تجار: حلقات فساد وسيطة بين السوق ومؤسسات حكومية
رأى عدد من تجار سوق الهال في دمشق ومصدر في اتحاد غرف الزارعة السورية أن قرار استيراد الموز والبطاطا لم يحقق الغاية منه في توفير المادة بالأسعار المحددة لها في مؤسسات الدولة (والمصنفة مؤسسات تدخل إيجابي) في الأسواق المحلية، وهناك دعم يتلقاه المصدر اللبناني لم تعكسه الأسعار المعروضة في السوق المحلية.
وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية كانت أصدرت قراراً سمحت بموجبه باستيراد الموز من لبنان حتى تاريخ 30/4/2018 واستيراد البطاطا من لبنان حتى تاريخ 15/3/2018 وحصرت استيراد المادتين المذكورتين من لبنان بالمؤسسة السورية للتجارة وخلال الفترات الزمنية المحددة، على أن يتم بيع الكميات المستوردة بالتجزئة في صالات المؤسسة السورية للتجارة حصراً.
محمود طبيخ (تاجر في سوق الهال) تحدث عن عمليات فساد بمئات الملايين من الليرات تذهب لجيوب بعض المتعهدين عبر التلاعب بعقود بين أسواق الهال وتلاعب بالكميات والأسعار وبالجودة والنوعية، مشيراً إلى وجود نحو 1.8 مليار ليرة مستحقة لعدد من التجار في سوق الهال على بعض الجهات العامة منذ بداية العام 2016 تضيع بين الحلقات الوسيطة والمتعهدين في السوق وهذه الجهات ولم تسدد إلى هذه اللحظة.
بدوره أفاد طبيخ أن المؤسسة السورية للتجارة استوردت الموز عبر تجار محددين وعرضت جزءاً منه في صالاتها بهدف تخفيض أسعاره للمستهلك، إلا أن ما يجري لم يحقق الغاية منه مع محدودية إمكانية أو طاقة صالات المؤسسة على بيع الكميات المستوردة بالكامل حيث يتم استقبال كميات محددة وعرض الكميات الأخرى عبر وسطاء إلى الأسواق الأخرى.
بدوره تحدث مصدر مسؤول في اتحاد غرف الزراعة لـ«الوطن» عن وجود حلقة فساد وسيطة (متعهدين) بين بعض مؤسسات الحكومة المعروفة بمؤسسات التدخل الإيجابي وبعض تجار سوق الهال والأسواق الأخرى، متسائلاً: كيف تتسرب المواد المستوردة لمصلحة مؤسسات الدولة إلى الأسواق الأخرى؟ مبيناً أن سوق الهال ممتلئ بهذه البضائع والتي من المفترض ألا توجد وألا تعرض إلا في صالات الدولة.
وأفاد بأن حلقات الفساد هذه تتلاعب بقوت الناس عبر التلاعب بالقرارات والأسعار وتسرب المواد المستوردة لمصلحة المؤسسة إلى الأسواق الأخرى. منوهاً بأن سعر مبيع كيلو الموز اللبناني بـ400 ليرة في السوق المحلية يعد مرتفعاً قياساً للدعم الذي يتلقاه المستورد اللبناني من حكومته، مبيناً أنه يتلقى مبلغ 2000 دولار على حمولة كل براد يصدر من لبنان إلى سورية، وهذا يجب أن ينعكس على سعر المادة في السوق المحلية انخفاضاً.
ومن خلال متابعة «الوطن» للموضوع في وزارة التجارة الداخلية وحمابة المستهلك؛ علمت بأن «السورية للتجارة» أبرمت عقداً يوم الخميس الماضي لتوريد 25 ألف طن من الموز اللبناني إلى السوق المحلية وتم فض العروض بحضور الوزير عبد اللـه الغربي، إذ أكد مصدر مسؤول أن الكميات الموردة من الموز سيتم بيعها جملة ونصف جملة للأسواق المحلية الأخرى إضافة إلى بيعه في صالات التدخل الإيجابي الحكومية.
مؤكداً أن الكميات الموردة سابقاً لم تتجاوز 240 طناً حمولة 11 براداً فقط وبعد ذلك لم يورد أي كميات أخرى بعد ذلك وأن كل ما هو موجود من الموز في السوق غير ذلك وهو مهرّب، وهو من مصدر صومالي واكوادوري وليس موزاً لبنانياً المحصور استيراده بالسورية للتجارة.
وعلى صعيد الفواتير ومجموع الشيكات المستحقة لمصلحة تجار سوق الهال والبالغة نحو 1.8 مليار ليرة على بعض جهات الدولة تبين أنها تعود للأعوام من 2013 حتى عام 2016 وهي تندرج تحت بند التشابكات المالية يتم حلها عبر وزارات الدولة وأن هذه المبالغ تمت عبر ما يسمى وسطاء أو متعهدين أو وكلاء أو مندوبين وتعود إلى ما قبل تأسيس مؤسسة السورية للتجارة وأنه لا وسطاء على دور السورية للتجارة وأن البضائع والمواد تسلم إلى الجهات الحكومية المتعاقدة مباشرة.
بدوره أكد معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب لـ«الوطن» عدم ورود أي شكاوى إلى الوزارة حول هذه الظاهرة، والمفترض من تجار سوق الهال الذين شهدوا حالات كهذه أن يشتكوا للوزارة من أجل التحرك مباشرة بدوريات متخصصة لضبط الظاهرة وتطبيق القانون والتواصل مع السورية للتجارة لمعالجة الأمر فوراً، واعداً بمتابعة الموضوع فوراً والإشراف عليه مع المعنيين. منوهاً بأن كميات الموز التي استوردتها السورية للتجارة قليلة وبيعت ضمن الصالات، وكان هناك متابعة لعملية البيع من المؤسسة منعاً لحدوث أي تلاعب.
من جهته كشف مسؤول في مديرية الجمارك العامة لـ«الوطن» أن ما يحفز تهريب الموز هو طبيعة الطلب في السوق المحلية مع تراجع هذه الظاهرة والسماح باستيراد كميات من هذه المادة.
مبيناً أن معظم حالات التهريب الحاصلة حالياً تكون جراء تلاعب بعض التجار باستخدام بيانات لاستيراد والبيانات الجمركية المتعلقة بالسماح لهم باستيراد كميات محددة من مادة الموز ليتم معاودة استخدام هذه البيانات في إدخال وتحرير كميات متكررة ومشابهة الكمية المرخص له استيرادها وهو الأمر الذي يضلل في بعض الأحيان الجهات المتابعة عبر إبراز التاجر لبيانات توضح ترخيص استيراده لمادة الموز.. كما أكد المصدر أن دوريات الجمارك تعمل بشكل منتظم على متابعة البضائع المدخلة وحالة المرور على المعابر والطرقات الرئيسية بالإضافة إلى وجود الدوريات السيارة والاعتماد على مصادر معلومات في الأسواق المحلية وأن الجمارك تتشدد مع حالات التهريب وتتعامل معها وفق الأنظمة والقوانين المتبعة لحماية الاقتصاد المحلي والحيلولة دون التلاعب بالأسعار واحتياجات المواطنين لمختلف المواد.