الدولار فوق 600 ليرة.. فما نوّاب الشعب فاعلون؟
تجاوز سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية حاجز 600 ليرة سورية منذ يومين، وسط غياب كامل للتصريحات الرسمية من مصرف سورية المركزي أو أي جهة حكومية أخرى، في الوقت الذي تباينت فيه
وجهات النظر المفسرة لأسباب ذلك الانخفاض في قيمة الليرة السورية مؤخراً وتخطيها هذا الحاجز ذا البعد النفسي الكبير، لكونه مرتبطاً بأسوأ فترة مرت فيها الحرب قبل سنوات، إذ وصل إلى هذا المستوى لساعات، وعاد قبلها سعر الصرف بالانخفاض مع تحسن ملحوظ في قيمة الليرة، حيث كانت الحرب مستعمرة بكل أشكالها، أما اليوم فسعر الصرف وصل إلى هذا المستوى تدريجياً، وبقي عنده لثلاثة أيام، فارتفعت الأسعار بشكل مباشر لتزيد من ضغوطها على معيشة المواطن نظراً لعدم تحسن دخله.
أمام هذا الواقع، سألت «الوطن» أعضاء في مجلس الشعب عما قاموا به أو يخططون للقيام به حيال سعر الصرف، على اعتبار أن المجلس له دور رقابي على الإدارة التنفيذية، ويفترض أن مهمة نواب الشعب المنتخبين نقل وجع المواطن والدفاع عنه أمام قرارات الحكومة الخاطئة وصمتها حيال المؤشرات الاقتصادية السلبية، ومساءلتها تحت القبة.
مذكرة إلى الحكومة
رئيس لجنة التخطيط والإنتاج (أو الاقتصادية) في مجلس الشعب فارس الشهابي كشف لـ«الوطن» عن مذكرة خاصة بموضوع سعر الصرف سوف ترسل إلى الحكومة الأسبوع القادم مع عودة نشاط الجلسات، وسوف يطرح الموضوع في المجلس وفق طلب المعنيين وما يقتضيه النظام الداخلي، لأن موضوع ارتفاع سعر الصرف بهذا الشكل مرفوض، فهو يؤثر سلباً في لقمة عيش المواطن، ويؤدي إلى تبخر الرواتب، وازدياد الفقر، لذا نحن بحاجة إلى تسهيلات مصرفية عاجلة وتقليص الفارق بين سعر الصرف الرسمي والسوداء لاستقطاب الحوالات، ودعم التصدير بشتى الوسائل، لأنه مصدر رئيس للقطع، إذ إن الإنتاج الزراعي والصناعي هو أساس التصدير وتأمين القطع وتخفيف الضغط على القطع.
ولفت الشهابي إلى عدم التزام وزارة المالية بتقديم التسهيلات لدعم الإنتاج منوهاً بأن أبرز المطالبات الواردة في المؤتمر الصناعي الثالث لم تتحقق، علماً بأن المطلوب اليوم دعم المنتجين وإزالة الأعباء التي يواجهونها.
وتمنى الشهابي أن يكون هناك استجابة حقيقية لدى الحكومة لما سيطلبه مجلس الشعب فيما يخص سعر الصرف ودعم التصدير والمنتجين، لأن مجلس الشعب يعبر عن المواطنين، وأعضاؤه لا يخترعون الموضوعات اختراعاً –على حدّ تعبيره- بل ينقلون معاناة المواطنين، و«يجب أن تستمع الحكومة إلى مطالب المواطنين، فنحن ننقل معاناتهم».
قرارات غير مفهومة
النائب آلان بكر (وهو خريج كلية الاقتصاد) بيّن أن مجلس الشعب يمارس دوره الرقابي على الحكومة ويناقش جميع الموضوعات، وفيما يخص سعر الصرف وهو من اختصاص مجلس النقد والتسليف، فدورنا كأعضاء في مجلس الشعب المطالبة باستقرار السعر، من دون التدخل في التفاصيل النقدية التي تكشف عن حجم القطع في المصرف المركزي وغيرها من البيانات المرتبط بالأمن الاقتصادي للبلد.
وأضاف بكر: «أعتبر أن وجود سعري صرف بفارق حتى 170 ليرة سورية بين الرسمي وغير الرسمي ينعكس إيجابياً على فئة قليلة تمثل بعض التجار الذي يحصلون على تمويل لمستورداتهم بالسعر الرسمي، على حين ينعكس سلباً على بقية المواطنين وعلى الاقتصاد، إذ نخسر الحوالات القادمة من الخارج».
وهنا سأل بكر: «لا أعرف لماذا لا توجد أي إجراءات لتقليص الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء»؟
وتابع: «هل معقول أن يستفيد من يحصلون على تمويل بالسعر الرسمي، وتزهر أمورهم، وبعضهم يضارب في السوق السوداء، من دون اتخاذ أي إجراءات لضبط ذلك بتقليص الفارق بين سعري الصرف وتخفيف الآثار السلبية عن اقتصادنا؟ لا أعرف ما الآلية والأساس الاقتصادي الذي يتم العمل على أساسه»؟
وتحدث بكر عن مشكلة ارتباط أسعار السلع كافة بالدولار، بما فيها الخضر، إذ يتم رفعها بشكل مباشر مع ارتفاع الدولار، فكل التجار يسعّرون على الدولار، مطالباً التجار بألا يكون الربح وحده فقط هو الغاية لعملهم، مستغرباً من حالة الصمت لدى مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي حيال الواقع، وأضاف: «كنا نتمنى أن يرتقي الأداء الاقتصادي لدينا إلى ما تتطلبه الحرب الاقتصادية وإلى مستوى تضحيات قواتنا الباسلة».
ووصف بكر بعض قرارات الحكومة بأنها «غير مفهومة» وخاصة قرار البنزين الأخير إذ تم رفع سعر البنزين 90 وتخفيض سعر البنزين 95 في الوقت نفسه، «وأرى أن السياسات الاقتصادية حالياً تزيد من معاناة المواطنين ولا تخففها».
ولدى توجيه سؤال للنائب بكر عما فعله أعضاء مجلس الشعب للمواطنين أمام هذا الواقع وهم المنتخبون كممثلين للشعب، بيّن أنه تم طرح موضوع سعر الصرف والأسعار مرات عديدة في اللجان المختصة وتحت القبة، وعبر مذكرات، وبموجب أسئلة خطية قدّمت للحكومة تحت القبة، ولكن هناك تفاوت في تجاوب الحكومة مع المجلس، والأجوبة تكون ذات طابع إعلامي متعلقة بالحرب الاقتصادية وآثارها وعرض لقيم فواتير الاستيراد وتأمين المواد الرئيسة.. وغيرها، منوهاً بأنه يجب ألا يكون هناك تضخيم للإنجازات، بل «يجب أن نعيش الواقع والتفكير بكيفية مواجهة الحرب الاقتصادية».
ولدى سؤاله عن إمكانية طلب استجواب حاكم مصرف سورية المركزي تحت القبة حول الموضوع في هذا الظرف الاستثنائي أكد بكر عدم إمكانية طلب استجوابه تحت القبة لأنه ليس وزيراً، وإنما يتم طلب الوزراء المعنيين، رغم أن المعني المباشر هو الحاكم.
علي نزار الآغا