انطلق اليوم الثاني من محادثات «جنيف6» وسط تكتم إعلامي، التزمت فيه كل الوفود المشاركة باستثناء وفد الرياض، الذي سرب عبر الإعلام الخليجي المرافق له، أهم الطروحات التي قدمها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للوفود المشاركة، والتي تمثلت بتقديم ورقة عمل واحدة، تتمحور حول الدستور فقط، واقتراح تشكيل «آلية تشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية».
وتضمنت الورقة إنشاء هذه الآلية، بمشاركة جميع الوفود وبرئاسة دي ميستورا وبشكل فوري، وهدفها كما جاء فيها: «تقديم الدعم للمباحثات السورية السورية بهدف المساعدة على تحقيق تقدم سريع يكون مبنياً على أسس قانونية ودستورية صلبة ورؤى قانونية محددة، وكذلك ضمان عدم وجود أي فراغ دستوري أو قانوني خلال عملية الانتقال السياسي المتفاوض عليها».
ويقترح دي ميستورا أن يترأس هو الآلية «مستعيناً بعدد من الخبراء من مكتبه، يضاف إليهم أعضاء تسميهم الحكومة السورية والوفود المعارضة، وقد يقوم المكتب الخاص لدي ميستورا، بالتشاور مع عدد من خبراء المجتمع المدني، باختيارهم من ضمن أعضاء غرفة دعم المجتمع المدني الذي سبق لدي ميستورا أن شكلها، وكذلك أعضاء من المجموعة الاستشارية النسائية وخبراء آخرون يقترحهم دي ميستورا».
وتنص الورقة على أن يبدأ عمل هذه الآلية بشكل فوري ومستمر، وما بين جلسات الحوار، بحيث تقدم العون الدستوري والقانوني خلال التفاوض حول السلال الأربع.
وعلمت «الوطن» من مصادر دبلوماسية غربية في جنيف، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن الورقة التي قدمها المبعوث الأممي «من الصعب القبول فيها بصيغتها الحالية لكل الأطراف، لكونها تقترح آلية تشاورية من خارج جدول الأعمال الذي سبق أن تم الاتفاق عليه، وأن هذه الورقة تحمل صفة «التشاورية» لكن ما بين سطورها صفة الإلزامية في مباحثات السلال الأربع، وهذا سيكون مرفوضاً وخاصة أن مهمة دي ميستورا هي تسيير الحوار بين السوريين وعدم التدخل فيه».
وقالت المصادر: إن «دمشق سبق أن وافقت خلال زيارة رمزي عز الدين رمزي على أن يكون هناك فريق قانوني يبحث في سلة الدستور، لكن اشترطت أن يكون سورياً سورياً ومن دون تدخل خارجي وغير مسيس وغير ملزم، وهذا غير متوفر في وثيقة المبعوث الأممي الذي أدخل عناصر وخبراء أجانب في الآلية التي اقترحها، وعناصر من غير المتفاوضين ذوي أجندات قد تكون مجهولة، وقدم الآلية التي اقترحها على أنها «مساعدة» في المفاوضات حول السلال الأربع».
وأضافت المصادر: أن «دمشق كانت وافقت على أن يكون هناك عضوان اثنان من كل وفد مفاوض من الخبراء القانونين والدستوريين، يعملون ضمن لجنة فيما بينهم، لتقديم ورقة مبادئ دستورية غير ملزمة وغير ناظمة أو حاكمة لسير المفاوضات، لكن دي ميستورا قدم ورقة مختلفة كلياً عما اقترحه رمزي عز الدين رمزي في دمشق».
ووفقاً لمصادر قريبة من دي ميستورا فإن الجلسات السريعة بين المبعوث الأممي والوفود المشاركة في جنيف، تهدف إلى الاستماع إلى الملاحظات حول الورقة التي قدمها، وهناك نقاش معمق مع مختلف الوفود حول قانونيتها وجدواها، وخاصة أن الجولة الحالية التي تنتهي غداً، قد لا تناقش أياً من السلال الأربع المتفق عليها وستكتفي بالبحث في مقترح المبعوث الأممي.
ولم يصدر عن دمشق أو عن وفدها المفاوض، أي موقف أو معلومات حول ما يجري داخل قاعات الحوار مع دي ميستورا، لكن الملاحظ كان سرعة اللقاءات مع المبعوث الأممي التي لا تستمر أكثر من ساعة في هذه الجولة، في حين كانت تستمر لأكثر من ساعتين وفي بعض الحالات ثلاث ساعات في الجولات السابقة.
ووفقاً للمصادر الدبلوماسية التي تحدثت إليها «الوطن» في جنيف، فإن دي ميستورا «يريد إرضاء كل الأطراف من خلال طروحات من خارج جدول الأعمال، لكنه لن يكون قادراً بطبيعة الحال على فرض رؤيته، وخاصة في مسألة الدستور، الذي يجب أن تنحصر بين السوريين أنفسهم وبعيداً عن أي تدخل عربي أو أجنبي كان، على أن يخضع لاستفتاء شعبي يوافق عليه الشعب السوري».
الوطن