الرئيس الأسد لـ”الوطن”: مشكلة الفساد في عدم القدرة على اكتشافه خصوصاً في ظروف الحرب
الوطن: في ملف الفساد، الفساد كان موجوداً في سورية مثل كل الدول العربية بالسابق لكن بحدود.. اليوم أصبح علنياً والمواطن يلمسه كل يوم.. ألم تسهم قضية عدم المحاسبة الجدية في أن نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم؟ وهل تشجع الفاسدون من خلال قربهم من مسؤول هنا ومسؤول هناك من نشر فسادهم ونشر هذه الثقافة في سورية؟
في كل الظروف الفاسد يعتمد على قربه من مسؤول فاسد لكي يتمكن من ممارسة الفساد. الفساد كالجرثوم، والجراثيم موجودة في الحياة وفي جسم الإنسان لكن مناعة الإنسان تمنعها من تثبيت المرض إلا أنه عندما تضعف مناعة الجسم يصبح الجرثوم أقوى. الفساد نفس الشيء.. عندما يكون هناك حالة حرب تساهم فيها مجموعات من السوريين الفاسدين والمرتزقة والخونة فهي تعني حالة ضعف في مناعة الدولة والمجتمع.. عندها يصبح هذا الجرثوم الذي هو الفساد أقوى وأكثر انتشاراً.. ولكن هناك عامل آخر مرتبط بالمناعة ألا وهو الأخلاق.. فعندما ينتشر الفساد ويظهر بهذه الطريقة فهذا يعني أنه موجود قبل الحرب ولكنه ظهر بقوة عندما ضعفت مناعة المجتمع والدولة، فإذاً لدينا مشكلة يجب أن نعالجها بشكل صريح مع بعضنا البعض كسوريين.. المشكلة لها علاقة بالتربية والأخلاق وهذا موضوع أساسي.
الآن نأتي إلى الدولة.. طبعاً، الدولة في مرحلة الحرب ليست كالدولة في مرحلة السلم.. هي ليست الدولة التي تسيطر على التفاصيل بنفس الطريقة وبنفس الفاعلية، هذا شيء بديهي.. لكن هل هذا يعني أن الفساد يجب أن يستمر من دون محاسبة.. لا، على الإطلاق.. القانون يبقى قانوناً وصرامة الدولة تبقى موجودة.. المشكلة هنا تأتي في كيفية الكشف عن الحالة الفاسدة.. أي مشكلة الفساد ليست في عدم القدرة على محاسبته وإنما في عدم القدرة على اكتشافه خصوصاً في مثل هذا الظرف. عدد من الحالات التي تعاملنا معها، كانت من خلال مقالات على الانترنت أو ما ينشر على بعض مواقع التواصل الاجتماعي. طبعاً، قسم كبير من الأشياء التي تُطرح على هذه المواقع غير صحيح ولكن البعض منه كان صحيحاً وتمت معالجة حالة الفساد.. فإذا أردنا في هذه الظروف الصعبة أن نكافح الفساد فلابد من أن نضاعف الجهود على مستوى الدولة وعلى مستوى المجتمع من أجل عملية الكشف لأنه في ظروف الحرب مؤسسات الدولة لا تكون في كل مكان ولا تستطيع أن تتابع كل قضية.. أولويات الدولة الآن تختلف.. أولاً، مكافحة الإرهاب.. ثانياً، توفير الحد الأدنى من سبل العيش للمواطنين السوريين.. هذه الأولويات، لا تعود نفس الأولويات الموجودة في حالات السلم.. فإذا تعاونا كلنا في الكشف عن حالات الفساد أعتقد بأننا نستطيع أن نلجمه إلى أن يأتي يوم نقضي فيه على الإرهابيين وتعود الدولة السورية كما كانت وأقوى.