سفير أرمينيا لـ«الوطن»: أعمال تركيا تهدد الأمن الإقليمي.. ونعدّ وثائق محاسبتها
اعتبر سفير أرمينيا في دمشق، تيكران كيفوركيان، أن الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها القوات المسلحة التركية تهدد بشكل خطير الأمن الإقليمي، وتعوق جهود المجتمع الدولي لوقف الأعمال العدائية، داعياً القوى الخارجية إلى الامتناع عن تصعيد الصراع.
وكشف السفير كيفوركيان في مقابلة خاصة مع «الوطن»، أن أرمينيا تعد الوثائق ذات الصلة لتقديمها إلى المحاكم الدولية، وقد تقدمت بالفعل بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بقصف «المستوطنات» السلمية الأرمينية وقتل سكانها.
السفير الأرميني أكد أن وجود الإرهابيين في أذربيجان هو حقيقة لا يمكن إنكارها، وبحسب مصادر مختلفة فإن عدد الإرهابيين يصل إلى الآلاف، وهذه العملية مستمرة منذ بداية الحرب وبلا توقف، لدرجة أنها لا تسمح بتقديم بيانات دقيقة عن عدد المرتزقة الذين قتلوا في ساحة المعركة، مبيناً أن أكثر من مئة شخص من هؤلاء المرتزقة قتلوا حتى اليوم.
وعبر كيفوركيان عن ثقته بأن المجتمع الدولي من «أصحاب المصلحة»، يفهمون الأهداف البعيدة المدى للتلازم الأذربيجاني التركي، لتحويل الحرب في «ناغورني قره باغ»، إلى صراع إقليمي، و«قره باغ» تحارب اليوم الإرهاب المتمثل بالتلازم الأذربيجاني التركي.
سفير أرمينا في دمشق أكد أن بلاده تشعر بدعم الشعب السوري الصريح والكامل، وغير المشروط للشعب الأرميني ولأرمينيا، مذكراً بتصريحات الرئيس بشار الأسد، التي أكد فيها أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هو وراء التصعيد الحالي في «قره باغ»، وهو المؤجج والمحرض الرئيسي على الصراع الأخير بين أرمينيا وأذربيجان.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
* بداية كيف تقيّمون الوضع العسكري الحاصل في إقليم ناغروني قره باغ، والتدخل التركي العسكري المعلن في هذه الحرب؟
كما تعلمون، في وقت مبكر من صباح يوم 27 أيلول الماضي، شن الجيش الأذربيجاني، الذي تلقى دعماً عسكرياً تركياً، بما في ذلك الإرهابيون المرتزقة، هجوماً واسع النطاق على طول حدود «ناغورني قره باغ»، مستهدفاً المستوطنات والمناطق السكنية السلمية، بما في ذلك العاصمة ستيباناكيرت، وعدد من المستوطنات الأخرى.
تدين أرمينيا بشدة الاعتداء غير المسبوق للقيادة العسكرية – السياسية لأذربيجان على «ناغورني قره باغ»، وتؤكد أنها ستقوم بكل ما في وسعها لضمان أمن شعب «قره باغ»، لإعطاء رد سياسي وعسكري مناسب، وهي تحمل القيادة العسكرية السياسية لأذربيجان المسؤولية الكاملة عن «العدوان» الحاصل اليوم.
إن البيانات التي أدلى بها المجتمع الدولي، بما في ذلك الرؤساء المشاركون لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ورؤساؤهم، بشأن شن حرب شاملة على طول خط التماس بين أذربيجان و«قره باغ»، تُظهر بشكل قاطع أن المجتمع الدولي يدين استخدام القوة بما يهدد السلام والأمن الإقليميين.
ورداً على وحدة موقف المجتمع الدولي هذا، لجأ الجانب الأذربيجاني إلى التزوير العلني للحقائق، متهماً الجانب الأرميني بإطلاق العنان بشن الأعمال العدائية.
هناك حقائق واضحة لا يمكن إنكارها بأن أذربيجان هي من بادرت بالعدوان، وما يؤكد ذلك رفض أذربيجان في 25 أيلول الماضي طلب الممثل الشخصي لرئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمراقبة خط التماس، وهذا يدل بوضوح على أن هدف أذربيجان كان إخفاء خططها لبدء الحرب.
ولا ننسى أن تركيا دعمت أذربيجان من دون قيود أو شروط في إطار نزاع «قره باغ» منذ التسعينيات من القرن الماضي، عندما فرضت حصاراً برياً على جمهورية أرمينيا، لكن دعم تركيا لهذا العدوان شهد تغيرات نوعية تميزت بالوجود التركي المباشر في ساحة القتال.
وهنا أود أن أؤكد أن «العدوان» الأذربيجاني الحالي على «قره باغ» يتميز بسمتين مهمتين:
على مستوى الرئيس الأذربيجاني علييف، هناك رفض علني لعملية السلام وتأكيد أن حل نزاع «قره باغ»، سيتم من خلال حرب واسعة النطاق.
ولتحقيق هذا الهدف، تتلقى أذربيجان دعماً عسكرياً وسياسياً واسع النطاق من تركيا، حيث يقاتل عسكريون أتراك جنباً إلى جنب مع أذربيجان، مستخدمين أسلحة تركية الصنع بما في ذلك طائرات من دون طيار وطائرات حربية، كما جندت تركيا عدداً كبيراً من الإرهابيين ونقلتهم إلى أذربيجان للمشاركة في الحرب، وفي الوقت نفسه، تقدم تركيا الدعم السياسي والدعاية الكاملة لأذربيجان على أعلى مستوى.
وكان لافتة هذه الإدانة الدولية لقيام تركيا بإرسال مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب الجيش الأذربيجاني في قره باغ.
* كيف تنظرون لهذا الفعل التركي.. وهل لديكم إحصائيات بأعداد هؤلاء المرتزقة وأعداد الذين سقطوا منهم خلال المعارك؟
لا يوجد شك لدى المجتمع الدولي أن تركيا جندت إرهابيين أجانب من سورية وليبيا لنقلهم إلى أذربيجان، وهم يقاتلون حالياً ضد الجيش الأرميني في «قره باغ»، وأدلى مسؤولون رفيعو المستوى من فرنسا وروسيا
والولايات المتحدة بتصريحات حول وجود إرهابيين يحاربون إلى جانب أذربيجان، وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان له أن تركيا جندت ونقلت 300 مرتزق من السوريين إلى أذربيجان.
المواقع الإلكترونية مليئة بمقاطع فيديو لإرهابيين مشاركين في حرب «قره باغ»، كما التقطت القوات الخاصة الأرمينية مراسلات عسكرية باللغة العربية للإرهابيين على طول الجبهة وقدمتها إلى المجتمع الدولي.
لذلك فإن وجود الإرهابيين في أذربيجان هو حقيقة لا يمكن إنكارها، وبحسب مصادر مختلفة فإن عدد الإرهابيين يصل إلى عدة آلاف، وهذه العملية مستمرة منذ بداية الحرب وبلا توقف، لدرجة أنها لا تسمح بتقديم بيانات دقيقة عن عدد المرتزقة الذين قتلوا في ساحة المعركة، لكن يمكننا التأكيد أن أكثر من مئة شخص من هؤلاء المرتزقة قتلوا حتى اليوم.
* هل تفكرون بطريقة لمحاسبة تركيا على إرسالها مرتزقة إرهابيين بما يخالف قواعد القانون الدولي؟
في 29 أيلول الماضي، أسقطت طائرة تركية من طراز F-16، طائرة من طراز Su-25 تابع لسلاح الجو الأرميني على أراضي جمهورية أرمينيا، ونتيجة ذلك استشهد الرائد فاليري دانلين قائد القوات المسلحة لجمهورية أرمينيا.
هذا ليس الاستفزاز الأول من السلاح الجوي التركي، فمنذ وصولها إلى أذربيجان قامت القوات الجوية التركية برحلات استفزازية على طول خط التماس بين «قره باغ» وأذربيجان، وخلال العدوان الذي شنته أذربيجان كانت تقدم الدعم الجوي للوحدات المسلحة المهاجمة للجيش الأذربيجاني، بما في ذلك من خلال العديد من طائرات ATS.
ولابد هنا من الإشارة إلى أن الرحلات الجوية التركية الاستفزازية تجري أيضاً على طول الحدود الأرمينية التركية، وفي بعض الحالات تعبر وتنتهك المجال الجوي لأرمينيا، وعلى سبيل المثال، خرقت طائرة تركية من طراز F-16 الحدود الجوية الأرمينية في الـ27 من أيلول الفائت، وأطلقت صواريخ باتجاه منطقة فاردينيس ما أدى إلى ضحايا من المدنيين.
ومن المعلوم أن القوات الجوية التركية وصلت إلى أذربيجان خلال مناورة عسكرية تركية أذربيجانية واسعة النطاق، في الفترة ما بين 29 تموز إلى 13 آب ولم يتم سحبها من أذربيجان إلى اليوم.
إن هذه الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها القوات المسلحة التركية تهدد بشكل خطير الأمن الإقليمي وتعوق جهود المجتمع الدولي لوقف الأعمال العدائية، حيث دعا المجتمع الدولي القوى الخارجية إلى الامتناع عن تصعيد الصراع.
والآن أرمينيا تعد الوثائق ذات الصلة لتقديمها إلى المحاكم الدولية، وهي تقدمت بالفعل بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بقصف المستوطنات السلمية الأرمينية وقتل سكانها.
* كيف تنظر أرمينيا للحل في قره باغ، هل هناك خشية من تدهور الوضع لحرب واسعة، وأريد التساؤل عن الخيار الذي طرحة رئيس الوزراء الأرميني بخصوص مناقشة نشر قوات سلام روسية في الإقليم؟
الشعب الأرميني يقاوم في «قره باغ» وأرمينيا، الهجوم الإرهابي الأذربيجاني- التركي، وحجم الهجوم لم يسبق له مثيل، فـ«العدو» يهاجم على نطاق واسع، ووفقاً للخبراء العسكريين لم يحدث في القرن الحادي والعشرين في أي مكان في العالم مثل حجم هذا الصراع، حيث يهاجم عدد كبير من جنود «العدو» موقعاً قتالياً واحداً على طول الجبهة، وتتكرر الهجمات عدة مرات في اليوم، مصحوبة بدعم بالصواريخ والمدفعية التقليدية والمدرعات والطائرات من دون طيار، وإضافة إلى وحدات الجيش الأذربيجاني والمرتزقة والإرهابيين السوريين، تشارك القوات الخاصة التابعة للجيش التركي في الهجمات.
إن الجيش الأرميني يقاتل حتى الموت على أرض «قره باغ»، واليوم هناك المئات من المركبات المدرعة المدمرة لـ«العدو»، في ساحة المعركة وعشرات الطائرات والمروحيات ومئات الطائرات من دون طيار وخسارة قوات العدو تتجاوز عدة آلاف، حيث تخاض المعارك في ظل قوانين الحرب القاسية، ولسوء الحظ فقد الجانب الأرمني خسائر في المعدات البشرية والعسكرية، لكن إرادة الشعب الأرميني لا تكسر والقوات الأرمينية تسيطر على الوضع.
نحن واثقون من أن المجتمع الدولي «أصحاب المصلحة» يفهمون الأهداف البعيدة المدى للتلازم الأذربيجاني التركي، لتحويل الحرب في «ناغورني قره باغ»، إلى صراع إقليمي، ويجب أن أؤكد أن «قره باغ» تحارب اليوم الإرهاب المتمثل بالتلازم الأذربيجاني التركي.
أما بالنسبة لنشر قوات حفظ السلام، فيمكن مناقشة هذه القضايا في سياق أوسع ضمن إطار الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
* كيف تنظرون لردود فعل الشارع السوري تجاه ما يجري في قره باغ، تبدو سورية وأرمينيا بمواجهة عدو واحد وأقصد الجانب التركي والإرهابيين المرتزقة؟
نحن نشعر هنا بدعم الشعب السوري الصريح والكامل وغير المشروط للشعب الأرميني ولأرمينيا. وفي هذا الصدد أريد أن أذكر بتصريح رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد، بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
هو وراء التصعيد الحالي لنزاع قره باغ، وهو المؤجج والمحرض الرئيسي على الصراع الأخير بين أرمينيا وأذربيجان، كما دعت الخارجية السورية في بيان لها إلى وقف الأعمال العدائية، وأدانت تورط تركيا المباشر في الأعمال العدائية ودورها في تهديد أمن المنطقة.
سيلفا رزوق- «الوطن»