السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير قصي الضحاك أن عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته يشجع كيان الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة اعتداءاته الوحشية على دول المنطقة وشعوبها، محذرا من خطورة الأفعال الإسرائيلية العدوانية في منطقة فصل القوات والتي تنتهك بشكل فاضح اتفاق عام 1974.
وفيما يلي النص الكامل للبيان الذي ألقاه السفير الضحاك اليوم خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية.
يواصل كيان الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته الوحشية على دول منطقتنا وشعوبها، وقد شجعه عجز مجلس الأمن عن النهوض بمسؤولياته على مواصلة وتكثيف اعتداءاته الآثمة على أراضي بلادي، حيث أصبح يستهدف – بشكلٍ شبه يومي – مبانٍ وأحياء سكنية تضم مقرات وبعثات دبلوماسية ومكاتب للأمم المتحدة، كما يستهدف منشآتٍ اقتصادية وبنىً تحتية، ما أدى لارتقاء العشرات وإصابة المئات من المدنيين الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال، وإلحاق دمارٍ وخسائر مادية كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة، ناهيك عن استهداف كيان الاحتلال المتعمد للمعابر الحدودية، والطرق والجسور الواصلة بين سورية ولبنان، التي يستخدمها مئات الآلاف من القادمين من لبنان هرباً من آلة القتل الإسرائيلية.
وفي انتهاكٍ فاضح لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974، تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن عدوانها على الأراضي السورية من جهة الجولان السوري المحتل، كما أقدمت مؤخراً على حفرخنادق، ورفع سواتر ترابية بمحاذاة خط وقف إطلاق النار في القسمين الشمالي والجنوبي من منطقة الفصل، وقد أجرت قيادة قوات الأندوف تحقيقات بشأن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بأعمالٍ هندسية تشمل حفر خندق يمتد لمسافة 350 متراً، وبعرض 6 أمتار، وغيرها من الانتهاكات مثل أعمال تجريف الأراضي الزراعية، وشق الطرقات.
لقد أبلغ وفدُ الجمهورية العربية السورية الأمانة العامة للأمم المتحدة بهذه الانتهاكات، كما قامت بعثة مراقبة فض الاشتباك “الأندوف” بتقديم تقريرٍ عنها، واليوم، نحذّر مرة أخرى من خطورة هذه الأفعال الإسرائيلية العدوانية التي تهدف لخلقِ واقعٍ جديدٍ في المنطقة، ونتوقع رد فعل مناسب من مجلس الأمن يتمثل في تحركه الفوري لاتخاذ إجراءاتٍ حازمة لوقف العدوان، ووضعِ حدٍ لجميع الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأراضي السورية وما يتفرّع عنهامن جرائم. تلك الجرائم التي كان آخرها يوم أمس؛حيث ارتكب كيان الاحتلال الإسرائيلي جريمةً مروعةً من خلال شنّه لعدوانٍ جوي استهدف فيهعدداً من الأبنية في مدينة تدمر بالبادية السورية، وذلك من اتجاه منطقة التنف – التي تتواجد فيها بشكل غير شرعي قوات عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية – مما أدى لاستشهاد 36 شخصاً، وإصابة عشرات غيرهم، وإلحاق أضرارٍ مادية كبيرة بالأبنية المستهدفة والمنطقة المحيطة.
تُشدّد سورية على حقها الراسخ في الدفاع عن سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، واستعادةأراضيها المحتلة بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي.
السيد الرئيس، يتزامن تصعيد الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضيالسورية، مع تكثيف لهجمات التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها جبهة النصرة/هيئة تحرير الشام – المدرجة على قائمة مجلس الأمن – وذلك في مؤشرٍ واضح على التنسيق الوثيق وارتباطها العضوي مع الكيان الإسرائيلي في ارتكاب الأعمال الإجرامية والاعتداءات بالقذائف والمُسيَّرات على المدنيين الآمنين في المناطق المحيطةبأماكن تواجدها في شمال غرب سورية، ناهيك عن استمرارها بفرض أيديولوجيتها المتطرّفة وممارساتها القائمة على القتل، والتعذيب، والإخفاء القسري، وتجنيد الأطفال، والتمييز والعنف ضد النساء والفتيات، مستفيدةًفي ذلك من الدعم الذي توفره لها بعض الدول الغربية.
