اقتصاد

هل سندات وأذونات الخزينة هي الحلّ؟ … موصلي لـ«الوطن»: الصكوك الإسلامية أفضل لتمويل المشاريع والأذونات لمدة سنة لتمويل الإنفاق العام بفائدة 15بالمئة

بعد مطالبات عديدة من الخبراء الاقتصاديين في سورية بتفعيل سندات الدين العام، لجهة المساهمة في ضبط سعر الصرف، وتقليص مستويات التمويل بالعجز وطباعة الأوراق النقدية، وتوسيع مروحة الأدوات النقدية لدى المصرف المركزي، قرّر مجلس الوزراء تمويل المشاريع الاستثمارية والتنموية التابعة للجهات العامة عن طريق طرح «سندات وأذونات خزينة عامة”، بفائدة محددة، لتمويل مشاريع ذات جدوى اقتصادية مدروسة وفق آلية محددة بين الجهة المستفيدة وهيئة تخطيط الدولة ووزارة المالية.
من الجدير ذكره أن موضوع طرح سندات وأذونات الخزينة ليس وليد ظروف الحرب، بل يعود الاهتمام به إلى العام 2006، وكثيرون يعتبرون وزير المالية محمد الحسين عرّاب القصة، ونفّذ أول مزاد في نهاية العام 2010، وتكررت التجربة عام 2011، ثم توقفت.
أما وقد استفاقت الحكومة على أهمية تلك الخطوة لتطبيقها في 2020، فمن الضروري تسليط الضوء على بعض النقاط التي تفيد في تطبيق فعّال للتجربة، لتجاوز بعض السلبيات قبل أن تقع.
فضّل الأكاديمي المتخصص في الأسواق المالية الدكتور سليمان موصلي توجّه الحكومة لتفعيل وطرح صكوك إسلامية، في حال كان الهدف تمويل المشروعات الاستثمارية، وذلك عوضاً عن طرح سندات وأذونات خزينة، نظراً لأنه ما من أداة رقابية يمكنها تتبع مجريات تمويل المشاريع عبر السندات والأذونات، بعكس الصكوك، التي تصدّر لتمويل مشروع محدّد سلفاً.
وفي تصريح لـ«الوطن» بين الموصلي أن إصدار سندات وأذونات خزينة يقتضي دفع معدل فائدة ثابت، بينما ترتبط الفائدة في الصكوك بمفهوم الربح، ولا يوزع الربح على حملة الصكوك إلا إذا تحقق فعلاً، وهذا يضمن جدوى حقيقية للمشروع المراد تمويله، وبالتالي فإن مخاطر الصكوك أقل من السندات والأذونات.
ولم يلغ الموصلي أهمية إصدار السندات والأذونات، لجهة تفعيل عمليات السوق المفتوحة لدى السلطات النقدية، وتنويع الأدوات المالية، منوهاً بأن الأفضل استخدامها لتمويل الإنفاق العام، في حال كان الهدف سحب السيولة، وذلك بدلاً من التمويل بالعجز، وما يرافقه من تضخم، وهنا من المفيد التركيز على إصدار أذونات خزينة لكون آجالها قصيرة، ولمدة سنة وأقل، وبإصدار تجريبي مبدئياً بمبلغ نحو ملياري ليرة، وبمعدل فائدة نحو 15بالمئة، بشرط أن تطرح للجمهور بشكل عام، لمعرفة كيفية تعامل السوق معها.
ورأى أنه مع معدل فائدة ثابت 15بالمئة مثلاً، يمكن أن يقوم البعض بشراء الأذونات، وسط تقلبات سعر الصرف، أما طرح سندات لفترات طويلة، تزيد على 3 سنوات، فلن يكون المشترون سوى المصارف الحكومية، وهنا يمكن الحديث عن أدوات أخرى غير الأذونات والسندات في حال كانت العلاقة بين المصرف المركزي والمصارف العامة فقط، مستبعداً أن يخاطر مستثمر أو بنك خاص بإيداع مبالغ لفترات طويلة بسعر فائدة 15بالمئة، كما أنه من غير المنطقي طرح فائدة بنحو 40بالمئة لجذب زبائن للسندات ذات الآجال الطويلة.

15بالمئة لسنتين
من جهته، رأى خبير نقدي، مطّلع على السياسة النقدية، أنه في ظل النقص الكبير في الإيرادات العامة للدولة، والحاجة المتزايدة لمصادر تمويل لإعادة البناء، وبنفس الوقت السيولة الكبيرة في المصارف وعدم وجود منافذ استثمارية، تظهر فكرة إصدار سندات وأذونات الخزينة كحلّ يمكننا به توظيف تلك السيولة في حلّ مشكلة العجز الكبير في الموازنة، بشكل لا يكلف الاقتصاد المزيد من التضخم، منوهاً بأنه ضمن معدل التضخم المرتفع سيكون تحديد الفائدة على تلك السندات والأذونات ضمن مستوى عالٍ نسبياً، فيمكن مبدئياً إصدار سندات طويلة الأجل (أكثر من خمس سنوات) تذهب لوزارة المالية لسدّ العجز وتستخدم لأهداف خاصة بإعادة الأعمار، وتتمتع بمزايا خاصة كالإعفاء من الضرائب والرسوم.
واقترح إصدار سندات حكومية بمعدل فائدة يتناسب مع آجال الاستحقاق بحيث لا يقل سعر الفائدة لسندات حكومية بأجل سنتين عن 15بالمئــة، وتفعيــل السوق المالي لتسهيل تداولها.
وبين أن هذا الأمر يفيد في تقييد السيولة النقدية (الكاش) وتخفيض عرضها وزيادة الطلب عليها، ما من شأنه إيقاف الارتفاع الحاصل في سعر الصرف وزيادة الطلب على الليرة السورية.

للجمهور وليس للمصارف
رأى رئيس قسم المصارف في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان أن طرح سندات وأذونات الخزينة يجب أن يكون للجمهور وليس للمصارف حتى لا تكون هذه السندات وعمل المصرف المركزي مشابهاً أو منافساً لعمل المصارف التي تمثل بحد ذاتها مؤسسات اقتصادية ولديها سياسات عمل وتوظيف، ولا داعي لتشغيل ودائعها عوضاً عنها.
والأفضل من ذلك أن توجه هذه السندات والأذونات للجمهور وسحب السيولة من الناس والأفراد الذين عادة لا يودعون أموالهم في القطاع المصرفي لتصب في الخزينة، ومن ثم إعادة توظيفها وتوجيهها نحو المشروعات الاستثمارية ذات الأولوية والأكثر حيوية.
ولابد من منح فائدة مجزية ومنافسة للفوائد التي تمنحها المصارف لجذب السيولة نحو هذه السندات، مقدراً أن يكون سعر الفائدة حالياً نحو 14بالمئة، وخاصة أن السندات عادة ما تكون طويلة الأجل.
وحول توجيه هذه السندات والأذونات لتمويل مشروعات القطاع العام، بين كنعان أنه سيكون هناك مشكلة في السداد لأن معظم هذه الاستثمارات غير ربحية أو محدودة الربحية.
وبالتالي سيكون هناك صعوبة في تحقيق أرباح موازية أو معادلة لسعر الفائدة الذي يرافق سندات الخزينة.

علي نزار الآغا – عبد الهادي شباط

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock