سياسةعربي ودولي

محور الإرهاب يتصارع.. وقطر محاصرة

تصاعدت حدة الخلافات بين «محور الإرهاب»، فكان «الزلزال» أمس، كما وصفته عدة وكالات أنباء، وبوقت واحد قامت كل من السعودية والبحرين والإمارات، ثم مصر واليمن الموالي للسعودية، وليبيا، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع مشيخة قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية، والمجال الجوي أمام الطائرات القطرية، وألغيت رحلات الطيران، وأمهل القطريون أياماً لمغادرة هذه الدول، في حين أمهل السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي القطري 48 ساعة للمغادرة.

وعلى الرغم من «أسف» الدوحة لـ«هذه الإجراءات غير المبررة التي تهدف إلى فرض الوصاية عليها»، كما جاء في بيان لمجلس الوزراء القطري، إلا أن حملة إعلامية مسعورة نفذها الإعلام التابع لبني سعود استهدفت العائلة الحاكمة لقطر والشعب القطري دون استثناء.
ويأتي هذا الخلاف بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض وتسليمه «زعامة السنة» والخليج للسعودية، وسط طموح بني سعود بعدم السماح لأي صوت نشاز في الخليج العربي، وخاصة تجاه حربها بالوكالة عن إسرائيل، على إيران.

رسمياً، اتهمت كل من السعودية والإمارات والبحرين مشيخة قطر بـ«تمويل الإرهاب»، الأمر الذي تحول إلى باب للتندر والسخرية من المراقبين، على اعتبار أن حكام قطر لم يبدؤوا بتمويلهم الإرهاب الإخواني والقاعدي من الأمس، كما أن بني سعود ونظامهم الوهابي هم الممول الأكبر والمصدر الرئيسي للإرهابيين في العالم.

وعلى الرغم من قيام الدوحة أول من أمس بطرد زعماء حماس من أراضيها، تنفيذاً للقرار الأميركي بتصنيف حماس منظمة إرهابية، إلا أن ذلك لم يشفع لها أمام السعودية التي تريد أن ترى قطر دولة خاضعة لأوامرها وتحت سيطرتها كما هي البحرين.

الصراع المتفجر على ضفاف الخليج الجنوبية، هو الأول بين محور الإرهاب الذي أسس لتدمير سورية بالتعاون مع تركيا وتنظيم الإخوان المسلمين ودول غربية والولايات المتحدة الأميركية، والمرجح أن يتفاقم وسط خلافات حول قيادة ومرجعية العالم «السني» الذي أراده ترامب للسعودية في حين تطمح إليه كل من تركيا وقطر.

وخلال السنوات الماضية، عملت هذه الدول كافة على تمويل وتسليح وإيصال عشرات الآلاف من الإرهابيين من حول العالم إلى سورية لتدميرها، إلا أنها جميعها ومجتمعة، أخفقت أمام بطولات وتضحيات الجيش السوري وصمود السوريين.

وانضمت مصر إلى السعودية بعد معاناة وإرهاب طال أبناءها واقتصادها، وهدد مجتمعها قادة تنظيم الإخوان المسلمين المدعوم قطرياً وتركياً، واتخذت إجراءات صارمة بحق الدوحة التي عملت لسنوات مع أنقرة محاولة فرض الأخوان المسلمين على المصريين فكان الجيش المصري لها بالمرصاد.

أما ليبيا التي قصفتها الطائرات القطرية وتشاركت مع فرنسا على تدميرها وقتل زعيمها معمر القذافي، فبدورها انضمت (حكومة سرت) إلى السعودية وقطعت العلاقات مع قطر، في تأكيد على أن ليبيا باتت تحت التأثير السعودي حصراً.

بدورها احتفلت الصحف المصرية بسعود بن ناصر آل ثاني، المرشح الأبرز لخلافة تميم الذي تعتبره مصر والسعودية والإمارات «الوريث الشرعي» لأحمد بن علي، أول أمير لقطر بعد استقلالها عام 1971، وأطيح به بانقلاب أبيض على يد جد الأمير الحالي تميم عندما كان في زيارة إلى طهران، على حين رجح مراقبون أن تقدم الرياض على قيادة موقف لطرد قطر من الجامعة العربية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وبعد هذه الإجراءات، سارعت إيران لإعلان تضامنها الكامل مع قطر واضعة مجالها الجوي في خدمة القطريين ومعلنة استعدادها لتزويد الدوحة بكل ما يلزم من مواد غذائية ونفطية بعد إغلاق المنفذ الحدودي مع السعودية التي باتت اليوم العدو الأبرز لطهران وخصوصاً بعد القمة الأميركية التي استضافتها الرياض أخيراً وانتهت ببيان يتحدث عن تشكيل «ناتو إسلامي» بقصد محاربة النفوذ الإيراني في المنطقة.

وأجرى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، مجموعة اتصالات لبحث الأزمة القطرية بينها اتصال مع نظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وعلى غرار التقرب من إيران لجأت الدوحة إلى موسكو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فاتصل وزير خارجيتها بنظيره الروسي سيرغي لافروف الذي شدد على ضرورة تسوية الخلافات القطرية الخليجية عبر الحوار، كما زار السفير القطري في روسيا فهد بن محمد العطية نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وأجرى معه تقييماً للأوضاع المستجدة, قبل أن يبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاتفياً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان الأزمة القطرية.

وفي أبرز التداعيات، اعتبر وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن قرار عدد من الدول العربية قطع علاقاتها مع قطر، يمثل فرصة ممتازة لتوحيد الجهود مع إسرائيل في محاربة الإرهاب، وقال: «حتى الدول العربية بدأت تدرك أن الخطر على المنطقة ليس إسرائيل بل الإرهاب، إنها فرصة للتعاون»، وأعلن البنتاغون أن الولايات المتحدة ممتنة لقطر على دعمها للوجود العسكري الأميركي في أراضيها، فيما دعت الخارجية الأميركية إلى حل الأزمة الخليجية في أقرب وقت ممكن.

من جانبها أعادت السفيرة الأميركية في الدوحة دانا شيل سميث، نشر تغريدتين على «تويتر» أكدت خلالهما دعم قطر، فيما دعت سفارتها المواطنين الأميركيين الموجودين في البلاد إلى «البقاء متيقظين»، أما وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، فأبدى استعداد بلاده لتقديم جميع أنواع الدعم لتطبيع العلاقات بين دول الخليج.

الوطن – وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock