الصناعيون والحكومة.. مطالب ووعود
حفل الاجتماع الذي عقد الخميس الماضي بين الحكومة والصناعيين بجملة من الوعود مقابل جملة من المطالب، إذ أكد رئيس مجلس الوزراء عماد خميس أن الصناعيين شركاء حقيقيون بكل الإجراءات، والصناعة هي النواة الأهم للاقتصاد، وأن أي منشأة كانت قبل الحرب يجب أن تعود إلى العمل، لافتاً إلى أن هذا يتطلب خطوات من الفريق الحكومي لإعادة إقلاع الصناعيين بكل معاملهم وهي مسؤولية الجميع.
ولم ينف خميس وجود تحديات وخلل في آلية التعامل يجب تذليلها، فهناك مطالب قابلة للتحقيق وأخرى غير قابلة للتحقيق، مشيراً إلى أن الحديث دائماً يكون حول الضرائب، قائلاً للصناعيين: «إذا لم تحل يعني أننا مقصرون بجزء، وأنتم مقصرون بجزء، ما يتطلب خطوات من الفريق الحكومي لإعادة إقلاع منشآت الصناعيين كافة، لذلك لابد من إيجاد آلية جديدة لإصدار قرارات جريئة، لأننا لم نعد نريد نظريات، ولا نتبادل الاتهامات»، مؤكداً أن السياسة اليوم هي الاعتماد على الذات».
بدوره، أكد رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي أن مواردنا وفيرة، ولكن إدارتها الحالية ضعيفة، موضحاً أن ما يجري من الأحداث على الساحة الاقتصادية يؤكد علينا اليوم أن نفكر خارج الصندوق، لأنه لم يبق لنا سوى الإنتاج بكل قطاعاته الصناعية والزراعية باعتباره المورد الوحيد للقطع.
وانتقد صناعيون الحكومة لجهة حديثها المتكرر عن أن الصناعيين شركاء مع الحكومة وأنه لابد أن يكون هناك نهج جديد، وقال البعض: «كفانا تكراراً لهذه اللقاءات التي تتكرر منذ عشرات السنين، كفانا العمل بسياسية الفعل ورد الفعل.. نحن بحاجة إلى نسف البيئة التشريعية القديمة وخلق بيئة جديدة».
وأفرغ الصناعيون ما في جعبتهم من هموم وعقبات تعترض مسيرة العمل الصناعي وإقلاع المنشآت، متفقين على أن الشعار الأهم هو الإنتاج ثم الإنتاج ثم الإنتاج وصولاً إلى التصدير لتحسين سعر الصرف الذي يؤدي إلى ارتفاع القوة الشرائية وتحسين الوضع المعيشي، إضافة الى تأمين حوامل الطاقة من كهرباء ومازوت وفيول وحتى الغاز، والأهم السياسيات والقرارات الحكومية التي تقف حجر عثرة أمام مسيرة الصناعة الوطنية وأن الهم الأساسي هو السياسة النقدية وتقلبات سعر الصرف.
وبيّن الشهابي لـ«الوطن» أن الفريق الاقتصادي يعمل بعقلية الجباية بدل الحماية، واستهجن الشهابي من أن البيئة الاستثمارية العامة تنحاز إلى التجارة لأسباب لا نعرفها لافتاً إلى أهمية أن يكون هناك حق فيتو لوزارتي الصناعة والاقتصاد لأننا نريد اقتصاد إنتاج ومعامل وليس اقتصاد معابر.
مطالب صناعية
وعن مطالب الصناعيين، بين الشهابي أنه تم إعداد مذكرة متكاملة حولها، وقدمت للحكومة، تؤكد أهمية إلغاء جميع الغرامات والفوائد على المكلفين في المناطق المتضررة، وإعفاء المكلفين عن عام 2016 وما بعد من غرامات التأخير، علماً بأنه تم تكليفهم في عام 2019.
ومن أبرز ما تضمنته المطالب أيضاً، معالجة الثغرات الموجودة في المرسوم 11 الخاص بالإنفاق الاستهلاكي، بحيث يتم فرض الإنفاق على المواد الأولية عند الاستيراد والقيمة المضافة يتحملها المستهلك وليس المُصنع، وكذلك إعفاء الصناعات التصديرية مع تأكيد إيجاد تشريع ضريبي خاص بالمناطق المتضررة ومنحه الإعفاءات اللازمة للمساهمة في إعادة إقلاعها، وزيادة مبالغ دعم التصدير وتوسيع الشرائح المستفيدة منها.
ومن المطالب بحسب الشهابي، تخفيض نسب الشرائح الضريبية للأرباح الصافية، مع منح الصناعيين مهلة عامين لتسديد الذمم المالية المترتبة لفواتير الكهرباء والتريث بتحصيلها إلى حين إقلاع المنشآت بعد إعفائهم من جميع الغرامات والفوائد والرسوم للمبالغ المستحقة على فواتير الكهرباء، وإصدار تشريعات جديدة للحدّ من تأثير قانون «سيزر» الأميركي، ودعم المنتج الوطني، وقبول قصر الحجز الاحتياطي للقروض المتعثرة بما يضمن حق الدولة والسماح للصناعي بالتصرف بجزء من ممتلكاته ليتمكن من تسديد القروض المترتبة على المنشأة وتمويل إعادة الإنتاج.
إضافة إلى ربط الاستيراد بالتصدير من خلال بيع جزء من القطع الناتج عن التصدير لمصلحة المستوردين لبعض السلع ذات الأهمية، وإيقاف تمويل المستوردات نهائياً لجميع البضائع، وفي الوقت ذاته التشدد بمنح إجازات الاستيراد واقتصارها على المواد الأولية لتنشيط عجلة الإنتاج والسلع الأساسية غير المنتجة محلياً، والاهتمام بتصحيح سعر الصرف، وخاصة للحوالات الواردة إلى القطر، وإعادة تفعيل مكاتب الحوالات، والتخفيف من الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها وزارة المالية لتحصيل بعض المبالغ المرتبة على الصناعيين، كإلغاء إجراء منع السفر بحقهم، إضافة إلى وضع ضوابط لعملية الإقراض بالليرة السورية، بحيث تكون الغاية منها تنموية وليست للمضاربة كما هو الحال في الوضع الراهن.
توصيات اقتصادية
إضافة لتلك المطالب، وغيرها مما تضمنته المذكرة، لفت الشهابي إلى تقديم توصيات شاملة تسهم في تعافي الاقتصاد الوطني، وتتركز على إعادة العمل بإجراء اتفاقيات ثنائية مع الدول الصديقة والتعامل بالعملات المحلية لتجاوز العقوبات الاقتصادية، وتفعيل دور مجالس الأعمال مع تلك الدول، والاهم استصدار مرسوم بإعفاء المعامل المتضررة والتي دمرت كلياً أو جزئياً من رسوم نقابة المهندسين ورسوم البلدية وفوائد القروض وكل الرسوم الأخرى، في حال إعادة بنائها إلى ما كانت عليه قبل تدميرها من العصابات الإرهابية، وتيسير تمويل المشاريع الصغيرة عبر طرح قروض بفوائد رمزية وبشروط ميسرة وتقسيط مريح.
وتضمنت التوصيات أيضاً تسهيل النقل والتجارة مع الدول المجاورة، وتخفيض كلفة النقل البري والبحري والجوي، والعمل على جذب الاستثمارات السورية الخارجية كأولوية حكومية حالية، عبر حل مشاكل القروض القديمة العالقة، وغيرها من معوقات العمل، وتطوير وأتمتة نظام الضرائب، وتطوير قانون الجمارك، إضافة إلى تحسين سبل الوصول إلى الأسواق الخارجية ودعم وتنشيط الابتكار والبحث العلمي وربطه بقطاع الأعمال عبر محفزات خاصة، كذلك دعم البرنامج الوطني للجودة وتوسيع عمله ونشر ثقافته بالتعاون مع الغرف الصناعية وإنشاء مركز تحديث الصناعة وإدارة البرامج، وتفعيل دور شركات الصرافة بإعادة أموال قيمة المواد المصدرة.
الوطن – هناء غانم