حلب تستنفر لإغاثة أبنائها من الأحياء الشرقية .. وروسيا تدخل على الخط
استنفرت محافظة حلب ومديرياتها الخدمية والطبية لتقديم العون لسكان الأحياء الشرقية من المدينة، والذين هربوا منها إلى الشطر الشرقي للخلاص من جور وظلم المسلحين وإرهابهم، وتجاوز عدد الذين وصلوا لمناطق سيطرة الجيش السوري حتى اليوم الثلاثاء 11 ألف مدنياً على حين استحوذ حي الشيخ مقصود، الذي تسيطر عليه وحدات “حماية الشعب” ذات الأغلبية الكردية، على 4 آلاف مهجر من تلك الأحياء.
وشهد اليوم عبورا منقطع النظير من أهالي الأحياء الشرقية للمدينة إلى الأحياء الغربية منها، إذ ناهز تعداد الذين خرجوا من مناطق سيطرة المسلحين إلى مناطق الحكومة السورية 5 آلاف مدني، أضيفوا إلى من سبقهم خلال اليومين الماضيين، وجرى تأمين مراكز إيواء مؤقتة لهم ومستلزماتهم المعيشية والخدمية والطبية على الفور.
وتوقعت مصادر أهلية في الأحياء التي لا زال يسيطر عليها المسلحون شرق حلب لـ “الوطن أونلاين” أن تشهد الأيام المقبلة خروج أعداد كبيرة من المدنيين إلى غرب المدينة، بعد أن فقد المسلحون السيطرة على تلك الأحياء في ظل ضغط الجيش العربي السوري المتواصل واستمرار عمليته العسكرية لتحرير جميع الأحياء بعد أن نجح باسترداد القسم الشمالي الشرقي منها.
ودخلت روسيا اليوم على خط مساعدة نازحي الأحياء الشرقية لحلب، فأعلنت وزارتا الدفاع والطوارئ الروسيتان عن عزمهما، وبتوجيه من الرئيس فلاديمير بوتين، إرسال مشاف متنقلة إلى حلب “بأسرع وقت” لكن وزارة الدفاع سارعت مساء اليوم للقول بأنها بدأت بنقل وحدة طبية ومشاف ميدانية لمساعدة هؤلاء السكان.
محافظ حلب حسين دياب أكد في تصريح لـ “الوطن أونلاين” جهوزية المحافظة التامة لتوفير متطلبات عيش أبناء المدينة الذين قدموا من الأحياء الشرقية إلى مناطق الحكومة السورية غربي المدينة، ولفت إلى أنه قام بجولة تفقدية لمراكز إيواء منطقة جبرين (20 كيلو متر شرق حلب) للاطلاع على واقع تخديم الأهالي الذين وصلوا إليها من شرق المدينة “والذين ناهز عددهم 11 ألف مواطن ومواطنة قدمت لهم جميع الخدمات الإغاثية والمعيشية والخدمية والطبية اللازمة”.
بالتزامن، خصصت مديرية الصحة في حلب عيادات متنقلة في مراكز الإيواء لتقديم المساعدة الطبية لمحتاجيها، وأمن فرق اللقاح والمسح التغذوي لتخديم جميع الأهالي الذين قدموا إلى المراكز أو الذين قد يصلون في المستقبل القريب. كما خصصت المديرية مشفيين إسعافيين في قرية النيرب وفي مشفى ابن خلدون للأمراض العقلية والنفسية القريببن من مركز إيواء جبرين، الذي يقدم وجبات الطعام الساخن لقاطنيه وخدمات أخرى.
وارتفعت اليوم حدة المواجهات مع المسلحين في أحياء جنوب شرق المدينة، حيث أطلق المسلحون النار على الأهالي الذين حاولوا تخطي معبر بستان القصر إلى حي المشارقة المقابل الذي يسيطر عليه الجيش السوري، وتسببوا بمقتل مواطنين اثنين وجرح آخرين، ما أدى إلى نشوء اشتباكات اضطر خلالها المسلحون إلى الانسحاب من بعض أجزاء الطريق المؤدي للمعبر.
وقالت مصادر أهلية في حيي طريق الباب والشعار، والذين يخوض الجيش السوري اشتباكات على مشارفهما وداخل شوارعهما مع المسلحين، لـ “الوطن أونلاين” أن بعض المسلحين انسحبوا من جبهات القتال إلى حيي السكري والعامرية تمهيداً للدخول في تسويات ومصالحات وطنية أو تسليم أنفسهم وأسلحتهم للجيش السوري على غرار 507 مسلحا سلموا أنفسهم واستفاد 484 منهم من مرسوم العفو لتسوية أوضاعهم، ما قد يفسح المجال أمام تشجيع قدوم أعداد جديدة من المسلحين إلى الأحياء الغربية الآمنة بعد تسوية أوضاعهم.
وسارعت وزارة الداخلية، وبتوجيه من الوزير محمد الشعار، إلى فرض انتشار الشرطة في الأحياء التي سيطر عليها الجيش شمال شرق المدينة لتوفير الأمن والاستقرار ودعم السكان الذين عادوا إلى مساكنهم فيها، خصوصاً في الحيدرية والصاخور وجبل بدرو والأرض الحمرا ومساكن هنانو التي علمت “الوطن أونلاين” أن الوزير أمر بإنشاء قسم الشرطة فيها وبطاقته كاملة، وهو ما حدث اليوم.
وأعلنت الأمم المتحدة أن عدد السكان الذين غادروا الأحياء الشرقية من المدينة وصل اليوم إلى 16 ألفاً، من دون ذكر أن 4 آلاف منهم لجأوا إلى حي الشيخ مقصود، الذي تسيطر عليه وحدات “حماية الشعب” ذات الأغلبية الكردية، حيث أمنت احتياجاتهم ووفرت الإقامة لهم في الشقق والمنازل والأبنية الفارغة، وساعدت الأهالي على تقديم العون المعيشي لهم لتجاوز محنتهم.
وكعربون على نشر السلام وتوحيد شطري حلب، أرسل أطفال الأحياء الغربية من المدينة مساء اليوم رسائل مرفقة بورود إلى الأهالي في الشطر الشرقي من المدينة عبر نهر قويق الذي يصل بين ضفتي المدينة يدعونهم من خلال نصوصها إلى السلام بعد أن تطوع طلاب المرحلة الثانية في التعليم الأساسي في مدارس حلب كتابة رسائل التضامن لسكان شرق حلب المحتجزين لدى المسلحين.