وجه الكثير من أعضاء مجلس الشعب في افتتاح الدورة العادية للمجلس بحضور الفريق الحكومي برئاسة خميس انتقادات لاذعة عبر بعضهم من خلالها عن عدم الرضا عن الأداء الحكومي وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع أسعار الصرف أمام الليرة كما وصف البعض أن بيان رئيس الحكومة عماد خميس الذي تلاه في افتتاح الجلسة غير موفق ومكرر عن الجلسات الأخرى وآخرون رأوا أن الحكومة فشلت في هذه الأزمة.
وافتتح رئيس المجلس حموده صباغ الجلسة التي استمرت لثماني ساعات وشهدت فترات متفاوتة ما بين سخونة في المداخلات وفتور في بعض الأحيان بقوله: نريد أن تتخطى هذه الدورة سابقاتها بنوعية الأداء وصورته، مضيفاً: نعاهد أنفسنا بالعمل على اللحاق في مجال عملنا بالأداء العظيم لجيشنا البطل، مضيفاً: صحيح أنه من الصعب الوصول إلى ذاك الأداء لكن علينا الاقتراب منه إبداعاً وتضحية ووفاء للوطن والشعب والقائد.
وأضاف صباغ: ما حققه الجيش العربي السوري من إنجاز نوعي ومفصلي في مسار الحرب على الإرهاب من خلال تحرير مناطق في ريفي حماة وإدلب شكل صفعة قوية على وجه الوالي العثماني الذي عطل كل الاتفاقات واستمر في عناده واحتلاله.
بعدها داخل 80 نائباً واستمرت مداخلاتهم أكثر من أربع ساعات حتى أن رئيس المجلس صباغ قرر أخذ استراحة على أن تعود الجلسة مجدداً لاستكمال مداخلة الأعضاء فقال النائب وليد درويش: نتحدث دائماً عن مضاربين فلماذا لم يتم ضربهم ويتم أخذ حق الدولة والمواطنين باعتبار أنه أولوية للجميع.
وشدد زميله حسين حسون إلى ضرورة الإسراع بالتنسيق الدائم والآني بين السياسة النقدية والمالية وأن يستقل مجلس النقد والتسليف عن حاكم المصرف المركزي الذي يترأسه، مضيفاً: من المعروف أن تداول العملات الأجنبية يكون في التبادل التجاري الخارجي وليس الداخلي فإذا كان هناك تجاوز لهذا الأمر فهذا يعني أن هناك ضعفاً في السياسة النقدية التي يجريها مجلس النقد والتسليف.
ودعا حسون إلى توسيع قاعدة مجلس النقد والتسليف لتشمل المصارف العامة والعمل على استقرار سعر الصرف والحفاظ على احتياطي القطع الأجنبي وتثبيت وزيادة الرقابة التموينية على الأسواق.
ووجه النائب بسيم الناعمة انتقاداً لاذعاً لفريق الحكومة واعتبر أن بيان رئيس الحكومة الذي تلاه تحت القبة غير موفق وهو لا يلامس الحدود الدنيا لمعيشة المواطنين الذين ضحوا بكل ما هو غال ونفيس من أجل عزة وصمود سورية.
ورأى الناعمة أن هذا الشعب لم يعد يقبل الأعذار المنطقية فكيف بغير المنطقية، مشيراً إلى أن تخبط الفريق الاقتصادي هو السبب في عدم استقرار سعر الصرف، ومطالباً أن تكون الحكومة أكثر وضوحاً وشفافية.
وأشار النائب موعد ناصر أن اجتماع الفريق الاقتصادي خفض سعر صرف الدولار أمام الليرة 100 ليرة تقريباً وخلال ساعات، متسائلاً: أين نحن من وضع الضوابط التي تلجم ارتفاع سعر صرف الدولار وجنون الأسعار.
وأضاف ناصر: ذكرت سابقاً تحت هذه القبة أننا تعبنا في حين أقول حالياً: بدأنا نلفظ أنفاسنا الأخيرة، معتبراً أن جنون الأسعار غير محمول بكل السلع والمواد، متسائلاً: أين لجنة تحديد الأسعار التي من الممكن أن تضع أسعاراً مقبولة إلى حد ما.
واعتبر النائب أيمن بلال أن المواطن لا يهمه إن ارتفع الدولار أم انخفض فكل ما يهمه أن يحصل على لقمة عيشه بشكل مستمر ومستقر وهذا ما فشلت فيه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لافتاً إلى أن كلاً من الفلاح والمواطن مظلومان فالأول يبيع بأقل الأسعار في حين الثاني يشتري بأعلى الأسعار نتيجة عدم ضبط الأسعار.
ودعا زميله محمد خير سريول إلى إلغاء الدعم عن مادة المازوت والصحة ومنح كل مواطن بطاقة فيها مبلغ بديل عن هذا الدعم وبطاقة تأمين صحي لأن ذلك يخفف الهدر في ميزانية الدولة.
وفي مداخلة له تحت القبة شدد سريول على وزارة المالية ضبط الحدود وضبط المهربين لأن ذلك يخفف الطلب على القطع الأجنبي، متسائلاً: لماذا لا تقوم وزارة المالية بعمل استثنائي مثل وزارات الصحة والكهرباء والدفاع والأشغال.
وأشار النائب عارف الطويل إلى أن الحكومة استطاعت تخفيض سعر الدولار خلال ساعات، متسائلاً لماذا لم يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء منذ سنوات وهل هذا الحل إجراء إسعافي آني أم طويل المدى، مطالباً الحكومة بالكشف عن المتسببين بأزمة ارتفاع الدولار.
ورأى زميله مجيب الرحمن دندن أن الأداء في معركة إعادة الإعمار ضعيف، مشيراً إلى أن مستوى الأجور التنمية التي تبحث عنها الحكومة لا يمكن تحقيقها إلا بمحاربة الفساد، معرباً عن أمله في أن تفي الحكومة بوعودها حول المسرحين وتوظفهم مباشرة. وطالب دندن الحكومة أن تنظر إلى متوسط أعمار موظفي الدولة والذي اقترب من الخمسين سنة، مشدداً على ضرورة إيجاد الحلول لذلك.
مكافحة الفساد تحت المجهر
ورأى النائب مازن عزوز أن الحكومة ذهبت إلى ما أبعد ما يكون عن الشفافية وتنفيذ توجيهات الرئيس بشار الأسد، معتبراً أن هذه الحكومة فشلت في التعامل مع الأزمات وخصوصاً تحسين الواقع المعيشي للمواطنين ومحاسبة الفاسدين.
معاناة ذوي الشهداء
وقالت النائبة ديما سليمان: كل يوم مضطرون أن نذكّر الحكومة بمن دافع عن البلد، معربة عن استغرابها بأن رئيس الحكومة أو بعض الوزراء لم يروا أن جريحاً طالب بحقه عبر صفحات «فيسبوك» أو ذوي شهيد من قوى رديفة بحاجة إلى الطعام في حين يشاهدون تعليقاً موجهاً لإحدى الوزيرات ومن ثم يتخذون إجراءات بحق صاحب التعليق.
وفي مداخلة لها تحت القبة أضافت سليمان: في الأساس خاطر ذوي الشهداء والجرحى مكسور، مشيرة إلى أن هناك من ذوي الشهداء انتظروا خمس سنوات لتحرير مدينة خان شيخون في ريف إدلب حتى يتمكنوا من العثور على جثامين شهدائهم.
وأكدت سليمان أن الضباط وصف الضباط في خان شيخون هم الذين حالياً يبحثون عن جثامين الشهداء في حين المحافظ كانت مهمته التقاط صورة في مدخل المدينة ولم يعمل شيئاً، معتبرة أن هناك قلة احترام لذوي الشهداء وبأن هناك قرارات تهين وتجرح ذوي الشهداء.
