المقالات المترجمة

دراسة أمريكية حديثة: هل يمكن أن ينجو «داعش» مالياً؟

نشر الموقع الاكتروني الأمريكي «Lawfare» دراسة تحليلية بناءاً على تقارير مسربة تناولت واقع تمويل «داعش» الإرهابي ومستقبله بعد التطورات الأخيرة على الساحتين العراقية والسورية، بعنوان (هل يمكن أن تنجو «داعش» مالياً؟) نفّذها كل من باتريك جونستون، وهو باحث سياسي في مؤسسة راند غير الربحية غير الحزبية، وكولين كلارك، باحث سياسي في مؤسسة راند وزميل مشارك في المركز الدولي لمكافحة الإرهاب – لاهاي.
وبحسب الدراسة، فإن سيطرت «داعش» على الأراضي والمقاتلين المتحمسين قادته إلى مرتبة أكبر الجماعات الإرهابية في العالم «ولعل أقل ما لوحظ، ولكنه مهم جدا لنجاح المجموعة، هو مواردها المالية، والمكتسبة من سيطرتها على الأراضي في العراق وسورية». ومع أن «داعش» يفقد الأرض في كلا البلدين، فإن مستقبله المالي أيضاً يتغير.
وتتابع الدراسة «أدى فقدان الأراضي والسيطرة المباشرة على سكان الحضر إلى تقلص القاعدة الضريبية وخفض فرص الابتزاز التي أدت أيضا إلى إضعاف «داعش» مالياً. وتقول التقارير التي تم تسريبها من الموصل في كانون الثاني أنها قد تتوقف عن دفع مرتبات مقاتليها تماماً، مما يحد من الروح المعنوية ويؤدي إلى الفرار من الخدمة. ومع ضيق الموارد المالية، فإن قيادة “داعش” تراقب عن كثب استخدام المرافق في أجزاء من غرب وشمال العراق».
وتشير الدراسة إلى أنه مع ضيق الموارد المالية، فإن قيادة «داعش» تراقب عن كثب استخدام المرافق في أجزاء من غرب وشمال العراق.
ولفت معدا الدراسة إلى أنهما شاركا في حزيران الماضي (2016) في فريق بحث عقد ورشة عمل في مؤسسة «راند» للنظر في المسارات المالية المحتملة لـ«داعش»على المدى القصير والمتوسط ومناقشة الآثار المترتبة على السياسات، وقد جمعت سياسيين واقتصاديين ومحللين للسياسات ومسؤولين سابقين في الجيش والمخابرات على مدى عقود من الخبرة في دراسة الإرهاب ومكافحة الإرهاب والتمرد وتمويل التهديد، وقد أسهمت النتائج في تقييم كيف يمكن أن تؤثر عدة سيناريوهات محتملة في العراق وسورية على تمويل «داعش» وعملياتها واستدامتها على مدى الستة إلى 18 شهرا القادمة.
وبحسب الدراسة، يتمثل السيناريو الأول الممكن بالحفاظ على الوضع الراهن، مما يعني الاستمرار في الضغط على «داعش» في مناطق سورية والعراق، «إذ إن إخراجها من الرقة، في سورية، سوف يكون أكثر صعوبة من تحرير الموصل. وفي هذا السيناريو، سوف يتسبب استمرار الغارات الجوية في تدهور عائدات «داعش» النفطية، ويمكن أن تستمر المجموعة في تحقيق عائدات نفطية كبيرة والاحتفاظ بقدرتها على استخراج الإيرادات من خلال الابتزاز والضرائب في المناطق التي سوف يواصل السيطرة عليها. هذه هي العوامل الرئيسة في خطة المجموعة المعلن عنها للعودة إلى دير الزور، إذا لم يتمكنوا من التمسك بالرقة».
وتضيف الدراسة بأن استمرار الوصول إلى طرق التهريب في المنطقة التي تسيطر عليها «داعش» سوف تمكنه من الاحتفاظ بالقدرات اللازمة للقيام بهجمات واسعة النطاق محليا وعالميا. وهذا يعني أنه في ظل السيناريو الأول، فإن التهديد الذي تشكله «داعش» سوف يبقى إلى حد كبير نوع من الهجمات، واستخدام القناصة والكمائن وموجات الاغتيالات، إذ تفاقمت الهجمات الانتحارية بسبب التصنيع شبه الصناعي للأجهزة المتفجرة المرتجلة التي تنقلها المركبات في العراق وسورية.
أما السيناريو الثاني المحتمل، فيمكن أن ينطوي على تسوية تفاوضية في سورية والتحرك نحو المصالحة السياسية في العراق. علماً بأنه حتى مع وقف إطلاق النار، فمن المرجح أن تستمر «داعش» في السيطرة على جيوب من الأراضي في أنحاء وسط وشرق سورية «ولكنها سوف تكون أكثر عزلة وأكثر ضعفا مما هي عليه اليوم».. ويمكن أن يعني السيناريو الثاني أن «داعش» سوف تضطر إلى إنفاق المزيد من وقتها وطاقتها على الأمن التشغيلي، مما يتركها أقل مرونة فيما يتعلق بتخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية المحلية.
وأضات الدراسة «كما إن الكيانات التي تقوم بمهام مكافحة الإرهاب في سورية، ليس فقط الولايات المتحدة ولكن أيضا نظام الأسد وروسيا وتركيا وغيرها، سوف يكون لها عدد أقل من الأعداء الذين يشعرونهم بالقلق، لذا يمكن أن يعززوا القوة النارية ضد “داعش” ومؤيديها، مع قدرة كبيرة على المناورة».
هناك سيناريو محتمل ثالث، يدرس عواقب استراتيجية تعتمد حصرياً على العمل العسكري ضد «داعش»، وهذا العمل العسكري سوف يتطلب تصعيدا أكثر من الوضع القائم، ويشكل حجر الزاوية في نهج أكثر هجومية لمكافحته «ويمكن أن يشمل ذلك نشر أعداد كبيرة من القوات البرية في الولايات المتحدة، والعمل بأكثر من التدريب، وتقديم المشورة والمساعدة».
وفي هذا السيناريو، سوف يتم طرد «داعش» من الموصل والرقة، ولكن «نظام الأسد سوف يبقى في السلطة في سورية بسبب إعطاء التحالف الأولوية لمكافحة الإرهاب كهدف استراتيجي كبير في سورية». لكن سوف تبقى «داعش» قادرة على شن هجمات إرهابية رغم عجزها عن السيطرة على الأراضي. وبالإضافة إلى الاحتفاظ بالقدرة على شن الهجمات، يمكن أن يستخدم هذا الوقت للراحة، والتعافي، وإعادة التسلح، وهو ما ينتظره داعش أساساً، كفرصة لإنعاش تنظيمه واستعادة المناطق التي كان يسيطر عليها من قبل.
وتختم الدراسة بأنه رغم الجهود التي تبذل لتدمير مصادر أموال «داعش»، فمن المرجح أن تستمر في الحد من قدرته على التحكم في مساحات واسعة من الأراضي والمراكز السكانية الرئيسية مثل الموصل والرقة، ومن المرجح أن تظل تحتفظ بتمويل كاف للاستمرار لسنوات كتمرد في العراق وسورية، كما هو الحال مع حركة طالبان في أفغانستان ومختلف فروع تنظيم القاعدة في أماكن مثل شمال أفريقيا واليمن وأماكن أخرى، «ولدى السؤال عما هو المسار الذي من المرجح أن نشهده؟ يبدو أن مزيجاً من السيناريو الأول والثالث هو الأكثر احتمالاً».

الوطن اون لاين

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock