حمصي: ضبط حالات تعاطٍ للمخدرات في المدارس وبعض الجامعات.. ومعالجة شم «الشعلة» من مسؤولية «الشؤون الاجتماعية»
كشفت رئيس دائرة المخدرات بوزارة الصحة ماجدة حمصي عن ضبط حالات تعاطٍ للمخدرات في بعض مدارس ريف دمشق وبعض الجامعات، موضحة أنه وبالتعاون مع إدارة المدارس والجامعات ومن خلال الطلاب جرى الوصول للمورّد الأساسي للمادة.
وبينت حمصي في حديث خاص مع «الوطن» وجود شائعات عن بدء انتشار ظاهرة شم مادة «الشعلة» في المدارس، موضحةً أن الموضوع لا يزال في طور الشائعات ولم يؤكد بعد؛ نظراً لأن المديرين والمعلمين داخل المدارس لم يرصدوا أي حالة بعد، مضيفةً: هذا ما يستلزم جهوداً للتوعية من وزارة التربية، مشيرةً إلى أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة مسبقاً في المجتمع السوري ولم تسترع الانتباه، لكنها الآن انتشرت بكثرة وتفاقمت بسبب الظروف.
وأوضحت أن مشغلي الأطفال بالتسول يستخدمون المادة لإجبار الأطفال على العمل والعودة للمشغل من أجل الحصول عليها؛ كونها تعطي نفس مفعول المخدر، محملة مسؤولية معالجة الظاهرة لوزارة الشؤون الاجتماعية كونها ترتبط بشكل أساسي بظاهرة التسول، مشيرةً إلى وجود مراكز تأهيل اجتماعية تابعة لوزارة الشؤون، على حين أن بعض الحالات التي تحتاج لعلاج بروتوكولي يمكن تحويلها لوزارة الصحة من خلال مشفى ابن رشد في دمشق ومشفى ابن خلدون في حلب للتكفل بمعالجتها، لافتةً إلى عدم تحويل أي حالة على وزارة الصحة، مضيفةً: نشهد لبعض الوقت انخفاضاً بحالات التسول لكنها تعاود الظهور مرة أخرى بشكل كبير.
وبينت حمصي أن العلاج في حال حصول أذية من الممكن أن يكون علاجاً نفسياً أو علاجاً عضوياً حسب الحالة، موضحةً أن الطفل الذي يشم المادة بكميات كبيرة من الممكن أن يحصل لديه تخرب بالدماغ أو أمراض صدرية أو التهاب بالرئة أو التهاب بالجلد وأمراض مزمنة أخرى، مؤكدةً احتمالية وقوع حالات وفاة مفاجئة لاستنشاق كمية كبيرة منها، لكن لم يعلن عنها كون هؤلاء الأطفال مشردين.
ولفتت حمصي إلى أن من يعلم الأطفال على شم الشعلة حتماً يريد جرهم لتعاطي مواد مخدرة أكثر، موضحةً أنه من الممكن ألا يصل الأطفال لهذه الحالة لتعرضهم للوفاة المبكرة جراء شم المادة، مشيرةً إلى أن الحشيش هو من المواد الأخرى التي انتشر تعاطيها بشكل كبير مؤخراً، لافتةً إلى التحضير لمشروع «حمايتي» التوعوي، الذي يتضمن برامج عدة تدور حول موضوع التوعية بالمواد المخدرة.
وكشفت حمصي عن توقيع مذكرة تفاهم مع جمعية نور للإغاثة والتنمية لإنشاء مركز تأهيل ما بعد الإدمان بتكلفة تصل لمئات الملايين في دمشق؛ كونها شهدت نزوحاً كبيراً من المدن الأخرى إليها، مشيرةً إلى أنه بعد نجاح التجربة من الممكن تعميمها على بقية المحافظات.
بدوره كشف مدير مركز فاقدي الرعاية التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمد عودة عن معالجة المركز لـ57 حالة من الأطفال الذين كانوا يشمون مادة «الشعلة» منذ بداية عام 2016 وحتى الآن، منهم ما يقارب 35 حالة ما زالت إلى الآن بحالة استقرار.
وبيّن عودة في حديثه مع «الوطن» أن بعض هذه الحالات تم إعادتها لأسرتها على حين أن حالات أخرى لا زالت في المركز، مشيراً إلى تعرض 12 حالة لانتكاسات لكن ليس بالمستوى السابق، مؤكداً إخفاق المركز بمعالجة 8 حالات؛ كونها كانت حالات صعبة وبحاجة إلى مصح، وبالمقابل فالمركز ليس سجناً ولا يمتلك كادراً طبياً متكاملاً للتعامل مع هذه الحالات، إلا أن بعضها أعطى جدوى ولكن بنتيجة جزئية كانخفاض نسبة التعاطي ولكن التعاطي لا زال موجوداً، مؤكداً خروج الحالات الثماني من المركز، مضيفاً: هناك ضعف في التشبيك والتواصل وضعف في دور وزارة الصحة وبعض المراكز الأخرى.
وأوضح مدير المركز أن وزارة الصحة ليس لديها الفريق المتخصص بمعالجة إدمان الشعلة للأطفال وبالتالي لن يكون لكوادرها القدرة على بناء الثقة مع الطفل للوصول لمرحلة الإرادة وتقبل العلاج، مشيراً إلى أنه حتى بيئة العلاج غير آمنة؛ فلا يمكن وضع طفل عمره عشر سنوات يعاني من إدمان على مادة «الشعلة» مع رجل مدمن بعمر الثلاثين على مواد أخرى على سبيل المثال كونه يمثل خطر التعرض لجماعة أقران أكبر منه.
وبين عودة أن 12 طفلاً داخل المركز عولجوا من الإدمان وحالياً تتابع حالتهم، مؤكداً عدم وجود أي أي حالة انتكاس داخل المركز، مشيراً إلى أنه لا يوجد جهة لتحويل هؤلاء الأطفال إليهم لتوفير بيئة آمنة لهم ومنع عودتهم للتعاطي.
وكشف عودة عن وجود خطة لتوسيع المركز ليستقبل 100 طفل في بداية الشهر القادم والعمل بشكل أكبر على استقدام المعالجين النفسيين لرفع نوعية العمل المقدم للأطفال، مؤكداً عدم ورود أي معلومات عن حالات وفاة بشم مادة «الشعلة» إلا أن بعض الحالات بعد إجراء تحاليل لها تبين إصابتها بنوع من التسمم إلى جانب إصابة حالتين بانحراف وظيفي في البصر غير قابل للعلاج.
بدوره أكد مدير الحالة في المركز حسين الفهد لـ«الوطن» تقديم طلب لوزارة الصحة لاستضافة بعض الحالات ومعالجتها من قبل مراكزها، لكن الوزارة اشترطت الموافقة مقابل تحمل الجمعية الأعباء والتكاليف، موضحاً أن تقديم طلب لمشفى ابن رشد يتطلب الكثير من الأوراق الرسمية وقد ينتهي الطلب بعدم الموافقة.
وبين الفهد أنه هناك بعض الحالات التي وصلت لمستوى جيد بعد العلاج واكتملت خطتها العلاجية لكن لا يمكن التصرف بها أو دمج شخص متعاطٍ مع شخص سليم؛ لأن توافر البيئة السيئة سيؤدي إلى الانتكاس حتماً، مشيراً إلى وجود مطالبات لوزارة الصحة بتأهيل بعض الأشخاص القائمين على هذا المشروع ولو بشكل جزئي وبسيط وتدريبهم على آلية التعامل مع الأطفال وتخصيص طبيب مختص لعمل زيارات ميدانية لمراكز الرعاية، لافتاً إلى أن أحد الخيارات الذي كان يطرح في المعالجة أن يقدم المركز مادة «الشعلة» ثم سحب المادة بشكل تدريجي، إلا أن هذا غير ممكن لأن ذلك يحتاج طبيباً للتعامل مع هذا الموضوع.
وأوضح الفهد أن معالجة الطفل من تعاطي المادة تحت عمر العشر سنوات يكون أسهل؛ نظراً لأن الفترة التي قضاها في مرحلة التعاطي لم تكون طويلة، وبالتالي العلاج يكون معرفياً سلوكياً لتعديل التشوهات المعرفية الموجودة لدى الأطفال، على حين أن معالجة الحالات التي قضت فترة طويلة في التعاطي كالأطفال من عمر 13 أو 14 عاماً العلاج يكون بحسب كل حالة، إذ يقسم العلاج لمراحل تخضع لفترات حسب الكمية وتكرار تعاطيها بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري، مبيناً أن الحالة تعرض على طبيب نفسي فإذا كان هناك تعاطٍ بشكل يومي يكون هناك استثارات عصبية لها تأثير على عمل الدماغ وتؤدي لردود فعل عنيفة، مشيراً إلى أنه خلال فترة العلاج الدوائي من مضادات الإدمان وغيرها يكون هناك رقابة شديدة على الحالة لفترة 21 يوماً للتأكد من عدم حصول الطفل على المادة، وبعد فترة يخفف العلاج بشكل تدريجي وبعد حالة الاستقرار تدخل مرحلة العلاج بالتوعية.
وأكد الفهد أن بعض الحالات كانت تتعاطى بشكل يومي ما يقارب 15 عصارة من المادة، موضحاً أن للمادة نوعين من اللون الأزرق واللون الأصفر، مبيناً وجود إجماع بين الأطفال المتعاطين أن النوع الأزرق أكثر فعالية، مشيراً إلى أنه وبعد فترة أصبح بيع المادة يحصل بكميات كبيرة تصل للكيلو وتحصل عليها محال كمحلات إصلاح الأحذية التي تشتريها بكميات كبيرة وتبيعها بالكيلو ما أدى إلى سهولة الحصول عليها وتحول الموضوع لإدمان.
وبين الفهد أنه وحسب تصنيفات منظمة الصحة العالمية تعاطي مادة «الشعلة» نوع من أنواع الإدمان، مشيراً إلى أن الظاهرة ليست جديدة وكانت موجودة قبل الأزمة لكن بنسب قليلة وبشكل مخفي ولم يسلط الضوء عليها، موضحاً أن تفاقم الظاهرة جاء نتيجة سنوات الحرب وفقدان المعيل والرعاية الأسرية وظاهرة الاستغلال من قبل بائع المادة إلى جانب ضعف الرقابة بسن قوانين تحكم آلية التعاطي بهذه المادة؛ فهي صناعية لكن لها نتائج سيئة على شريحة غاية في الأهمية وهي الأطفال واليافعون.
هذا والتقت «الوطن» بعض حالات الأطفال التي عولجت من الإدمان داخل المركز، إذ أشار أحدهم إلى أنه وبعد فترة من التعاطي أصبح لديه قدرة على تعاطي طرد كامل من المادة يعادل 24 عصارة في يوم واحد، ومن ناحية الحصول عليها أكد سهولة تأمينها من خلال أصدقائه وشرائها بسهولة بسعر لا يتجاوز 300 ليرة مقابل العصارة الواحدة.
راما محمد