ما حاجة تركيا إلى قواعد عسكرية في ادلب؟
ركزت عناوين الأخبار اليوم على عزم تركيا إقامة 8 قواعد عسكرية في محافظة إدلب المتاخمة لحدودها الجنوبية، بحسب ما نقلته جريدة “يني شفق” التركية المقربة من الرئيس التركي رجب طيب أرودغان والمحسوبة على حكومة “العدالة والتنمية”، ومن دون ذكر مصدر معلوماتها أو أن يتكفل أي مسؤول تركي بالتصريح عن العملية التي أثارت ردود فعل كثيرة منددة قبل أن تبصر النور.
وأكد خبراء عسكريون لـ “الوطن أون لاين” أن لا حاجة لتركيا لإقامة أي قاعدة عسكرية في إطار تنفيذ أنشطتها الاستطلاعية الخاصة بتأسيس نقاط المراقبة الواردة في اتفاق “خفض التصعيد” مع الدولتين الأخريين الضامنتين له روسيا وإيران بموجب مفاوضات “أستانا” في جولتها السادسة منتصف الشهر الفائت.
وأضاف الخبراء بأنه في حال اقدمت تركيا على البدء بإقامة تلك القواعد فإنها تنقض مخرجات “استانا” وتنفض يديها من جولتها المقبلة المرتقبة نهاية الشهر الجاري، ولذلك لا مصلحة لها في الخروج عن الإجماع شبه الدولي الراضي عن عملية “أستانا” التفاوضية وما ينتج عنها إلا إذا أرادت اقتطاع ادلب وجعلها محمية دائمة لها أو ضمها إليها على غرار لواء اسكندرون، وفي ذلك مجازفة كبيرة تتعدى قدرة تركية ومطامحها في المنطقة.
ويرى الخبراء أنه وعلى الرغم من التعزيزات العسكرية الكبيرة التي وصلت اليوم إلى منطقة الريحانية المتاخمة لبلدة حارم بما يوحي أن الجيش التركي عازم على التدخل عسكرياً داخل حدود ادلب الإدارية إلا أن العملية قد لا تتعدى المناطق الحدودية فقط من دون الوصول إلى القواعد العسكرية الأربع المحددة في عمق المحافظة، ولذلك لم يستعبد الخبراء أن يكون تسريب المعلومات عبر “يني شفق” مجرد جس نبض للداخل والخارج عما تخطط تركيا لفعله في ادلب.
مصادر محلية في ادلب أشارت لـ “الوطن أون لاين” إلى أن قوات استطلاع من الجيش التركي زارت بالفعل خلال الأسبوع الفائت القواعد العسكرية الأربع التي تم اختيارها من أصل 8 قواعد وتزمع إنشائها كمقرات لعمليات الجيش التركي والتي تتركز في مطار تفتناز العسكري شمال شرق ادلب ومطار أبو الظهور العسكري شرقي المحافظة بالإضافة إلى قاعدة وادي الضيف العسكرية في ريف ادلب الجنوبي وجبل الشيخ بركات في ريف حلب الغربي والذي له أهمية كبيرة نظراً لإشرافه على مناطق واسعة من ادلب وحلب وعفرين حيث نشر الجيش التركي 3 نقاط استطلاع في محيطه قرب قلعة سمعان للإشراف على الطرق البرية المودية إلى عفرين التي تسيطر عليها وحدات “حماية الشعب”، ذات الأغلبية الكردية، لحصارها.
فهل تجازف أنقرة في الخروج عن سياق “استانا” وروحه لإيجاد حل لمعضلة ادلب التي تحوي أكثر من 15 ألف مقاتل من تنظيم القاعدة، وفق البيانات الأمريكية، أم تظل تراوغ وفق مصالحها وأهوائها ومطامعها لكسب أعداء جدد لا تقدر على مواجهتهم بعد أن تكفلت بالخيار السلمي للمحافظة لتجنيبها مصير الرقة والموصل ودير الزور؟.
والأهم من ذلك، ماذا فعلت الحكومة التركية في إطار جهود القضاء على “جبهة النصرة” المدرجة على قائمة مجلس الأمن وقائمة الخارجية الأمريكية وحتى التركية كمنظمة إرهابية يجب القضاء عليها، وهو مطلب دولي ملح لا ترضى واشنطن وموسكو ولا الدول الإقليمية التخلي عنه.
إدلب- الوطن أون لاين