ورأى أيمن بلال أن التكريم الحقيقي لذوي الشهداء يكون بإصدار قرار يمنع بيع بيت الشهيد للحفاظ على كرامة أسرته وليس تكريمه في «الحفلات والدبكات».
واعتبر النائب عبد الواحد رزوق أنه حتى الآن لم تبت الحكومة في موضوع الشهداء في القوات الرديفة للجيش العربي السوري الذين قدموا أرواحهم، مشدداً على ضرورة الإسراع في عودة الأهالي إلى مناطقهم المحررة حديثاً وآخرها خان شيخون.
وقالت زميلته خولة زينب: هل يعقل وضع جريح من جرحى الجيش العربي السوري في السجن نتيجة عدم معرفة والدته بضرورة تقديم ورقة نقاهة له تثبت بأنه جريح، مضيفة: وهو في السجن ينتظر التسوية، مطالبة بتحديد مدة خدمة العلم وبالتالي يلتحق الشباب بالخدمة.
واقع المعلمين
وأشار النائب عهد الكنج إلى موضوع تحسين معيشة المعلمين المادية والمعنوية، معرباً عن أمله في أن يكون هناك اجتماع خاص من الحكومة لتخصيص جلسة لمعالجة أوضاعهم.
وفي مداخلة له أكد الكنج أن هناك ما يقرب من 600 ألف معلم، متسائلاً: ألا يستحقون كل هذا الاهتمام.
الحكومة لا تطبق مبدأ فصل السلطات
وأكد النائب محمد خير العكام أن مبدأ فصل السلطات لم يرق إلى مستوى التطبيق لدى الحكومة كما يجب، موضحاً أن هناك ضرباً بعرض الحائط بكثير من الأحكام القضائية المبرمة وإصراراً حكومياً على عدم تنفيذها.
وفي مداخلة له تحت القبة رأى العكام أن الواقع الضريبي في البلاد بات مزرياً بمعنى وجود ثبات ضريبي ولا تعديل في القوانين، مشيراً إلى أن أولويات الحكومة القانونية ليست في مكانها الصحيح، معتبراً أن هناك قوانين كبرى لابد من إعادة النظر فيها فليس من المقبول أن يبقى قانون الاستثمار في تجاذب بين بعض الوزارات.
وأشار إلى أن التأخير في تعديل قانون مكافحة الإرهاب بات يؤثر على مصلحة الدولة السورية، مشدداً على ضرورة تعديل قانون أصول المحاكمات.
وأشار خميس في بيان للحكومة تلاه بداية الجلسة إلى العدوان الاقتصادي الجديد الذي يشن على الاقتصاد السوري عموما وعلى معيشة المواطن ومصدر رزقه خصوصا ازدادت آثاره السلبية في ظل الحصار الخارجي الذي تقوده الولايات المتحدة ويستهدف احتياجات البلاد من المشتقات النفطية والسلع الغذائية والتكنولوجيا وكذلك التحريض المستمر على سعر صرف العملة الوطنية والمضاربة عليها عبر أدوات إقليمية ودولية علناً وباعتراف مسؤولي الإدارة الأمريكية.
وأكد خميس أن الحكومة تواصل العمل لمواجهة العدوان الاقتصادي مركزة بشكل أساسي على تعزيز دورة الإنتاج المحلي للتقليل من حجم المستوردات وتحقيق جزء لا بأس به من أمنها الاقتصادي بالتعاون مع القوى والفعاليات الاقتصادية الوطنية وتحقيق استقرار سعر الصرف وتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
وأوضح خميس أن الأولوية الحكومية تركزت على إنعاش القطاع الزراعي الذي تعرض لدمار وتخريب بهدف تأمين احتياجات المواطنين من السلع الغذائية باعتبار هذا القطاع الحامل الأساسي لمنظومة الأمن الغذائي موضحاً أن العمل جار على هيكلة هذا القطاع بغية إنتاج نهضة زراعية.
