منوعات

قصائد الهايكو….الهايكو العربي وتجربة سورية

يتساءل البعض عن قصائد الهايكو، ويقف من يقرؤها مليّاً أمامها رغم قصرها، فهي عميقة قويّة، ولا يحقّ لنا أن نقول إنها نوع سهل من الكتابة.
الهايكو نوع من الشعر الياباني، يحاول الشاعر من خلال ألفاظه البسيطة التعبير عن رؤاه ومشاعره، تتألف أشعار الهايكو من بيت واحد فقط، مكوّن من 17 مقطعاً صوتياً باليابانية وتكتب عادة من ثلاثة أسطر(خمسة، سبعة، خمسة).
وصل إلى اللغة العربية عن طريق ترجمة نصوصه عبر لغات وسيطة كالإنكليزية، وكان هذا حتى نهاية التسعينيات، كثير من النقّاد العرب لا يعترفون بالهايكو العربي كمدرسة شعريّة مستقلّة بل فرع من شعر النثر1.
الشاعر علي ديّوب يكتب الهايكو بطريقة عميقة وغنية بالدلالات وأختار لكم مما كتب:
يقلّم الزيتون
وأفكاري
أبي

مالح
أيها البحر
لكنّك حلو

في مشعل الفحم
نسمات الربيع
تنضج الجمر

في البراري
حيث أدوس
يبدأ درب جديد
ظلام دامس
أستهدي
بصديقي الأعمى
مع الشاعر علي ديوب كان لي هذا الحوار عن قصائد الهايكو، وعن تجربته الشعرية:
ما جوهر فكرة الهايكو؟
جوهرها اللحظة الجمالية أي لحظة الاستنارة التي تأتي بعد الاضطراب والتمزّق وانقسام الوجود إلى ذات وموضوع.
كيف تعرّف القارئ العربي على الهايكو؟
الهايكو قصيدة يجب أن تشتمل على مشهد بصري ودهشة، فالهايكو التقاطة بصرية يبحث الشاعر من خلالها عن شيء غير مألوف يُدهش القارئ. فأنا أقول:
قمر نيسان
آه.. كم يشبه قمر أيلول.
فهنا المشهد البصري هو مشهد القمر، والدهشة قد أتت من تشبيه الشيء بنفسه.
وأنا كمتلقّية أرى في هذه القصيدة ما يدل على أيام تتشابه وحياة تشبه بعضها.
كيف تنظر إلى الهايكو العربي؟
أعتقد أنه مازال في طور البدايات، وفي طور التشكّل وبناء التصوّرات، فمازالت هناك بعض الخلافات حول بناء الهايكو، فبعضهم يشترط وجود الإشارة إلى الفصل الطبيعي(خريف ـ شتاءـ ربيع ـ صيف) بشكل مباشر أو غير مباشر، وبعضهم لا يشترط ذلك. هناك خلاف حول وجود الدّهشة في النّص. رغم ذلك فإن شعر الهايكو العربي وخاصة في سورية قد بدأ مسيرته بقوّة، وهناك الكثير من الهايكست السوريين قد يضاهون الشعراء الكبار فيما يكتبون.
هل يمكننا أن نسمي الهايكو ومضة، فهي تشبه القصة القصيرة جداً من ناحية العمق والنضج والإيحاء؟
اسمها نص هايكو أو قصيدة هايكو.
برأيك هل العصر أوصلنا إلى الإيجاز، أم البلاغة في الإيجاز؟
أقول ما قاله لنا أحد الدكاترة في مرحلة الماجستير: الناس لم تعد بحاجة إلى المواعظ والخطب. وكتابة الهايكو ليست بالأمر السهل، فأقدم شاعر هايكو ياباني ماتسو باشو ظلّ ينقّح شعره طيلة حياته.
ماذا تحدّثنا عن تجربتك وقراءاتك؟
بدأت كتابة هذا النمط 2014، كنت أحصل دائماً على امتيازات وتقديرات من الجهات المهتمة بقصائد الهايكو على الصفحات الإلكترونية. وأطمح دائماً إلى كتابة نصوص نموذجيّة، وأكتب أيضاً قصيدة النثر. وأنا أجهّز ديواناً للنّشر. أقرأ من القدماء طرفة بن العبد وأبا تمّام وابن عربي والحلاج وغيرهم، وأحب المتنبي وعمر الخيام ودرويش وأدونيس لأنهم يغوصون أكثر في أعماق الإنسان.
هل تقارن بين الشعر القديم والحديث أم تجد أن لكلّ زمانه؟
لا أقارن أبداً بل أعدّ أن الشعر يجب أن يكون مناسباً لعصره فلو كان المتنبي أو أبو تمّام بيننا لكتبا شعراً بشكل مختلف، لذا لست مع التقييد في الشعر مع ضرورة وضع ضوابط عامة، لا تخرجه عن وصفه إبداعاً خلاّقاً بالصورة والخيال.
برأيك هل بقي هناك من يقرأ، وهل تتفاءل بالقارئ العربي الذي صار يجد الثقافة رفاهية في هذه الظروف الحياتية المعقّدة؟
انحسر فعل القراءة كثيراً، لكني أرى أن التكنولوجيا الحديثة قد أعادت الحياة للقراءة، فاهتمام النّاس بمواقع التواصل جعلهم يهتمّون أكثر بالثقافة. وأنا متفائل بالقارئ فالظروف قد أفرزت مبدعين جدداً يقتربون من الناس أكثر ويلمسون أوجاعهم، وليست الثقافة رفاهية بل ستظل حاجة، لابد لمن هو في موقع المسؤولية أن يساعد النّاس في الحصول عليها كما يحصلون على الطعام والشراب، فبالثّقافة نحيا ونرقى.
*ماذا ينتظر كتّاب الهايكو في سورية؟
**نحن كشعراء نتمنّى أن يهتم الإعلام بالنشاطات التي نقوم بها ويسلّط الضوء عليها. نود أن نعرّف النّاس على هذا النّمط الشعري الذي لا ينتمي إلى برج عاج، بل هو قريب جداً من الإنسان وواقعه. ويزداد طموحنا قليلاً لنتمنّى إدراجه في المناهج الدراسيّة.
وختاماً بقي لي أن أسأل ما موقف النقّاد من هذا النمط وهل سيبقى مدرجاً ضمن النثر أليس نمطاً شعرياً مادام يقوم على مقاطع صوتية. وهل يجب أن ندعمه أم هو يندرج ضمن إطار المترجم لأنه يسير على نمط شعري ياباني؟ إنها أسئلة تحتاج إلى الإجابة حقاً. فهو نمط يقدم فكرة ورؤيا. وهل سيكون ثمة مسابقات، ورعاية رسميةّ لمن يكتب هذا النمط

ثناء خضر السالم

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock