في محاولة لتسويغ فشلهم بـ«تدمير» الدولة السورية.. «معهد واشنطن» يطالب أمريكا بالعودة إلى «عقيدة باول»
سلّط معهد واشنطن الضوء على ما وصفه بـ«المشاكل المزمنة» التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية لجهة وضع استراتيجية في الشرق الأوسط، مقترحاً العودة إلى «عقيدة باول» التي وضعها خلال الثمانينات من القرن الماضي وزير الدفاع كاسبر واينبرجر والجنرال كولن باول، وذلك في محاولة للالتفاف على الشروط التي فرضها تقدم الجيش العربي السوري في الميدان، لاسيما فرض التراجع عن مخططات إسقاط الدولة بحكم الواقع، ما يجعل مطالبة المعهد بعيدة عن السياق الواقعي لمجريات الأحداث في سورية، علماً بأنه خلال التفاصيل يقرّ المعهد بفشل مخططات إسقاط الدولة ولكن عبر مناورة فاشلة، يتضح منها أن الهدف الرئيس هو تسويغ الفشل بالعودة إلى عقائد الثماننينات التي لم تكن تتحدث عن «الإطاحة بالأنظمة» بحسب المعهد!
جاء ذلك في مقال نشره المعهد؛ اشترك في كتابته كل من جيمس جيفري، وهو سفير الولايات المتحدة السابق لدى تركيا والعراق وألبانيا، ووائل الزيات وهو الرئيس التنفيذي لمؤسسة “إمغاج”، وقد شغل سابقاً منصب مستشار أقدم للشؤون السياسية للمندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور، ومنسق الاتصال في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون سورية.
رأى الكاتبان أن الولايات المتحدة تعاني مشاكل مزمنة لجهة وضع إستراتيجية، حيث أنها غالبًا ما تتداخل مع بعض الأهداف الأساسية، إضافةً إلى رد الفعل المفاجئ حيال المشاكل الأمنية يقوم على مبدأ ضرورة إصلاح الشرق الأوسط بكامله، الذي ظهر مع إدارة بوش في العراق وخطاب أوباما في القاهرة عام 2009. «وحتماً، تنبع مشاكل المنطقة الأمنية من عوامل سياسية واقتصادية وثقافية كامنة، لكن الولايات المتحدة فهمت منذ 2001 أنه لا يمكنها بسهولة إيجاد حل لاضطرابات هيكلية مماثلة، إنما عليها معالجة مظاهرها».
واقترحا لتحقيق هذه الغاية عودة أمريكا إلى «عقيدة باول» التي ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي، وهي مجموعة مبادئ وضعها وزير الدفاع آنذاك كاسبر واينبرجر والجنرال كولن باول، «وفي حين ترتبط العقيدة بالتزامات واسعة النطاق للقوات، يتناسب منطقها مع أي مشكلة سياسية-عسكرية، بما فيه عندما يكون عديد القوات محدوداً ويتولى الاقتتال البري شركاء محليون، كما حصل في البوسنة وكوسوفو».
وبحسب الكاتبان «يمكن تطبيق أول مبدأ في العقيدة الذي ينص على ضمان المصالح الحيوية التي هي على المحك في سورية». لأن اندلاع صراع بين إيران وحلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، في المنطقة دول خليجية وتركيا وإسرائيل.. «ومن شأن صراع مماثل، كما حصل في سبعينيات القرن الماضي، أن يوجه صفعة إلى صادرات المنطقة من النفط التي لا تزال ضرورية للاقتصاد العالمي.. علاوةً على ذلك، يدفع انعدام الاستقرار عموماً في الشرق الأوسط.. وتسببت الاضطرابات المستمرة بتشريد الملايين، ما زعزع أمن الدول المجاورة والاتحاد الأوروبي».
ولتطوير العقيدة بيّن الكاتبان أنها تنص على «وجوب أن تضع الولايات المتحدة أهدافًا سياسية وعسكرية واضحة من أجل تحقيق النصر. غير أنه ليس من الضرورة أن يكون هذا النصر شاملاً؛ فقد حدّده باول بعبارات محدودة خلال حرب الخليج – ألا وهو تحرير الكويت وليس الإطاحة بصدام حسين».
وأضافا «بما يشبه الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي للتصدي للسوفيات في أفغانستان وإيران في الخليج، يمكن أن يتمثل مثل هذا الهدف الأمريكي المحدود في سورية والعراق ما بعد داعش».
وفي سورية، بيّن الكاتبان أنه يمكن للولايات المتحدة أن تطبق أيضاً مبادئ العقيدة الرئيسة «من خلال حماية المكاسب المنجزة بشق النفس ضد “داعش” والاستفادة منها لحض أطراف معنية رئيسية على قبول الحد من التصعيد المستمر إلى حين التوصل إلى ترتيب سياسي أكثر استدامة».
وأضافا «هذا يعني مواصلة العمل مع اللاعبين المحليين من العرب والأكراد على السواء لطرد “داعش” من الرقة وغيرها من المناطق وتوفير الدعم الإنساني”.
واختتم المقال بأن هذه الإستراتيجية تتوافق مع مبدأ العقيدة الأخير «اللجوء إلى القوات الأمريكية كملاذ أخير فقط». مبيناً أنه قد سبق وحاولت الولايات المتحدة اللجوء إلى ملاذات أخرى عبر إستراتيجية أوباما الرامية إلى الاستفادة من الاتفاق النووي الإيراني ودبلوماسية وزير الخارجية آنذاك جون كيري المكوكية بشأن سورية من دون اللجوء إلى القوة، «غير أن هذه الإستراتيجية باءت بالفشل».
الوطن اون لاين