وبين خميس أن عدد الأسر العائدة إلى أراضيها خلال الموسم الزراعي 2018- 2019 بلغ نحو 274 ألف أسرة أي ما يقرب من 3ر1 مليون مواطن عادوا إلى حقولهم ومزارعهم أغلبهم في محافظات حلب ودير الزور ودرعا، وأن إجمالي المساحة الزراعية المحررة بلغ نحو 855 ألف هكتار دخل منها في دائرة الاستثمار نحو 525 ألف هكتار
ولفت خميس إلى أن الحكومة حرصت على إقلاع العديد من الشركات الصناعية الحكومية المتوقفة وأن 17 شركة استأنفت العمل بشكل كامل أو جزئي تضاف إلى نحو 16 شركة أدخلت خطوط إنتاج جديدة أو قامت بتطوير المنتج لديها ما أسهم بارتفاع قيمة العقود الموقعة لدى جهات وزارة الصناعة بغية تصريف الإنتاج والمخازين خلال العام الحالي إلى ما يزيد على 200 مليار ليرة، لافتاً إلى ما قدمته الحكومة للصناعيين في القطاع الخاص من تسهيلات وخدمات أثمرت عن الإقلاع أو البدء بتأهيل ما يقارب 82 ألف منشأة صناعية وحرفية من أصل 131 ألفا أي ما نسبته نحو 63 بالمئة مبينا أنه يجري العمل على إعادة النظر بالرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية الداخلة في الصناعة وتبسيط الإجراءات اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج والاستمرار بسياسة ترشيد استيراد المنتجات المصنعة محلياً التي تكفي حاجة السوق المحلية.
وبين أنه تم التعاقد على مشروعات سياحية منذ بداية العام الحالي بكلفة استثمارية تصل لنحو 18 مليار ليرة كما شهد هذا العام دخول 149 منشأة سياحية في الخدمة كلفتها الاستثمارية بالأسعار الجارية تتجاوز 67 مليار ليرة تضاف إلى 19 منشأة عادت للعمل بكلفة استثمارية تتجاوز 16 مليار ليرة.
ولفت خميس إلى أن تحسين واقع قطاع الكهرباء، منوهاً بأنه يجري العمل لتنفيذ نحو ستة مشروعات هي الأضخم وبكلفة تتجاوز 1500 مليار ليرة كمحطة توليد اللاذقية بكلفة 213 مليارا والاستمرار بتنفيذ توسع محطة دير علي بكلفة 400 مليار ليرة والإعلان عن تنفيذ محطة توليد في حلب بأكثر من 500 مليار ليرة.
واختتم خميس كلمته قائلاً: لا يزال أمامنا جميعا عمل كثير ونعترف أن ما أنجزناه دون طموحات شعبنا لكننا سنظل مصممين على أن سورية تستحق الأفضل دوماً.
لقطات برلمانية
طلب النائب محمد قبنض بأن يكون هناك بدل خارجي للاحتياط حتى يتسنى لمن هم خارج البلاد العودة.
وجه بعض النواب انتقادات حادة لوزراء بعينهم حتى باتت ملامح بعض الوزراء غاضبة وفق ما رصدته الكاميرا.
حينما تحدث أحد النواب عن زيادة الرواتب غادر وزير المالية القاعة فتوقف عن مداخلته، فتدخل صباغ بقوله: لماذا توقفت، فأجابه النائب: غادر وزير المالية، رد عليه الصباغ: موجود رئيس مجلس الوزراء وباقي الفريق الحكومي وهم يستمعون لك.
أثناء مداخلة النائب وائل ملحم شاهد بعض الوزراء يضحكون فعلق على الموضوع: هناك وزراء يضحكون ونحن لسنا هنا لنضحك إذا كان الأمر كذلك حتى أجلس.
تم أخذ استراحة تم من خلالها توزيع المشروبات والكيك على نواب المجلس والفريق الحكومي.
محمد منار حميجو – الوطن