العلاقات السورية الصينية

الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء يختتمان زيارة استراتيجية إلى الصين

اختتم الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء أمس زيارتهما الرسمية لجمهورية الصين الشعبية التي استمرت خمسة أيام.

وعاد الرئيس الأسد والسيدة أسماء والوفد الرسمي المرافق على متن الطائرة الرئاسية التي خصصها له الرئيس الصيني شي جي بينغ وأقلته من دمشق، وبقيت تحت تصرفه طوال فترة زيارته للصين.

الزيارة التي ستدون في سطور تاريخ العلاقات بين الشعبين فتحت صفحة جديدة في علاقات البلدين اللذين دخلا مرحلة الشراكة الاستراتيجية.

الرئيس الأسد كان استهل زيارته بلقاء قمة مع الرئيس شي وصفه الرئيس الأسد بأنه كان ناجحاً جداً، حيث أعلن زعيما البلدين من مدينة خانجو، عن بدء مرحلة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتعزيز التعاون طويل الأمد.

وعلمت «الوطن» وقتها من مصادر في خانجو أن اللقاء بين الزعيمين كان حاراً وودوداً جداً وكان هناك توافق في الرؤى السياسية وضرورة عدم التدخل في شؤون الدول والشعوب وأشاد الرئيس شي بالرئيس الأسد وقال له في مستهل اللقاء حسب المصادر: أحيي صمودكم لقد دافعتم عن بلدكم بصلابة وشجاعة ونحن في الصين نتابع عن قرب كل ما يجري في سورية، ونحن معكم.

ومن خانجو التي حضر فيها حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية، انتقل إلى بكين، حيث أجرى الرئيس الأسد لقاءين مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، ورئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني تشاو له جي، حيث وصفت مصادر متابعة لـ«الوطن» اللقاءات والمباحثات الثنائية التي أجراها الرئيس الأسد في قاعة الشعب العظيم، بأنها كانت ممتازة، والصين بدأت بالفعل باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإطلاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين وهذا قرار من أعلى السلطات الصينية وبتوجيهات من الرئيس شي بعد لقائه بالرئيس الأسد.

وأضافت المصادر: إن للصين مواقفها المعروفة من سورية، لكن الآن وبعد هذه الزيارة دخلنا مرحلة جديدة وهي مرحلة ستكون استراتيجية وسياسية بامتياز وتكون ثمارها فيما بعد اقتصادية.

وختمت المصادر بالتأكيد على أن الصين لم تكتفِ فقط بحفاوة الترحيب، بل انتقلت إلى مرحلة العمل الجاد من أجل إطلاق الشراكة الاستراتيجية مباشرة من دون تأخير وأن رئيس الوزراء الصيني أكد أمام الرئيس الأسد أن بلاده ماضية في كل الترتيبات اللازمة من أجل بدء المرحلة الجديدة في العلاقات بين البلدين.

وإضافة إلى اللقاءات الرسمية المهمة والمثمرة التي عقدها الرئيس الأسد مع كبار المسؤولين الصينيين، قام الرئيس الأسد والسيدة أسماء بزيارات لعدد من المواقع والمناطق في خانجو وبكين وظهر خلال هذه الزيارات حجم الاهتمام والمحبة الكبيرين التي يكنها الشعب الصيني للسوريين وهو ما نقلته وبصورة كبيرة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في الصين، الأمر الذي أكده أيضاً نائب مدير محطة CGTN – القسم العربي شان شو، خلال الزيارة التي قام بها وفد «الوطن» إلى المقر العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الصيني، والذي قال: إن زيارة الرئيس الأسد احتلت العناوين الأولى لكل وسائل الإعلام الصينية منذ وصوله إلى الصين وقبلها حيث كان هناك اهتمام بالغ بزيارته، وتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين سورية والصين، حتى إن خبر الزيارة بقي متصدراً لجميع برامج القناة ومتغلباً على خبر دورة الألعاب الآسيوية.

الزيارة التاريخية اختتمتها السيدة أسماء الأسد أمس بلقاء حواري مع طلاب الدراسات العربية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، حول اللغة والعلاقات الإنسانية والثقافية بين الدول وبحضور عدد كبير من الأساتذة والطلاب وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين في الصين.

وتم الترحيب بالسيدة أسماء في احتفالية كبيرة واحتشد طلبة الجامعة إضافة لأساتذتهم وباحثيهم في استقبالها ووداعها في مشهد يحمل من الحميمية والمحبة ما يوازي حميمية العلاقات بين البلدين.

وفي الكلمة التي ألقتها قالت السيدة أسماء: «من دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، إلى بكين عاصمة أقدم الحضارات، من سـورية مهد الأبجدية الأولى، إلى الصين موطن إحدى أعرق اللغات واللهجات وأكثرها تنوعاً أقف معكم اليوم، وتغمرني مشـاعر الامتنان والفخر، الامتنان للحفاوة التي قابلتموني بها، والفخر بكم لقدرتي على مخاطبتكم اليوم بلغتي الأم، وقدرتكم الكبيرة على فهمها».

وتابعت: «لا شـك أننا جميعاً نواجه محاولات طمس الثقافات الوطنية للشعوب نفسها، عبر وسائل متعددة في الشكل، واحدة في المضمون، عنوانها التطور والحداثة، ومضمونها ذوبان الهوية والانتماء، والسلاح الأقوى لتحقيق ما سبق، هـو ضـرب اللغات الأم للشعوب والنظرة المتخلفة لمن يتمسك بها».

وبعد إلقائها للكلمة جرى حوار مشترك بين السيدة أسماء وطلبة الجامعة حول اللغة والعلاقات الإنسانية والثقافية بين الدول وأكثر ما ميز الحوار هو انطلاقه من مفاهيم ومبادئ مشتركة تجمع سورية والصين على المستويات الأخلاقية والثقافية والإنسانية والوطنية، وبين هذه المستويات كانت اللغة جسراً يقرب المسافات والأفكار أكثر فأكثر.

وتطرق الحوار للعلاقة التي تجمع سورية والصين، للثقافة والفن ودورهما الإنساني، للتراث والهوية ومسؤولية حمايتهما، للسياسة وتحدياتها، للرياضة التي تقرب بين الشعوب، وفوق ذلك، كان شغف الطلبة الصينيين بمعرفة المزيد عن سورية حاضراً في بعض أسئلتهم، رغم اطلاعهم العميق على سورية واهتمامهم البالغ بشبابها وما يجري فيها.

وفي جوابها عن سؤال أحد الطلاب، قالت السيدة أسماء الأسد: «إن ما لم يتغير في الصين هو فخر الصينيين ببلدهم وتمسكهم بهويتهم»، مشيرةً إلى أن «أهم ما يميز الصين أنها تطورت بخطوات كبيرة ومتسارعة لكنها لم تتخلَ عن مبادئها وثقافتها».

وسأل الطلبة المحاورون السيدة الأولى عن دور المرأة في سورية والشباب والتحديات التي تواجه التنمية والمجتمع، ومحاولات الإرهاب تدمير الآثار والتراث المادي في سورية وكيفية المحافظة عليه، مؤكدين تمسكهم بتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين وضرورة تكاتف كل الدول التي تتمسك بسيادتها وتحترم مبادئها كما تحترم ثقافات غيرها وخصوصيتها للوصول إلى تنمية المجتمعات من دون هيمنة أو غرور أو أنانية.

السيدة الأولى قالت في حوارها: «في الصين يبدأ عالم جديد يعيد المبادئ والإنسانية إلى مكانها ومكانتها».

وفي ختام الحوار قدمت السيدة أسماء الأسد 20 منحة لطلاب من الجامعة لزيارة سورية والتعرف إليها وملامسة المجتمع السوري عن قرب والاختلاط مع الطلاب السوريين.

بكين – سيلفا رزوق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock