تحديات المعيشة في سورية.. معادلة صعبة في مواجهة التحديات الاقتصادية

ما زالت معادلة الأسواق التي تسعر السلع والخدمات بموجبها مستحيلة الحل، وما زالت الطريقة التي يستطيع الموظف تدبير أموره بدخله المعدوم غير قابلة للتفسير بالقوانين والقدرات البشرية!.
وبالنظر إلى الواقع الحالي، رفعت أجرة النقل من 1000 ليرة إلى 3000 أو 4000 ليرة حسب الخط، وتم رفع سعر ربطة الخبز من 400 ليرة إلى 4000 ليرة سورية، وتم تخفيض وزن الربطة مع الحفاظ على السعر وعدد الأرغفة، ما يمكن اعتباره رفعاً ثانياً غير مباشر للسعر. إضافةً إلى ذلك، ووفقاً لتصريحات وزارة التجارة الداخلية، من المتوقع أن تترافق زيادة الرواتب المرتقبة مع رفع الدعم عن الخبز بشكل تام.
أمام كل ذلك، من الجدير طرح سؤال: كم تحتاج أسرة من خمسة أشخاص شهرياً لتأمين أبسط احتياجاتها؟ وهل الزيادة المنتظرة تأخذ في الاعتبار تلك الاحتياجات؟ بحسبة بسيطة وبلغة الأرقام، يتبين أن الأسرة تحتاج شهرياً إلى حوالي 500 ألف ليرة سورية ثمن خبز، وإلى 420 ألف ليرة سورية أجرة مواصلات في حال اقتصرت رحلة كل فرد على وسيلة نقل واحدة فقط وبمتوسط 3500 ليرة. أما بالنسبة للقادمين من الأرياف إلى المدينة، فأجرة المواصلات لن تقل عن 1.8 مليون ليرة سورية فقط لا غير.
وفي حال اقتصر غذاء الأسرة على وجبة واحدة فقط، ولتكن بطاطا على اعتبار أنها حالياً من المواد المنخفضة السعر، فإنها بحاجة إلى حوالي 400 ألف ليرة ثمن غاز، و300 ألف ليرة ثمن بطاطا، وحوالي 200 ألف ليرة ثمن زيت.
ومن دون حساب المنظفات والملابس والطبابة ومصاريف التعليم، فإن العائلة المقيمة في المدينة تحتاج إلى ما لا يقل عن 1.8 مليون ليرة سورية شهريا. أما إذا كانت مقيمة في الريف، فإنها تحتاج إلى ما لا يقل عن 3.2 ملايين ليرة سورية شهرياً.
وأمام هذا الواقع، تتطلب معالجة التحديات الاقتصادية في سورية جهوداً متكاملة من الحكومة والمجتمع المدني والأفراد. من خلال تنفيذ عدد من الحلول، يمكن تحسين الظروف المعيشية للأسرة السورية. فأمام نية الحكومة في رفع الدعم عن السلع، يبقى الخيار الأفضل هو إنشاء برامج مساعدات مالية مباشرة للأسر ذات الدخل المنخفض، والعمل على زيادة الرواتب بشكل دوري بحيث تتماشى الزيادات في الرواتب مع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار.
إضافةً إلى ذلك، يجب تشجيع ثقافة العمل الخاص، وذلك من خلال تنمية المشروعات الصغيرة، عبر تشجيع ريادة الأعمال بتقديم قروض ميسرة ودورات تدريبية للأفراد لبدء مشروعات صغيرة مولدة للدخل، إضافة إلى دعم القطاعات الاقتصادية التي يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة بما يسهم في دوران عجلة الإنتاج الصناعي.
ومع ضرورة تطوير الزراعة المحلية، يجب تشجيع الزراعة المستدامة عبر تقديم الدعم للمزارعين وتوفير تقنيات حديثة، وإدخال تقنيات زراعية جديدة لزيادة الكفاءة وتحسين الإنتاج المحلي للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على المستوردات.
كما أنه من الضروري العمل على تحسين الخدمات العامة، وتطوير البنية التحتية، وتحسين وسائل النقل والمواصلات لتخفيف الأعباء المالية على الأسر، إلى جانب تعزيز التعليم والرعاية الصحية لضمان الوصول إلى خدمات تعليمية وصحية عالية الجودة بأسعار معقولة، إن لم يكن من الممكن استمرارها مجانية.
ومن المؤكد أن كل ذلك، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، بحاجة إلى دعم دولي، إضافة إلى التعاون مع المنظمات الدولية لتنفيذ مشروعات تنموية تعود بالنفع على المجتمع.
محمد راكان مصطفى