السيد الرئيس، تستمر الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا بانتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وذلك من خلال الإصرار على استمرار تواجد قواتهما العسكرية على الأراضي السورية بشكلٍ غير شرعي، إلى جانب دعمهما لمجموعات انفصالية وإرهابية، ومواصلة سرقة الثروات الوطنية السورية، وحرمان الشعب السوري من الاستفادة منها.
إن الجمهورية العربية السورية إذ تؤكد على ضرورة احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، فإنها تشدد على ضرورة إنهاء أي وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية فوراً، ودون قيدٍ أو شرط.
السيد الرئيس، لقد أدى العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان الشقيق إلى التسبب بموجة نزوح كبيرة، وقد فتحت سورية أبوابها وحشدت طاقاتها لاستقبال مئات الآلاف من الأشقاء اللبنانيين والعائدين السوريين، ورعايا الدول الثالثة، حيثبلغ عدد الوافدين إلى الأراضي السورية حتى تاريخه نحو 600 ألف وافدٍ، 71% منهم سوريين، وتقوم الحكومة السورية بالتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها بما فيها مفوضية اللاجئين وأوتشا، والشركاء الإنسانيين، ومؤسسات المجتمع الأهلي، بتوفير كل ما يلزم من خدماتٍ لهم رغم التحديات الكبيرة والظروف الصعبة التي تواجهها.
في هذا المجال، تدعو سورية إلى دعم جهودها في الاستجابة الإنسانية، وتوفير التمويل اللازم لها، وتلبية المناشدات ذات الصلة التي أطلقتها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.
السيدات والسادة، إن الأعداد الكبيرة للعائدين السوريين من لبنان إلى سورية، والتسهيلات متعددة الأوجه التي وفرتها الحكومة السورية لهم – والتي أوضحناها مراراً وصم البعض آذانه عنها – تثبت على نحوٍ قاطع زيف المزاعم الغربية حول مسألة عودة اللاجئين السوريين، وتستوجب تخلي البعض عن التمترس وراء ادعاءات منفصلة عن الواقع، ومشروطيات تجاوزها الزمن.
تؤكد سورية حرصها على تحسين الوضع الإنساني والمعيشي للسوريين في جميع أنحاء البلاد، وانطلاقاً من ذلك، فقد جدّدت حكومة بلادي الإذن الممنوح للأمم المتحدة لاستخدام معبري باب السلامة والراعي لثلاثة أشهر إضافية حرصاً منها على إيصال المساعدات لمستحقيها من المدنيين السوريين في شمال غرب سورية.
كما تشدد بلادي على وجوب دعم صمود السوريين كافةً بمن فيهم العائدين، وذلك من خلال الانخراط الجاد والملموس في تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، وسبل العيش، وتوفير الخدمات الأساسية، وكذلك إنهاء مفاعيل ما تتسبب به ما تسمى “ورقة المبادئ والمعايير الناظمة لعمل الأمم المتحدة في سورية” بالغة العدائية، والمعروفة باسم “ورقة فيلتمان”، والتي تتناقض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، وتحرم الفئات الأكثر احتياجاً خاصةً النساء والأطفال من الحق في ظروف معيشية مناسبة.
تؤكد سورية أيضاً على ضرورة الرفع الفوري الكامل وغير المشروط للتدابير الانفرادية القسرية التي تشكل عقاباً جماعياً للسوريين وتحرمهم من الحصول على أبسط احتياجاتهم.
