الحزب الشيوعي الصيني.. عنفوان الشباب عند الذكرى المئوية
بقلم: السفير الصيني في سورية فنغ بياو
يصادف هذا العام الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. على مدى السنوات الـ100 الماضية، بدأ الحزب مسيرته كجماعة صغيرة وضعيفة تضم 50 عضو ونيف، ونما متجاوزا المخاطر المحدقة، وحقق انتصارا تلو الآخر بعد التغلب على كافة الصعوبات، حتى أصبح اليوم أكبر حزب في العالم، يضم 91 مليون و914 ألف عضو و4 ملايين و500 ألف وحدة حزبية قاعدية في كل أرجاء البلاد.
منذ حرب الأفيون في عام 1840، تعرضت الصين لاحتلال القوى الغربية، وأصبحت دولة شبه مستعمرة وشبه إقطاعية، كانت الأمة الصينية تواجه خطر الهلاك والفناء في أي لحظة، مثل قارب صغير يترنّح بين الأمواج العاتية.
تلمّست الصين طرق عديدة، بما فيه الملكية الدستورية والجمهورية والرئاسية وحتى الإقطاعية، لكن كل هذه الطرق لم تنجح، بل جرّت الصين إلى كوارث أكبر.
في عام 1921، حينما تهدّدت الأمة الصينية بالهلاك، وصعد الحزب الشيوعي الصيني إلى مسرح التاريخ، ساعيا منذ نشأته لتحقيق السعادة للشعب الصيني والنهضة للأمة الصينية، وذلك بعث الآمال الواعدة.
في عام 1937، شنّت اليابان حرباً شاملاً لاحتلال الصين، مما وضع الأمة الصينية بين الحياة والموت، وكان الحزب يقف في مقدمة صفوف المقاومة ضد العدوان الياباني، ويدافع بشدة عن وحدة صف المقاومة، ويلعب دورا أساسيا في الحرب، حتى حقق الانتصار النهائي، الأمر الذي محا وصمة العار للهزائم المتكررة للصين في الحروب ضد الاحتلال منذ العصر الحديث، كما ساهم بشكل كبير في الحرب العالمية ضد الفاشية.
في عام 1945، شن الحزب القومي الصيني الحرب الأهلية الشاملة مخالفاً لإرادة الشعب، فاعتمد الحزب الشيوعي الصيني على الشعب، وأطاح بالحكم الرجعي للحزب القومي، وأسّس جمهورية الصين الشعبية، وساعد الشعب الصيني في الوقوف على قدميه.
بعد تأسيس الصين الجديدة في عام 1949، أنجز الحزب التحول الاشتراكي للاقتصاد الوطني في فترة قصيرة نسبيا، ووزّع 700 مليون مو (يعادل 15 مو هكتار واحد) من الأرض مجاناً على أكثر من 300 مليون فلاح، ما أنهى طبقة ملاك الأرض، وجعل الفلاح الصاحب الحقيقي للأرض، كما جعل الشعب السيد الفعلي للدولة التي حُكمت بالنظام الإقطاعي لمدة آلاف السينين.
في عام 1978، اتخذ الحزب القرار التاريخي لإطلاق الإصلاح والانفتاح في الدورة الكاملة الـ3 للجنة المركزية الـ11، وصنع معجزة التنمية الاقتصادية السريعة والطويلة والاستقرار الاجتماعي المستمر، وبذلك، حقق الشعب الصيني حلم الغناء.
بعد المؤتمر العام الـ18 للحزب في عام 2012، قامت اللجنة المركزية للحزب ونواتها الرفيق شي جينبينغ بمتابعة النضال، حيث أنشأ الأمين العام شي جينبينغ، بنظرته السياسية والاستراتيجية الثاقبة، فكر شي جينبينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، الذي أجاب على السؤال العصري الكبير، ما هي طبيعة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، وكيف الالتزام بها وتطويرها. استرشادا بهذا الفكر، حقق الحزب والصين إنجازات وتغيرات تاريخية جديدة.
لغاية نهاية عام 2020، نجح الحزب في انتشال جميع الفقراء في الأرياف، وفق المعيار الحالي، من براثن الفقر، وسيعلن عن إنجاز بناء المجتمع الميسر على نحو شامل عند الذكرى المئوية لتأسيسه، بما يحقق الهدف المئوي الأول في الموعد المحدد، (يتمثل الهدفان المئويتان في إنجاز بناء المجتمع الميسر على نحو شامل عند الذكرى المئوية لتأسيس الحزب وجعل الصين دولة اشتراكية قوية وحديثة عند الذكرى المئوية لتأسيس الصين الجديدة). في هذا السياق، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين 100 تريليون يوان صيني (حوالي 16 تريليون دولار أمريكي)، وتجاوز نصيب الفرد للناتج المحلي الإجمالي 10 آلاف دولار.
في نفس الوقت، تحظى استراتيجية “الحزام والطريق” بإقبال متزايد على الساحة الدولية، وأصبح للصين أصدقاء أكثر فأكثر في العالم، ومنذ اندلاع جائحة كورونا في العالم مطلع عام 2020، حققت الصين انتصاراً كاملاً في السيطرة عليه في أقصر الوقت، وأطلقت أكبر حملة المساعدات الإنسانية وأكثرها كثافة وأوسعها نطاقا في تاريخها، الأمر الذي يرسّخ مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية في العالم كله. بالإضافة إلى ذلك، تسير الصين في مقدمة العالم من حيث سبر أعماق البحار واستكشاف القمر والمريخ وبناء محطة الفضاء وتكنولوجيا الكم والذكاء الاصطناعي وغيرها من التكنولوجيا المتقدمة، وحقق الشعب الصيني حلمه لأن يكون قويا.
أشار بحث من كلية كينيدي بجامعة هارفارد إلى أن شعبية الحزب الشيوعي الصيني تبلغ 93%. فيمكن القول إن التاريخ والشعب الصيني اختارا الحزب الشيوعي الصيني، واختارا طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والأمر الذي يعد الضمان الأساسي للازدهار والاستقرار والتنمية المستمرة في الصين.
ليس من باب الصدفة أن يحقق الحزب الانتصارات في وقت الثورة والتنمية والإصلاح ويحظى بدعم الشعب، ويمكن تلخيص الخِبر إلى النقاط التالية: أولا، الالتزام بقيادة الحزب لجميع الأعمال، حيث أثبت تاريخ الصين منذ العصر الحديث، أن الصين الجديدة والاشتراكية ذات الخصائص الصينية لن تتحقق بدون حزب الشيوعي الصيني، وتكمن طبيعة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في قيادة الحزب الشيوعي الصيني، كما تكمن ميزة نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ويجب الالتزام بالحزب كالقائد السياسي الأعلى.
ثانيا، الالتزام بالمكانة القيادية للماركسية أيديولوجيا. يجب رفع راية الماركسية عاليا واتخاذها كدليل العمل، وربطها بظروف الصين الواقعية، ويجب السير في الطريق المناسب، وبناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
ثالثا، الالتزام بوضع الشعب في المقام الأول. لم ينسى الحزب، في مسيرته المئوية، هدفه الأصلي، ويشارك الشعب همومه ومستقبله.
رابعا، الإقدام على تصحيح الذات. لا تكمن عظمة الحزب في عدم ارتكاب الخطأ، بل في الإقدام على مواجهته وتصحيحه، ومواجهة المشاكل وتصحيح الذات والحفاظ دائما على تقدمية الحزب وصفائه.
في المرحلة الجديدة، سيواصل الحزب جهوده، استرشادا بفكر شي جينبينغ الدبلوماسية، في دفع دبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية، والالتزام بالنظرة العالمية المعتادة والحلم السامي من أجل تقدم البشرية، واحترام حق شعوب العالم في اختيار النظم الاجتماعية والطرق التنموية بالإرادة المستقلة، والالتزام بدفع التعددية ودمقرطة العلاقات الدولية، والوقوف إلى جانب الدول النامية الغفيرة والسير نحو الاتجاه الصحيح للتاريخ.
يعد التواصل الحزبي جزءا مهما للعلاقات الصينية السورية، ويلعب دورا لا غنى عنه في دفع وتطوير التعاون بين البلدين في كافة المجالات، ويحرص الحزب الشيوعي الصيني على تعميق التعاون مع حزب البعث العربي الاشتراكي وغيره من الأحزاب المحبة للسلام في العالم، لتبادل الخبرات والتصدي لنزعة الأحادية والهيمنة وسياسة القوة، وإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون والكسب المشترك، بما يشكل نموذجا لمبادرة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.