سوريةسياسة

نصر سورية قاب قوسين

كعادته، كان الرئيس بشار الأسد في حديثه لقناة «ويون» الهندية واضحاً وصريحاً في تقييمه للأوضاع العامة في سورية منذ بداية الحرب حتى يومنا هذا، وبشر السوريين أن الأوضاع باتت أفضل الآن، وأن المساحة التي يحتلها الإرهابيون بدأت بالتقلص شيئاً فشيئاً، قبل أن ينهي حديثه بأنه في حال لم يُدعم الإرهابيون أو يتوقف دعمهم من الغرب وحلفائه فإن الأسوأ بات وراءنا.

كل سوري كان يريد أن يسمع هذا الكلام من رئيس الدولة، فصحيح أننا جميعاً نشعر أن الأوضاع إلى تحسن، لكن حين يصدر هذا الكلام من أعلى مرجعية سياسية وعسكرية في سورية، فهذا يؤكد أن الحرب في سورية أصبحت على مشارف النهايات، وأن صمود وتضحيات السوريين جميعاً مدنيين وعسكريين، أتت بثمارها من خلال تثبيت مفهوم الدولة والحفاظ على المؤسسات كافة، والعودة التدريجية إلى حياة طبيعية في مختلف المناطق التي تحررت من الإرهاب.

يبقى التحدي الأهم هو ذاك المتمثل في الفكر الذي انتشر طوال هذه الحرب في سورية وخارجها وسبل مواجهته، وهذا لم يخفه الرئيس الأسد في حديثه، بل أشار إليه معتبراً أنه التحدي الأكبر الذي يمكن أن نواجهه على المدى القريب والبعيد.

هذا الفكر المبني على الحقد والتكفير والعقيدة الوهابية التي مولته وساهمت بشكل مباشر في نشره في سورية وفي كل أرجاء العالم، لا بد أن يواجه بفكر مضاد عبر التأكيد على روح الرسالة السماوية المتجسدة في فكر المحبة والتسامح والبناء، الذي أخذته والتزمت به المدرسة الدينية الشامية، إذا صح التعبير، واشتهرت على مر العصور باعتدالها وتنورها وانفتاحها على العالم والديانات والثقافات المتنوعة كما هي سورية في أساسها.

قبل الحوار مع القناة الهندية بأيام، كان الرئيس الأسد والسيدة عقيلته قد استقبلا عدداً من المخطوفين الذين تم تحريرهم بسواعد الجيش العربي السوري وبطولاته من منطقة برزة البلد في دمشق، ومن أهم ما جاء في اللقاء بين الرئيس والمخطوفين كانت عباراته عن ضرورة تكريس مفهوم المحبة بين الشعب الواحد ونبذ مفهوم الكراهية الذي يريد الإرهاب ومن خلفهم تكريسه في ثقافتنا، وقال الرئيس الأسد: «نحن لن نكون حاقدين لأننا سوف نكرس المحبة، فمقبرتهم هي المحبة، أما الحقد فيجعلنا نحفر قبراً لكل السوريين».

هذه المحبة التي تحدث عنها الرئيس الأسد هي تحديداً ما تحتاج إليه سورية اليوم، لنبدأ معاً مرحلة إعادة الإعمار وإنهاء الحرب في كل سورية بشكل كامل، وعودة كل مخطوف أو مفقود إلى عائلته الصغرى والكبرى.

صحيح أن الحرب لن تنتهي قبل عودة كل عسكري سوري إلى مقره، وعودة كل مخطوف ومفقود إلى عائلته الصغرى والكبرى، إلا أن القراءة الأولية في كلام الرئيس الأسد تشير إلى أن الحرب بدأت بوضع أوزارها، وأن سورية ماضية في طريق النصر حتى تحرير آخر شبر من أراضيها المحتلة من إرهابيين وجيوش أجنبية، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على صوابية الموقف السوري والإدارة الاستثنائية للحرب التي فضحت سياسات الدول الكبرى في استثمارها للإرهاب تنفيذاً لأجندات سياسية، وهذا ما أكده الرئيس الأسد في حواره الأخير، وقد زرعت، تلك الدول، خلافات ما بين حلفاء الحرب على سورية، فباتوا أعداء فيما بينهم، والسعودية وقطر خير مثال على ذلك.

لقد تأكد للعالم صوابية الموقف السوري في مواجهة الإرهاب الذي لا يمكن تصنيفه بين معتدل ومتطرف، وضرورة محاربة الوهابية أينما وجدت، ومحاربة كل فكر متطرف من داعش إلى الاخوان المسلمين لما يشكلونه من خطر على شعوب العالم.

إن انتصار سورية الذي لا بد أن نحتفل به قريباً، سيكرس أهمية استقلال الشعوب وقرارها السيادي، فالسوريون لا يمكن أن يكونوا عبيداً لدول ولا لعقائد، ولنتذكر جميعاً حين رفض الرئيس الأسد الخضوع للشروط الأميركية العشرة عام 2003 على حين خضع أمير مشيخة قطر للشروط كافة بعد اتصال هاتفي واحد من أسياده فطرد حماس ويستعد للتخلص من كل ما يمكن أن يزعج البيت الأبيض.

إن نصر سورية، سيكون مبنياً على المحبة أولاً، وعلى تمسك الشعوب باستقلاليتها وسيادتها، وعلى القيادة الواعية للحرب وأسبابها وتداعياتها.
وإن غداً لناظره قريب، فالنصر لا بد أن يكون حليف كل السوريين.

وضاح عبد ربه

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock