من الميدان

هل خدعت تركيا “النصرة” في ادلب؟

تزدحم الأسئلة والاستفسارات حول ما يجري في إدلب التي انضمت منتصف الشهر الماضي كمنطقة رابعة من مناطق “خفض التصعيد” كإحدى مخرجات الجولة السادسة من مفاوضات “أستانا”، وتتضارب التكهنات بخصوص علاقة الحكومة التركية بـ “جبهة النصرة” أو “هيئة تحرير الشام” بمسماها الجديد في ظل تسخين الوضع على حدود إدلب تارة وتهدئته تارة أخرى في ظل استكمال استعدادات الجيش التركي وميليشيا “درع الفرات” لدخول المحافظة.

لكن السؤال الأهم، برأي العديد من المراقبين العسكريين للتحركات التركية لـ “الوطن أون لاين”، هو: هل خدعت الاستخبارات التركية “النصرة” كي تسيطر على معظم مساحة إدلب الشهر ما قبل الفائت لإيجاد ذريعة التدخل فيها بحجة حماية المحافظة وسكانها من تدخل دولي قد تقوده واشنطن لطرد أكثر من 10 آلاف مسلح من أشرس مقاتلي تنظيم القاعدة، أو لاستباق عزم الجيش العربي السوري وحلفائه من استرداد ادلب على غرار حلب بعد التفرغ من معارك دير الزور التي حظيت بالأولوية.

ويرى المراقبون أن “النصرة”، التي خاضت معارك كثيرة على كامل الجغرافية السورية ضد الجيش العربي السوري وضد العديد من ميليشيات “الجيش الحر” وأقصت العديد منها من ادلب مثل “الفرقة 30″ و”حركة حزم” و”جبهة ثوار سوريا”، لديها من المكر السياسي والخبرة العسكرية ما يجعلها قادرة على تمييز النوايا التركية وهي التي ترعرعت في كنفها لسنوات عديدة واختبرت سياساتها في تأجيج الحرب السورية، ولذلك فمن المستبعد أن تقع في شراك استخباراتها بخلق الحجج للقضاء عليها أو لحل نفسها، على أقل تقدير.

ويؤكد هؤلاء أن حكومة “العدالة والتنمية” التركية أوجدت البيئة الخصبة المناسبة في ادلب وعلى مدار سنوات من الحرب السورية لجعلها حاضنة شعبية لتنظيم القاعدة وللحركات الإسلامية المتشددة، على الرغم من أهميتها الكبيرة لأمنها القومي، وذلك بغية إيهام الدول الكبرى الفاعلة في الأزمة عندما تتفرغ لادلب بأنها قادرة على حل مشاكلها وانتزاعها من أحضان “القاعدة” بطريقة تجنبها وتجنب سكانها، الذين ينوف عددهم عن مليون ونصف المليون شخص، السير على خطى الموصل والرقة ودير الزور، وقد حانت الفرصة المناسبة الآن لذلك.

ويشدد المراقبون على أن المفاوضات بين الاستخبارات التركية و”النصرة” لم تنقطع أبداً لتنسيق المواقف وإيجاد مخرج لا يكلف الطرفين خسائر بشرية وعسكرية ويقضي بانسحاب الأخيرة من المواقع والمناطق التي ستدخل إليها “درع الفرات” ومن خلفها الجيش التركي والمراقبون العسكريون الأتراك بموجب مخرجات “أستانا 6”.

أما غزوات “النصرة” وحلفائها من الميليشيات الرافضة لإدراج ادلب على قوائم “خفض التصعيد” في ريف حماة الشمالي فليس بعيد عن سياسة الهروب إلى الأمام من الاستحقاقات المطلوبة وللتغطية عن الأحداث التي سيشهدها ريف ادلب الشمالي بدخول “درع الفرات” والجيش التركي في مناطق محددة بموجب المرحلة الأولى من التدخل والتي ستليها مراحل اخرى تقود إلى مدينة ادلب ومدن حارم وأريحا ومعرة النعمان وجسر الشغور لاحقاً، وهي المدن الكبرى المكونة لمنطقة النفوذ التركي.

ويلفت المراقبون إلى أنه في عز الحشود والتصعيد العسكري التركي على الحدود مع ادلب راهناً يبرز الانسجام والتناغم مع “النصرة” بدليل قيام الأخيرة اليوم الأحد بحماية الوفد العسكري التركي الذي دخل من معبر أطمة ووصل إلى مدينة دارة عزة وجبل الشيخ بركات المطل عليها في ريف حلب الغربي لبحث إمكانية نشر مراقبين في المنطقة المشرفة على مناطق واسعة تحت سيطرة وحدات “حماية الشعب”، ذات الأغلبية الكردية، وصولاً إلى عفرين، الإقليم الثالث في الإدارة الذاتية الكردية بعد الجزيرة وعين العرب، عدا عن استطلاع مكان إقامة القاعدة العسكرية التركية الموعودة في قمة الجبل، وفق قول مصادر معارضة مقربة من ميليشيا “كتائب ابن تيمية” التي سيطرت على دارة عزة الأسبوع الفائت من “النصرة” لـ “الوطن أون لاين”.

إدلب- الوطن أون لاين

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock