سورية

الرئيس الأسد: نحن دولة لا نبدأ من الصفر.. الكفاءات موجودة لدينا والاقتصاد السوري لم يبن على الأجانب

الوطن: سيادة الرئيس الملف الاقتصادي ربما يكون الأصعب، السؤال الأول كيف صمد الاقتصاد السوري؟ أنا أذكر أن عدة سفارات غربية في دمشق أرسلت تقارير إلى حكوماتها تقول فيها إن الاقتصاد السوري قادر على الصمود ستة أشهر فقط، اليوم ندخل السنة السادسة والاقتصاد السوري لا يزال صامداً، كيف صمد هذا الاقتصاد؟
كما قلت كان التوقع هو أشهراً ولو أردنا أن نكون متفائلين ونتحدث من خلال القواعد الاقتصادية المنطقية والعلمية فكانت التحليلات آنذاك تشير إلى أن الاقتصاد سيصمد سنتين أو سنتين ونصف السنة بحسب الإمكانات السورية.
ولكن هناك عدة عوامل ساهمت في صمود الاقتصاد، عوامل واقعية.. أولاً: هي إرادة الحياة لدى الشعب السوري بمختلف المهن الموجودة في سورية في القطاع العام والخاص كان هناك تصميم على استمرار دورة الحياة ولو بالحد الأدنى الممكن من خلال بقاء هذه المهن واستمرارها.. وهنا أؤكد أكثر على القطاع الخاص: من المهن الصغيرة إلى المتوسطة إلى بعض المعامل الكبيرة أو بعض الاستثمارات الكبيرة. والكثير قد يستغرب وأنا واحد من الذين استغربوا بأن هناك استثمارات بدأت قبل الحرب وتمّ تدشينها خلال الحرب، والبعض طلب استثماراً وبدأ به وأنجزه خلال الحرب. حتى إن هناك بعض الاستثمارات التي لا تدخل في إطار الاستثمار الاقتصادي – استثمار ثقافي غير رابح – افتُتح بعض منها في دمشق وحلب، فإذاً، هذا يؤكد إرادة الحياة القوية لدى الشعب السوري.
النقطة الثانية: هناك أسس بُني عليها الاقتصاد السوري عبر عقود منها القطاع العام. القطاع العام الذي كان له دور أساسي في صمود الاقتصاد رغم الثغرات الكبيرة فيه التي كنا نعرفها قبل هذه الحرب.
النقطة الثالثة: الدولة بعد عامين أو ثلاثة أعوام عندما بدا أن الحرب ستستمر ربما لسنوات طويلة انتقلت باتجاه حلول غير تقليدية، أي إن هناك حلولاً أو إجراءات لم تكن مقبولة في الأوضاع الطبيعية قبل الحرب، اضطرت الدولة أو رأت أنه من المفيد اتخاذ إجراءات غير تقليدية من أجل التعامل مع الاقتصاد غير التقليدي، وهذا ساعد على استمرار عجلة الاقتصاد أيضاً بالحد الأدنى. ولكن يُضاف إلى كلّ هذه العوامل الدعم الخارجي الذي أتانا من الأصدقاء وخاصة الإيراني والروسي الذي ساهم في تخفيف الأعباء عن هذا الاقتصاد. هذه العوامل هي التي أدت إلى استمراره.

الوطن: سيادة الرئيس، نحن في حالة اقتصاد حرب؟

طبعاً، نحن نعيش حالة حرب، والاقتصاد لدينا يعيش حالة حرب بكل معانيها.. بدءاً بالحصار، فنحن لا نستطيع أن نصدّر ولكننا نصدّر رغماً عن أنف بعض الدول بطرق مختلفة، ممنوع علينا أن نأتي بمواد أولية ضرورية لاستمرار الاقتصاد ومختلف مناحي الحياة في سورية، ومع ذلك نتمكن من جلبها، إضافة إلى ضرورة وجود العملة الصعبة والمتطلبات الأخرى.

إعادة الإعمار

الوطن: خلال سنوات الحرب خسر السوريون قرابة ستين إلى سبعين بالمئة من قدرتهم الشرائية نتيجة التضخم وتراجع سعر صرف الليرة، كان ذلك من الأسباب التي أدت إلى هجرة العديد من الكفاءات بحثاً عن فرص عمل كما ذكرتم في لقاء سابق، اليوم سيادة الرئيس ما الذي يمكن أن يعيد الاقتصاد السوري إلى عافيته وأن يعيد هذه الكفاءات إلى سورية لتعمل وتبني من جديد؟

أهم اقتصاد في أي دولة في العالم بعد الحرب هو إعادة الإعمار، وهذا اقتصاد ضخم جداً تعمل فيه مئات المهن، وهذا ينعكس بشكل غير مباشر على كل المهن الأخرى.. أي إن اقتصاد البلد يقلع بشكل أساسي على إعادة الإعمار أولاً، بأموال السوريين.. بدءاً من كل شخص يريد أن يصلح منزله أو بناءه أو معمله أو ورشته.. إلخ.. هذا الشيء ليس كلاماً نظرياً، بل يحصل الآن.. حمص القديمة نموذج ومعامل حلب وغيرها نموذج.. وما تسمعه من مختلف أطياف الشعب السوري أنه عندما تتحرر أي منطقة كانوا يعيشون أو يعملون فيها فإنهم سيعودون إليها ويعيدون إعمارها.
إذاً، إعادة الإعمار بدأت بالحد الأدنى نحن لم نصل إلى نهاية الحرب بعد.. هذا جانب. أما الجانب الآخر فهو إعادة الإعمار التي ستقوم بها الدولة كما في المناطق مثل خلف الرازي وغيرها.. هذه المناطق كلها ستقلع عملية إعادة الإعمار.. عندها، وخاصة عندما يكون هناك أمان، فالكثير من الأموال السورية ستعود، ومعظم السوريين الذين هاجروا سيعودون إلى سورية بمختلف مستوياتهم الاقتصادية، عودة هؤلاء إن كان من الجانب الاقتصادي أو من الجانب المهني أي بمعنى آخر عودة الكفاءات.. كل هذا سيساهم في عودة الاقتصاد السوري.. بالوقت نفسه نحن دولة لا نبدأ من الصفر.. الكفاءات موجودة لدينا والاقتصاد السوري لم يُبنَ على الأجانب.. الاقتصاد هو اقتصاد سوري بكل ما تعنيه الكلمة.. فهذه الكفاءات ستعود وسنقلع.. الخبرة موجودة في سورية.. لسنا بحاجة أي شيء إضافي لكي نقوم بإعادة إعمار بلدنا.. يضاف لهذا الكلام أن إعادة الإعمار هي قطاع اقتصادي جاذب جداً للاستثمارات الأجنبية وبكل تأكيد الدول الصديقة ستكون من أول المساهمين في هذا المجال عبر شركاتها وعبر القروض.. فعندما نصل إلى هذه المرحلة لا يوجد أي مشكلة في إعادة إعمار الاقتصاد السوري.

الوطن: سيادة الرئيس، موضوع إعادة الإعمار مكلف جداً.. هل ستخصص حصراً الدول الصديقة بالعقود الكبيرة؟

لا أعتقد أن الشعب السوري يقبل أن تأتي شركات من دول معادية لتقوم بإعادة الإعمار وتحقق مكاسب من الحرب التي أشعلتها، منطقياً هذا غير ممكن، ولكن أعتقد أن الكثير من الدول التي ناصبتنا العداء – وهي تفكر الآن بهذا الموضوع – ستبحث عن شركات في دول صديقة لتكون واجهة لها في إعادة الإعمار في سورية.

الوطن أون لاين

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock