«معهد واشنطن»: حرب السعودية على لبنان اقتصادية
سلّط معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الضوء على التداعيات الاقتصادية لما وضفته بالحملة السعودية الجديدة ضد لبنان بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، مبيناً أنه «من خلال استهداف العمالة الوافدة والقطاع المالي والسياحة، سوف تسفر حملة السعودية الجديدة ضد لبنان من دون شكّ عن تداعيات على الاقتصاد اللبناني».
جاء ذلك في نتيجة لورقة بعنوان «حرب السعودية على لبنان» في «المرصد السياسي» حملت الرقم (2891) بقلم الصحفية اللبنانية والباحثة في معهد واشنطن حنين غدار، موضحة أن الاستراتيجية السعودية تسير على خطى سياسة «إسرائيل» القائمة منذ زمن طويل إزاء حزب الله في لبنان إذ «إن أي حرب مستقبلية ستطال مجمل البنية التحتية للدولة اللبنانية».
واستنتجت غدار في ورقتها أنه في الأشهر الأخيرة، أطلقت السعودية نسختها الخاصة لهذه الاستراتيجية، على الأقل اقتصادياً، في محاولة لفرض تغييرات على سلوك الدوحة.. مشيرةً إلى إعلان وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان في 6 تشرين الثاني بأنه «سيتمّ التعامل مع الحكومة اللبنانية.. كما لو أنها أعلنت الحرب على الرياض». علماً بأن تصريح السبهان جاء بعد يومين فقط من استقالة الحريري أثناء تواجده في الرياض «مفككاً ظاهرياً حكومته الائتلافية مع حزب الله وذلك بناءً على اقتراح السعودية على ما يبدو».
رأت غدار أن «مثل هذه الخطوات -والعديد من التدابير التي أُعلن عنها مؤخراً- سياسة سعودية عدائية جديدة تجاه لبنان». وبعد إشارتها إلى أن هذه المقاربة الجديدة التي تأتي بعد عقد تقريباً من المساعي السعودية الفاشلة لدعم تيار المستقبل الموجّه من السعودية والموالي للغرب برئاسة الحريري وحلفائه ضد حزب الله؛ قالت غدار: «يبدو أن الرياض المستاءة بسبب تنامي نفوذ حزب الله في بيروت قد قررت استهداف لبنان بأسره».
وأضافت: «يبدو أن الاستراتيجية السعودية الجديدة تستهدف اقتصاد لبنان المليء أساساً بالتحديات. وتقوم بذلك من خلال السعي إلى إضعاف 3 مجالات هشة على نحو أكبر، وهي: العمالة الوافدة، والقطاع المالي، والسياحة. وإذا نجحت المملكة في تحقيق هذا الهدف، فمن المؤكد تقريباً أن يكون لذلك أثر مدمّر على الحالة الوطنية».
واستعرضت الورقة بالتفصيل كيفية تأثر تلك القطاعات، وخلاصتها تأثر الحوالات الخارجية في لبنان التي تشكل 16 بالمئة من الناتج المحلي، حيث تُعتبر دول مجلس التعاون الخليجي التي تضم ما يقدّر بـ 400 ألف عامل مصدراً أساسياً لحوالات اللبنانيين. ونقلت غدار عن مصادر لبنانية أن ما يقرب من ثلثي هذا الدخل بأكمله يأتي من دول مجلس التعاون الخليجي، والأغلبية الساحقة من السعودية، وبالتالي توجيه «ضربةً أخرى للاقتصاد اللبناني المتباطئ. ولن يؤدي ذلك إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد فحسب، بل من المحتمل أن يرفع نسبة البطالة الكامنة عند 7 في المائة».
هذا وقد تؤثّر استقالة الحريري على عدد من البنود التي أقرتها حكومته في عام 2016، بما في ذلك الرسوم المنظمة للتنقيب بحراً عن النفط والغاز بالإضافةً إلى الميزانية الوطنية الجديدة، وهي الأولى في لبنان منذ اثني عشر عاماً، «وإذا ما أعقبت الاستقالة تدابير اقتصادية إضافية متشددة من جانب السعودية ودول الخليج الاخرى، فسيواجه لبنان المزيد من التحديات. وعلى وجه الخصوص، تأتي نسبة 80 في المائة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في لبنان من دول الخليج، حيث تصبّ 40 في المائة منها في القطاع العقاري».
مخاوف أخرى قد تؤثر سلباً في قيمة الليرة اللبنانية مصدرها ودائع المملكة لدى المصرف المركزي اللبناني (مصرف لبنان)، التي تقدّر بنحو 860 مليون دولار، «وهو المبلغ الذي أودعته السعودية أساساً من أجل المساعدة على استقرار الليرة اللبنانية حين انتُخب رفيق الحريري للمرة الأولى رئيساً للحكومة في عام 1992، ومن أجل دعم الحريري وخططه الاقتصادية للبنان، وافقت السعودية على إبقاء هذه الودائع في مصرف لبنان».
صحيح أن هذه الودائع تشكل عموماً 2 في المائة فقط من الاحتياطي الأجنبي في لبنان «إلّا أنّ سحبها قد يزعزع الثقة في مصرف لبنان، إن لم يساهم في زعزعة استقرار الليرة».
كما أن التجارة اللبنانية تستفيد من دول الخليج، التي تشكّل 20 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، «وإذا قررت دول مجلس التعاون الخليجي إيجاد موردين آخرين، فبإمكانها إيجادهم، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الميزان التجاري في لبنان، الذي كان يعاني عجزاً بنسبة 30 في المائة أو بقيمة 15.65 مليار دولار في عام 2016».
إضافة إلى مخاوف من تأثر قطاع السياحة بشكل كبير مع تراجع عدد السياح الخليجيين، خاصة الأثرياء منهم.
الوطن أون لاين