العلاقات السورية الصينية

بيلوسي حطّت في تايوان والصين أعلنت حالة التأهب القصوى واستدعت السفير الأميركي احتجاجاً على «الزيارة الشريرة للغاية» … بكين: واشنطن تلعب بالنار وردّنا سيكون قوياً على أفعال البلطجة ولا يوجد إلا «صين واحدة»

متجاهلة كل التحذيرات، سارعت أميركا مرة أخرى محاولة إشعال نار حرب جديدة، وهذه المرة من على حدود الصين، لتضيف إلى العالم المشتعل والمنهك أصلاً من مغامراتها وحروبها، تصعيداً جديداً، تحاول فيه واشنطن الهروب من حقيقة باتت شبه مؤكدة بأن عالم أميركا وقطبها الأوحد بدأ بالترنح.

السعي الأميركي المحموم لإشغال آسيا بحرب جديدة وبالوكالة، كما فعلت في أوكرانيا، قابله رد صيني حاسم، وتحذير من تداعيات خطيرة ستقوض علاقاتها مع الولايات المتحدة وسترتد وبالاً على انفصالييها في تايوان، ومن يلعب بالنار سيحترق بها، والعالم اليوم عند مفترق طرق جديد، وعلى واشنطن التفكير كثيراً قبل تهديد وحدة وسيادة الأراضي الصينية.

ومع انشغال العالم بحالة التصعيد المتواصلة، لا يبدو توقيت زيارة رئيسةِ مجلسِ النوابِ الأميركي نانسي بيلوسي إلى مطارِ تايبيه في إقليم تايوان وتزامنه مع إعلان بلادها عن قتلها لزعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي أيمن الظواهري، بريئاً وبعيداً عن أهداف انتخابية يحاول فيها الرئيس الأميركي وحزبه تسجيل بطولات وهمية علها تنقذه بعد أشهر في الانتخابات النصفية، وتحافظ على بقائه، حتى لو كلف العالم كله المزيد من التوتر والاضطرابات العسكرية والاقتصادية.

بيلوسي صاحبة الـ82 عاماً، والتي حطت طائرتها مساء أمس في تايبيه، استدعى حضورها استنفاراً عسكرياً غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، لتجند واشنطن العشرات من طائراتها وسفنها البحرية لحمايتها وتستنفر الصين وتعلن عن مناورات عسكرية محدودة وإجراء تجارب صاروخية ومناورات بالذخيرة الحية قرب تايوان.

وأظهرت صور مباشرة بيلوسي وهي تصل إلى مطار سونغشان في تايبيه، وكان في استقبالها وزير الخارجية التايواني جوزيف وو، حيث أصدرت بيلوسي وأعضاء وفد الكونغرس بياناً اعتبرت فيه الزيارة بأنها تكرس التزام واشنطن الثابت بدعم الديمقراطية في تايوان، وهي ستؤكد دعم بلادها لتايوان وتعمل على تعزيز مصالحهما المشتركة، وأضافت: «من المقلق أن تايوان الديمقراطية القوية والنابضة بالحياة مهددة».

الرد الصيني على هذه الخطوة لم يتأخر ليتزامن إعلان الجيش الصيني عزمه إجراء تجارب صاروخية ومناورات بالذخيرة الحية في عملياته العسكرية قرب تايوان، وتأكيد وزارة الدفاع الصينية التي أعلنت حالة التأهب القصوى على إطلاق مناورات عسكرية بدءاً من يوم الخميس وحتى يوم الأحد المقبلين في ست مناطق بحرية تحيط بجزيرة تايوان، مع تحذيرات شديدة اللهجة خرجت على لسان وزير الخارجية الصيني وانغ يي اعتبر فيها أن «بعض السياسيين الأميركيين لا يهتمون إلا بمصالحهم الذاتية ويلعبون بالنار في قضية تايوان ويجعلون أنفسهم أعداءً لـ1.4 مليار صيني ولن ينتهي بهم لأمر بالتأكيد إلى مكان جيد.

