في اليوم الخامس من وجود الوفود كافة في جنيف لا يمكن الحديث عن أي تقدم يذكر وعلى جميع الصعد، فالعقدة الأساسية التي تتمثل بتشكيل وفد واحد للحوار مع وفد الجمهورية العربية السورية يحاول «وفد الرياض» عدم التطرق إليها لما تسبب له من إحراجات ويقفز من فوقها ليدخل في صراع التفسيرات ولاسيما تفسير للبند الأول من «خطة عمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا» المتعلقة بالحكومة أو الحوكمة والتي تريد منصة الرياض تفسيرها على أنها «تسليم للسلطة» لهم حصراً دون أن يروا أي حاجة لبحث البنود المتبقية قبل الانتهاء من البند الأول.
وقال مصدر قريب من دي ميستورا لـ«الوطن»: إن العقد متعددة في جنيف، وأولها كانت تشكيل وفد واحد، وهذا ما لم ننجح فيه، وثانيها الخلافات القائمة داخل «وفد الرياض» ذاته بين ممثلي الفصائل المسلحة والسياسيين، وثالثها عقدة تفسير القرار 2254 الذي يريدون له أن يكون قرار (جنيف 1) حصراً من دون الدخول في تفاصيل القرار.
وتحدث المصدر عن محاولات قام بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة في محاولة فرض جدول أعمال يتجاوز كل هذه العقد، إلا أن «وفد الرياض» مصر على أن لا مفاوضات قبل تأسيس هيئة انتقالية واستلام الحكم في سورية.
وأكد المصدر أن القرار 2254 واضح تجاه هذه النقطة بالذات إذ يؤكد على تأسيس «جسم انتقالي» بالتوافق بين جميع الأطراف، لكن هنا في جنيف هناك العديد من المعارضين يتجنبون الحديث عن «التوافق بين جميع الأطراف» ويكتفون بالمطالبة فقط بهيئة انتقالية تهيمن عليها مجموعة الرياض من دون سواها.
وأخفقت حتى الآن مساعي «وفد الرياض» في فرض أجندتهم حول اجتماع «جنيف 4» ولا يزال يتجاهل باقي المنصات ويرفض مبدأ تشكيل الوفد الواحد، ما يجعل وفد الجمهورية العربية السورية من دون شريك في أي حوار.
وأمس وصل نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إلى جنيف في محاولة لتذليل عقبات التمثيل ضمن الوفد الواحد حيث سيجتمع بالوفود المشاركة في محاولة لدفع المفاوضات إلى الأمام، والتقى مساء أمس مع دي ميستورا ضمن مساعيه لدفع المحادثات، إلا أن «وفد الرياض» استبق زيارة غاتيلوف بالترويج لأكاذيب كان منها انسحاب الوفد السوري من مفاوضات جنيف الأمر الذي نفاه مصدر داخل وفد الجمهورية العربية السورية مؤكداً أن «هذه الإشاعات المتكررة من قبل قناتي «العربية» و«الجزيرة» تأتي في سياق سعيهما للتشويش على المحادثات ومحاولة إفشالها وهو ما يتناغم مع مواقف حكومتي السعودية وقطر اللتين تواصلان دعم الإرهاب في سورية وإفشال كل ما يمكن أن يوقف سفك الدماء السورية.
وشدد المصدر على أن الوفد مستمر في المحادثات كما هو مقرر من قبل الأمم المتحدة، وسيلتقي بعد ظهر اليوم دي ميستورا، ولن يألو جهداً في استثمار أي فرصة حوار يمكن أن توفر الحماية للشعب السوري ووقف سفك الدماء.
ويحاول وفد الرياض منذ وصوله تخريب هذه الجولة من المفاوضات من خلال، أولاً منع تشكيل وفد واحد كما ينص عليه القرار 2254، وثانياً من خلال رفض الامتثال لنص القرار 2254 ومحاولة تفسيره بالطريقة التي تلائمهم فقط، وأخيراً من خلال كيل الاتهامات إلى الدولة السورية خلافاً لما طالب به دي ميستورا، الأمر الذي يعيدنا إلى سيناريوهات جنيف السابقة حيث عرقل «وفد الرياض» باستمرار الحوار وتهرب منه لكونه لا يُؤْمِن إلا بالحل العسكري كما سيده في الرياض.
ومن العاصمة الكازاخية أستانا أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه مع الرئيس نور سلطان نزارباييف أمس، بحسب وكالة «سانا»، أن اجتماعات أستانا حول الأزمة في سورية «انتهت بنتائج مهمة وتم إنشاء آلية للرقابة على وقف الأعمال القتالية وأن ذلك هو القاعدة الأهم التي سمحت بمواصلة محادثات جنيف».
الوطن