السيد الرئيس، لقد أكد البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المشتركة- التي استضافتها المملكة العربية السعودية الشقيقة قبل أيام – إدانة الدول العربية والإسلامية الشديدة للعدوان الإسرائيلي على سورية، ومطالبتها مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات اللازمة والحازمة لوقف جرائم الاحتلال وتنفيذ قرارات المجلس ذات الصلة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية بما فيها الجولان العربي السوري المحتل.
أشير أيضاً إلى انعقاد الاجتماع الـ 22 للدول الضامنة وفق صيغة أستانا حول سورية في العاصمة الكازاخية يومي 11-12 تشرين الثاني الجاري، حيث أكد البيان الختامي الصادر عن الاجتماع على الالتزام الراسخ بسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، والتصميم على مواصلة العمل معاً لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والوقوف ضد الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سورية وسلامة أراضيها، كما أدان البيان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سيادة الأراضي السورية.
تجدّد سورية التزامها بعمليةٍ سياسية بقيادةٍ وملكية سورية دون أي تدخلٍ خارجي، وفي ظل الاحترام التام لسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتؤكد استمرارها في التعاون والحوار مع المبعوث الخاص ضمن ولايته كميسّر،والذي يزور سورية الأسبوع المقبل، وسيجري مباحثات في وزارة الخارجية والمغتربين.
ختاماً السيد الرئيس، إننا نأسف لإخفاق رئاسة مجلس الأمن للشهر الجاري في احترام معايير عمل المجلس وضوابط إدارة أعماله وجلساته، واستخدامه لخدمةأجنداتها ومحاولة الإساءة لدولةٍ عضو، وذلك لأهدافٍ معروفة تتمثل في التغطية على الإشادات بجهود الحكومة السورية التي استمعنا لها من قبل العديد من الوفود وممثلي الأمم المتحدة، سواءٌ لجهة استقبال العائدين من لبنان وإبقاء الحدود مفتوحة أو لتمديد المعابر أو للعمل اليومي المستمر. أما الهدف الثاني فهو أيضاً معروف وهو التغطية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه على دول المنطقة، وعلى الدعم الذي توفره بعض الدول في هذا المجلس له كما رأينا يوم أمس في الفيتو الأمريكي ضد مشروع القرار الذي تقدمت به الدول العشرة المنتخبة ودعمته 14 دولة، وهو القرار الذي كان يهدف لوقف العدوان الإسرائيلي وسيحمي حقوق الشعب الفلسطيني وسينقذ الأرواح.
لدينا في سورية مئات الجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، والمتطوعين الأبطال الذين يعملون ليلاً نهاراً بالشراكة مع الحكومة السورية، ومؤسسات الدولة، والأمم المتحدة، ونفخر بهم ونعمل سوياً لتحسين الأوضاع الإنسانيةوالمعيشية للسوريين، وتقديم الدعم الذي يحتاجه السوريون وحالياً أيضاً الوافدون من لبنان الشقيق، فهم على الحدود يعملون ليل نهار لتقديم كل الخدمات وفقاً للإمكانيات ورغم التحديات الجسيمة، لكن للأسف هؤلاء يتم التعتيم على جهودهم وحرمانهم من عرض رؤاهم أمامكم ومن الحديث عن التحديات التي يواجهونها بشكل يومي جراء تسييس العمل الإنساني، ونقص التمويل، والتدابير القسرية التي تشكل عقاباً جماعياً يحرم السوريين من أبسط حقوقهم بما فيها الحق في النور والحصول على الكهرباء، وهذا نتيجةً للتدابير القسرية والنهب الأمريكي المتواصل للوقود والنفط، والذي يحرم السوريين من قمحهم الذي يسرقه الأمريكي.
هذه حقائق ولكنكم لا تحضرون من يعمل على الأرض ومن يعمل في المجال الإنساني على الأراضي السورية، وتروجون لرؤية واحدة انتقائية، وهي ممارسة غير مقبولة تعبّر عن تسييس من رئاسة المجلس لأعماله كما تعبّر عن انتقائية وغيابٍ للمصداقية والحيادية.