“عصر البراكيات” الذي ولّى في حلب
ليس شططاً أو غلواً في تسمية المصطلحات أن نطلق على فترة زمنية في حلب بـ “عصر البراكيات”، وهي فترة العقود الثلاثة الأخيرة التي انتعشت فيها المهنة وخصوصاً زمن الحرب التي وضعت أوزارها في حلب واستدعت اتخاذ قرار جريء بالقضاء على الظاهرة التي طالما أرقت الأهالي وتسببت لهم بكرب مزمن.
استمرار المشكلة غير الحضارية لم يكن قط، كما يدعي بعضهم، نتيجة لعدم توفير أماكن بديلة في السابق “بل بسبب سطوة أصحاب البراكيات واقتناص المتنفذين على حصة لا بأس بها منها ثم دخول المتضررين من أبناء المدينة، وهم بطبيعة الحال ذوي سلطة ونفوذ، على الخط للحصول على ترخيص إشغال مؤقت لبراكيات توزعت على أحياء المدينة الراقية كالموكامبو وشارع النيل والفرقان وحلب الجديدة”، بحسب قول أحد سكان حي الموكامبو لـ “الوطن أون لاين”، والذي أشار إلى شكاوي عديدة قدمها بحق جاره صاحب البراكية لكن لم يستجب أحد لها.
والحال أن محافظ حلب حسين دياب لعب دوراً كبيراً في وضع حد للظاهرة، التي تميز حلب عن غيرها من أخواتها السوريات بدليل وجود أكثر من 4600 براكية منتشرة كالسرطان في شوارع المدينة وجسمها، بدليل متابعته المستمرة للأمر والدفع باتجاه توفير مجلس المدينة 11 ساحة في الأحياء المختلفة لنقل البراكيات إليها والقضاء على حجة وذريعة أصحاب النفوذ من أصحابها.
ويمكن تأريخ اليوم السبت 1 تموز بداية لحقبة جديدة ستخلو فيها شوارع حلب من غير رجعة، إذا ما استمرت السلطة التنفيذية على قوتها، بعد أن انتهت مهلة السماح للبراكيات للبقاء في شوارع المدينة بشكل عشوائي والبدء بتفكيكها لنقلها إلى مطارحها الجديدة التي روعي فيها أن تشمل 6 أحياء في الأحياء الشرقية المطهرة للمدينة لتوفير فرص عمل للسكان الذين ازدادت أعداد العائدين منهم إليها وخلق حركة تجارية نشطة فيها.
ولاحظ “الوطن أون لاين” جهود لافتة بذلها القائمون على البراكيات لتفكيكها ونقلها إلى الأماكن البديلة المخصصة والتي جهزت بنيتها التحتية لاستقبالها إلا أن على مجلس المدينة أن يلحظ أن الكثير من أصحابها أزلوا البراكيات واستأثروا بأرضها كبسطة تحل محالها لتصريف معروضاتهم فيها، أي ظلت المشكلة قائمة بتوسيع رقعة عمل إشغال الأرصفة لكن عن طريق البسطات هذه المرة.
واللافت أيضاً أن أصحاب بعض البراكيات حققوا أرباح كبيرة جداً من ريعها “حيث اضطر صاحب براكية يبيع الخضار والفواكه في الفرقان إلى استئجار محل تجاري مجاور بقيمة 2 ملايين ليرة سورية سنوياً كي لا يغادر الحي بينما فضل صاحب براكية يحتل صاحبها بالقرب منها مساحة كبيرة من الرصيف لذبح وبيع الخواريف في الحي ذاته عدم الاستحواذ على محل مرتفع الإيجار ما دام مطرحه سيظل ملكه وبلا تكاليف… وربما من دون رقابة”!، كما يقول أحد الأهالي لـ “الوطن أون لاين”.
حلب- الوطن أون لاين