وأضاف وانغ خلال مؤتمر صحفي عقب حضوره اجتماعاً لمجلس وزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون: إن «أفعال البلطجة التي تمارسها واشنطن قد تم الكشف عنها للعالم وجعلت الشعوب في جميع الدول ترى بشكل واضح أن الولايات المتحدة هي أكبر مدمر للسلام».

وأشار إلى أن البعض في الولايات المتحدة يتحدون باستمرار سيادة الصين بشأن قضية تايوان ويعملون على الإخلال بسياسة الصين الواحدة بل ويثيرون الاضطرابات في مضيق تايوان بشكل متعمد، مؤكداً أن الشعب الصيني لن يقبل بذلك أبداً كما أن المجتمع الدولي يحتقر مثل هذا الاستفزاز الذي لا أساس له.

كما استدعت الخارجية الصينية السفير الأميركي في بكين، وأبلغته بأن طبيعة زيارة بيلوسي لتايوان «شريرة للغاية وعواقبها وخيمة».

من جهته حذر سفير الصين لدى الولايات المتحدة شين غان، من رد قوي لبلاده على زيارة بيلوسي لتايوان، وقال في تصريح لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «ردنا سيكون قوياً وبكين ستفعل كل ما هو ضروري لحماية سيادة ووحدة أراضيها»، وأضاف: «لدينا كل الحق في فعل ما نراه ضرورياً ومناسباً في الوضع الحالي الذي فرضته الولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن الجيش الصيني لن يتوانى عن أداء مهمته الرئيسة في حماية سيادة وسلامة أراضي البلاد.

وكانت الخارجية الصينية وصفت زيارة بيلوسي في وقت سابق أمس بأنها انتهاك خطير لسيادة الصين وسلامة أراضيها وسيكون لها تأثير خطير على الأسس السياسية للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة، واعتبرت في بيان لها أن الزيارة تقوض بشكل خطير السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان وهي ترسل إشارة خاطئة وخطيرة إلى القوات الانفصالية الساعية لاستقلال تايوان مجددة التأكيد أنه لا توجد سوى «صين واحدة» في العالم وتايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين.

الرد على الاستفزاز الأميركي لم تتفرد به الصين، حيث توالت أمس ردود الأفعال الرافضة لخطوة واشنطن، وجددت سورية في بيان لخارجيتها أمس دعمها بشكلٍ تام المواقف التي أعلنتها الصين ضد زيارة بيلوسي لتايوان، مشددة على أنها عمل عدائي لا ينسجم مع القانون الدولي، ولا يحترم سيادة واستقلال ووحدة أراضي الصين الشعبية.

بدورها وصفت الخارجية الروسية الزيارة بأنها استفزاز سافر يأتي في سياق النهج العدواني الأميركي الرامي إلى ردع الصين.

وأضاف بيان للخارجية الروسية: «نعتبر العلاقات بين الجانبين على مضيق تايوان شأناً داخلياً للصين، ومن حق الجانب الصيني أن يتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية سيادته ووحدة الأراضي في ما يخص قضية تايوان».

إيران دانت الخطوة الأميركية أيضاً، وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: «نعتبر السلوك المسبب للتوتر الأخير لمسؤولي النظام الأميركي في التدخل في الشؤون الداخلية لجمهورية الصين الشعبية وانتهاك وحدة أراضي هذا البلد أنموذجاً للتدخلات الأميركية في مناطق ودول مختلفة من العالم، وهو ما أدى فقط إلى زيادة عدم الاستقرار وتأجيج النزاعات، وبالتالي فهو مدان من قبلنا».

من جهتها أكدت الأمم المتحدة على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أن موقفها إزاء زيارة بيلوسي لتايوان، يتمثل في أن حكومة جمهورية الصين الشعبية الممثل الشرعي الوحيد للصين.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock