لإيزابيل الليندي، و«البؤساء» لفيكتور هيغو، وذلك بالتعاون مع أميز المخرجين في الدراما السورية أمثال باسل الخطيب وأيمن زيدان وشوقي الماجري.
كما غادرنا السيناريست عادل محمود الذي لم يسعفه الوقت للاحتفال بالجائزة، فجاءت وفاته بعد يومين على حصول فيلم «الطريق» جائزة الجمهور وجائزة أفضل سيناريو في مهرجان قرطاج السينمائي، خاصة أنه كتب النص بالمشاركة مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، وهكذا فإن الكاتب الكبير عادل محمود فارق الحياة عن عمر يناهز 76 عاماً بعد صراع مع المرض، تاركاً وراءه إرثاً كبيراً من الأعمال الأدبية.