بدأت آثار المرسومين (3) و(4) تنعكس على سوق الصرف، بعد تشديد العقوبات، بحق كل من يتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري أو التسديدات النقدية سواء أكان ذلك بالقطع الأجنبي أم المعادن الثمينة.
وبحسب مصادر في السوق، فقد بدأ تحسن الليرة، الأمر المتوقع أن يظهر بشكل أكبر، خلال الأيام القليلة القادمة، مع استمرار حالة الترقب، وتجنب التعاملات بالقطع الأجنبي، بيعاً أو شراءً.
وعقد وزير الداخلية اللواء محمد الرحمون اجتماعاً، يوم أمس، مع الضباط المعنيين في الوزارة لمناقشة الآليات التنفيذية لتطبيق أحكام المرسوم التشريعي رقم 54 لعام 2013، القاضي بمنع التعامل بغير الليرة السورية، والمرسومين التشريعيين رقم (3) و(4) لعام 2020، وتعميم الإجراءات الواجب اتخاذها على جميع الوحدات الشرطية في المحافظات كافة.
وشدد الوزير على الجدية في استقصاء الجرائم المتعلقة بالتعامل بغير الليرة السورية والمتلاعبين بأسعار صرفها، والتنسيق مع ضابطة مصرف سورية المركزي لضبط مرتكبي هذه الجرائم، والتركيز على ضبط المخالفين بالجرم المشهود، مع مراعاة الضوابط الموضوعية في تنظيم الضبوط ودعمها بالأدلة والقرائن القاطعة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق هؤلاء، والتزام الحيادية، وعدم الاعتماد على المعلومات الكيدية، ورصد ومتابعة وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، والتي يتم من خلالها إذاعة أخبار ملفقة وكاذبة، أو إعادة نشر وقائع ملفقة أو وهمية بإحدى تلك الوسائل، أو بأي وسيلة أخرى، لإحداث التدني أو عدم استقرار قيمة الأوراق النقدية الوطنية، وكشف من يقف وراءها، وضبطهم واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وتم خلال الاجتماع التأكيد أن هذه الإجراءات والملاحقة سوف تطبق على جميع المخالفين مهما كانت صفتهم.
آثار إيجابية
توقع مدير عام المصرف العقاري مدين في تصريح لـ«الوطن» علي أن ينتج عن المراسيم الجديدة جملة من الآثار الإيجابية، منها أثار بدأت تظهر لجهة تراجع سعر الصرف في السوق، إضافة لأن هذه المراسيم شكلت عامل آمان واطمئنان لشريحة واسعة من المواطنين ومن أصحاب الفعاليات الاقتصادية، الأمر الذي يسهم في دعم الليرة، وتعزيز مكانتها في التعاملات الاقتصادية والتجارية المختلفة وبالتالي سيكون هناك أثر إيجابي لهذه المراسيم يوماً بعد يوم.
وعن أثر هذه المراسيم على السوق والأسعار الرائجة للمواد بين علي أنها يمكن أن تلعب دوراً مهماً في الحدّ من حالة التدهور في سعر صرف الليرة، والذي كان يتسبب في ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات في السوق، لكن مع شرط أن تترافق هذه المراسيم بعدد من الإجراءات والتدابير التي تندرج ضمن اختصاص وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجهة مراقبة الأسعار في الأسواق المحلية، ومتابعة المخالفات وضبط حالات التلاعب.
وبين أن قضية الاتجار بالدولار والمضاربة فيه كانت ساحة مفتوحة لمن هب ودب، من المحترفين وغيرهم، ومن المؤكد أن البعض ممن لا يدرون مخاطر هذه العملية كانوا مقتنعين بأنه يمكنهم تحقيق هوامش عالية من الربح عبر المضاربات في السوق، لذا جاء المرسومان 3-4 لعام 2020 في إطارهما القانوني بعقوبات قاسية ورادعة بحق كل من يفكر بالدخول في هذا المضمار، من التلاعب والمضاربة، وبالتالي أدرك الكثير بعد صدور المرسومين أن هناك أثاراً قانونية ومالية يمكن أن يتعرضوا لها، وهذا لا يقتصر على بعض الهواة فقط، وإنما يحمل الكثير من العبر للمتلاعبين الكبار.
ونوّه بأن وجود إطار قانوني لمعاقبة ومحاسبة المخالفين يشكل جدار صدّ للكثير من الجرائم المتعلقة بحالات التلاعب بسعر الصرف، على اعتبارها جرائم اقتصادية تهدد الأمن الاقتصادي، لما يترتب على التلاعب بسعر صرف الليرة من تداعيات وآثار اقتصادية فادحة تهدد سبل العيش وتؤدي لأضرار كبيرة في المجتمع.
وحول مقترح بتسليم الحوالات بالقطع الأجنبي، لتشجيع الصرافين على إدخال الدولار إلى البلد، بين مدير المصرف العقاري أن هذا من شأنه توفير القطع الأجنبي، لكن هذا يتطلب حالة من المتابعة لعمل شركات الصرافة التي تحتاج لمزيد من الضبط والاتزان بإجراءات البنك المركزي، بما يسهم في ضبط هذه العملية وزيادة فعاليتها.
من جانبه، بين رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية عابد فضلية لـ«الوطن» أن تشديد عقوبة من يتعامل بغير الليرة هو أمر مهم جداً، وخاصة في ضبط الذين اعتادوا المضاربة في الدولار خلال الفترة الماضية، وبالتالي التلاعب بسعر الصرف، حيث يمثل تشديد العقوبات رادعاً لكل السلوكيات الضارة في سعر الصرف.
وحول جدوى السماح بتسليم الحوالات النقدية الواردة للمواطنين بالدولار، بين فضلية أنه مع حصول فارق واسع بين سعر الصرف حسب النشرة الرسمية الصادرة عن المركزي والسعر المتداول غير الرسمي، فمن المفيد تسليم الحوالات النقدية كما هي، لأنها ستدور ضمن حركة الاقتصاد الوطني، لكونها ضمن حدود الدولة فهي جزء من الاقتصاد الاجتماعي للمواطنين الذي يصب في دورة الاقتصاد الوطني.
وبين أن من يقرر السماح بمثل هذا الأمر هو المصرف المركزي لامتلاكه الكثير من البيانات والإحصاءات الخاصة بذلك لكن مع إعادة النظر بآلية شركات الصرافة العاملة في السوق المحلية وضبط نشاطها.