العلاقات السورية الصينيةالعناوين الرئيسية

الشتاء لن يمنع قدوم الربيع.. والظلام لن يحجب نور الفجر

بقلم : السفير الصيني في سورية فيانغ بياو

خلال العام المنصرم، تفشت جائحة فيروس كورونا المستجد في كل الدول والمناطق في العالم تقريباً، وحصدت الأرواح القيمة لأكثر من 2.1 مليون شخص، وشكلت تهديداً خطيراً على الصحة العامة العالمية.
في ظل صدمات الجائحة غير المسبوقة منذ قرن، تسارعت وتيرة التغيرات العالمية، وشهد الاقتصاد العالمي أخطر كساد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، تعرضت سلاسل الصناعة والإمداد لتداعيات كبيرة، وواجهت العولمة الاقتصادية التيار العكسي، وتشابكت وتفاعلت التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، الأمر الذي عرّض السلام والتنمية في العالم للتحديات الخطيرة. “إلى أين سيتجه العالم؟” “كيف نبني عالماً يخدم مستقبل ومصير البشرية؟” “ما الدور الذي يجب أن تلعبه الدول الكبيرة؟” قد أصبح مصدر هموم شعوب كل الدول في الوقت الحاضر. على هذه الخلفية، حضر الرئيس الصيني شي جينبينغ الفعالية الافتراضية للمنتدى الاقتصادي العالمي لأجندة دافوس يوم 25 الشهر الجاري، حيث ألقى كلمة خاصة تحت عنوان: “لنجعل شعلة التعددية تضيء طريق البشرية إلى الأمام”، وأجاب في الكلمة عن هذه الأسئلة المهمة بشكل شامل ومنهجي.
قام الرئيس شي جينبينغ بحكم الوضع العالمي بنظرة إستراتيجية ودقيقة خلال الكلمة، وحدد الاتجاه الصحيح لمستقبل العالم، حيث دعا المجتمع الدولي إلى تعزيز التنسيق حول السياسات الاقتصادية الكلية، وتضافر الجهود لتحقيق النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل للاقتصاد العالمي؛ ونبذ التحيز الأيديولوجي، وسلك طريق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك؛ وتقليص الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية والعمل معاً على تعزيز التنمية والازدهار في الدول كافة؛ والعمل معاً على مواجهة التحديات الكونية وخلق مستقبل أجمل للبشرية.
أكد الرئيس شي جينبينغ أن صيانة وتطبيق التعددية وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية طريق حتمي لبناء عالم يخدم مستقبل ومصير البشرية، في هذا السياق، طرح المبادرة بالنقاط الأربع:
أولاً، يجب التمسك بالانفتاح والتسامح، بدلاً من الانغلاق والإقصاء، والتمسك بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والقيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، والتخلص من التحيز الأيديولوجي، والعمل معاً على صيانة السلام والاستقرار في العالم.
ثانياً، يجب الالتزام بالقانون الدولي والقواعد الدولية، بدلاً من السعي وراء الهيمنة من جانب واحد، والالتزام بسيادة القانون الدولي والحفاظ على المنظومة الدولية المتمحورة حول الأمم المتحدة والنظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي من دون تزعزع.
ثالثاً، يجب الالتزام بالتشاور والتعاون، بدلاً من التصادم والمجابهة، ونبذ عقلية الحرب الباردة واللعبة الصفرية التي عفا عليهما الزمن، والالتزام بتبادل الاحترام والتسامح، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة من خلال التواصل الإستراتيجي.
رابعاً، يجب مواكبة العصر، بدلاً من رفض التغير، والالتزام بالقيم الجوهرية والمبادئ الأساسية للتعددية في القرن الـ21 من جهة، ومن جهة أخرى، ضرورة التماشي مع تغيرات الأوضاع الدولية ومواجهة التحديات العالمية، وإصلاح وتحسين منظومة الحوكمة العالمية على أساس التشاور الواسع والأرضية المشتركة.
في وجه التغيرات غير المسبوقة منذ قرن، يجب على الدول الكبيرة الالتزام بمسؤوليتها وواجباتها، فعلت الصين هكذا. وقد أعلن الرئيس شي جينبينغ في الكلمة عن الخطوات التي ستتخذها الصين في المستقبل.
أولاً، ستواصل الصين مشاركتها النشطة في التعاون الدولي لمكافحة الجائحة، وستواصل تقاسم الخبرات الناجحة لأعمال الوقاية والسيطرة مع دول العالم، وتقديم ما في وسعها من المساعدة إلى الدول والمناطق التي تكون أقل استعداداً لمواجهة الجائحة، وجعل اللقاح ميسوراً ومتاحاً بنطاق أوسع في الدول النامية، بما يسهم في هزيمة الجائحة في العالم في يوم مبكر، تحدو الصين الثقة التامة بأن الشتاء لن يمنع قدوم الربيع والظلام لن يحجب نور الفجر.
ثانياً، ستواصل الصين تنفيذ إستراتيجية الانفتاح القائمة على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وقد أصبحت الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي تمكن من تحقيق النمو الإيجابي في عام 2020، وازداد إجمالي الناتج المحلي للصين بـ2.3 بالمئة، وارتفعت نسبة اقتصاد الصين في اقتصاد العالم من 1.7 بالمئة في عام 1978 إلى حوالي 17 بالمئة هذا العام. تظل الصين تدعم العولمة الاقتصادية، وتطبّق بكل ثبات سياسة الانفتاح على الخارج كسياستها الوطنية الأساسية، بما يوفر مزيداً من الفرص للتعاون مع الدول الأخرى، ويضخّ مزيداً من الديناميكية في إنعاش وتنمية الاقتصاد العالمي.
ثالثاً، ستواصل الصين تعزيز التنمية المستدامة، وتنفّذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة على نحو شامل.
رابعاً، ستواصل الصين تطوير العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتطبيق إستراتيجية التنمية المدفوعة بالابتكار بثبات، وستسعى إلى تعزيز التواصل والتعاون الدولي في العلوم والتكنولوجيا بأفكار وخطوات أكثر انفتاحاً، وتعمل مع دول العالم معاً على خلق بيئة منفتحة ومنصفة وعادلة وغير تمييزية للتطور العلمي والتكنولوجي، لما فيه نفع وخير للجميع.
خامساً ستواصل الصين العمل على إقامة نوع جديد من العلاقات الدولية.
تتمسك الصين بثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتعمل على تسوية الخلافات عبر الحوار وحل النزاعات عبر المفاوضات، وتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول العالم على أساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.
كما أشار الرئيس شي جينبينغ أنه ليس لدى البشرية سوى كرة أرضية واحدة ومستقبل مشترك واحد. نأمل من جميع الدول مواكبة تيار العصر، والوقوف إلى الجانب الصائب للتاريخ، لنعمل يداً بيد ونجعل شعلة التعددية تضيء طريقنا نحو إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock