رسالة إلى نضال سيجري ..
أكتبُ إليك أيها الصديق الباقي أبداً في ذاكرة أزقة اللاذقية المعشقة برائحة شباك الصيد النهمة لمزيدٍ من الحب و الضحك معك…
أستذكرك اليوم, و أنت في مخيلتي ذاك العابث المبتسم على الدوام, الرافض للاستسلام حتى المنتهى, المُصر على أن يراك الجميع قوياً حتى اللحظات الأخيرة, عنيدٌ كالبحر, ذاك البحر الذي صنعت فيه فُلكك الخاص, و أبحرت من غير رجعة إلى ضيعتك الضايعة.
فلتعلم يا نضال أنك كنتَ ومازلت القطعة الأجمل في موزاييك الحياة و الموت الذي تمثله اللاذقية, أنتَ عصيٌ على النسيان يا “صاحبي” , كل الأشياء مجتمعة ترفضُ المثول لزوالك, الجميع يريدُ سيجارةً أخرى معك, جولةً أخرى من الكؤوس, جولةً أخرى من الحنين, جولةً أخرى من الذكريات…
صدق أو لا تصدق يا “شريك” منذ ذاك الرحيل القاسي, و أنا أشاهد (ضيعة ضايعة) في العام الواحد مرتين أو ثلاث مرات, و في كل مرة أجد نفسي ضعيفاً مجهشاً في البكاء أمام الكثير من المشاهد التي كنت تؤديها يا ( ابن جيغة خرشوف).
سألني أحدهم ذات مرة و أنا أتابع إحدى الحلقات, لما كل هذا النكد و أنتا في حضرة الكوميديا, لم اُجِب, و لكن نعم هي حسرتي يا نضال.
أيُ اتفاقٍ قد عقدت مع الجمال…. أستطيع أن أجزم بأنك الرابح الوحيد في هذا الرحلة, فقد أخذتَ معك في “الفلوكة” كل الأشياء الجميلة, تاركاً وراءك كل القبح الذي لا تستحقه روحك الطاهرة و قلبك الكبير.
يصعب علي أن أذكر الجميع هنا…. و لكن من الآخر الكل مشتاق, بالرغم من همومي الكثيرة صلاتي اليوم كانت لك و لك وحدك, لتجد ذلك السلام الذي كنت تنشده عندما كنت تنزل مسرعاً من العاصمة, حيث الضجيج و النفاق إلى اللاذقية, محظوظون هم أهل السماء بضيفهم الجديد.
نضال…لم أكتب مودعاً, لكن كتبت إليك لأقول لك كل عام و أنت بخير في مكانك الأفضل, في ذاكرتنا المهترئة, و في كل الأمور التي كنت تحب و تشتهي, و إلى أن نلتقي لا تمرح و تعبث كثيراً من دوننا أيها اللاذقاني الأصيل.
بقلم أمين عوض